مثلا. قَوْله: ليهريق بِفَتْح الْهَاء وسكونها وَقَالَ الْكرْمَانِي: الإهراق هُوَ الْمَحْظُور الْمُسْتَحق لمثل هَذَا الْوَعيد لَا مُجَرّد الطّلب، ثمَّ أجَاب بقوله: المُرَاد الطّلب الْمُرَتّب عَلَيْهِ الْمَطْلُوب، أَو ذكر الطّلب ليلزم فِي الإهراق بِالطَّرِيقِ الأولى، وَقَالَ الْمُهلب: المُرَاد بهؤلاء الثَّلَاثَة أَنهم أبْغض أهل الْمعاصِي إِلَى الله تَعَالَى فَهُوَ كَقَوْلِه: أكبر الْكَبَائِر، وإلَاّ فالشرك أبْغض إِلَى الله من جَمِيع الْمعاصِي.
١٠ - (بابُ العَفْوِ فِي الخَطَإِ بَعْدَ المَوْتِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عَفْو ولي الْمَقْتُول عَن الْقَاتِل فِي الْقَتْل الْخَطَأ بعد موت الْمَقْتُول، وَلَيْسَ المُرَاد عَفْو الْمَقْتُول لِأَنَّهُ محَال، وَإِنَّمَا قَيده بِمَا بعد الْمَوْت لِأَنَّهُ لَا يظْهر أَثَره إلَاّ فِيهِ إِذْ لَو عَفا الْمَقْتُول ثمَّ مَاتَ لم يظْهر لعفوه أثر لِأَنَّهُ لَو عَاشَ تبين أَن لَا شَيْء لَهُ بعفوه عَنهُ. وَقَالَ ابْن بطال: أَجمعُوا على أَن عَفْو الْوَلِيّ إِنَّمَا يكون بعد موت الْمَقْتُول، وَأما قبل ذَلِك فالعفو للقتيل خلافًا لأهل الظَّاهِر فَإِنَّهُم أبطلوا عَفْو الْقَتِيل.
٦٨٨٣ - حدّثنا فَرْوَةُ، حدّثنا عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، عنْ هِشَام، عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ: هُزِمَ المُشْرِكُونَ يَوْمَ أُحُدٍ.
وحدّثني مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا أبُو مَرْوانَ يَحْيى بنُ أبي زَكَرِيَّاءَ، عنْ هِشامٍ، عنْ عُرْوَةَ، عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: صَرَخَ إبْلِيسُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي النَّاسِ: يَا عِبادَ الله أُخْراكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاهُمْ عَلى أُخْرَاهُمْ حتَّى قَتَلُوا اليَمانَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أبي أبي فَقَتَلُوهُ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ: وقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُم قَوْمٌ حتَّى لَحِقوا بالطائِفِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: غفر الله لكم لِأَن مَعْنَاهُ: عَفَوْت عَنْكُم، لِأَن الْمُسلمين كَانُوا قتلوا الْيَمَان أَبَا حُذَيْفَة خطأ يَوْم أحد فَعَفَا حُذَيْفَة عَنْهُم بعد قَتله.
وَقد أخرج أَبُو إِسْحَاق الْفَزارِيّ فِي السّير عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخطَأ الْمُسلمُونَ بِأبي حُذَيْفَة يَوْم أحد حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَة: يغْفر الله لكم وَهُوَ أرْحم الرَّاحِمِينَ: فبلغت النَّبِي فزاده عِنْده خيرا ووداه من عِنْده.
وفروة شيخ البُخَارِيّ بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وبالواو ابْن أبي المغراء أَبُو الْقَاسِم الْكِنْدِيّ الْكُوفِي وَعلي بن مسْهر بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من الإسهار بِالسِّين المهلمة وَالرَّاء، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
وَأخرجه من طَرِيقين: أَحدهمَا: هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ، وَسقط هَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر. وَالثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن حَرْب بياع النشا بالنُّون والشين الْمُعْجَمَة الوَاسِطِيّ عَن أبي مَرْوَان يحيى بن أبي زَكَرِيَّا الغساني الشَّامي سكن وَاسِط. قيل: ظَاهره أَن الرِّوَايَتَيْنِ سَوَاء، وَلَيْسَ كَذَلِك، وسَاق الْمَتْن هُنَا على لفظ أبي مَرْوَان، وَأما لفظ عَليّ بن مسْهر فقد تقدم فِي: بَاب من حنث نَاسِيا، فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور. وَمر الحَدِيث فِي: بَاب صفة إِبْلِيس فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن زَكَرِيَّا بن يحيى عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، وَمر الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: أخراكم أَي: اقْتُلُوا أَو احْذَرُوا. قَوْله: حَتَّى قتلوا الْيَمَان أَي: قتل الْمُسلمُونَ الْيَمَان بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَتَخْفِيف الْمِيم وبالنون وَهُوَ وَالِد حُذَيْفَة. قَوْله: أبي أبي أَي: قَالَ حُذَيْفَة: هَذَا أبي، أبي لَا تقتلوه، وَلم يسمعوا مِنْهُ فَقَتَلُوهُ ظانين أَنه من الْمُشْركين فَدَعَا لَهُم حُذَيْفَة. قَالَ الْكرْمَانِي: فَدَعَا لَهُم وَتصدق بديته على الْمُسلمين. وَقَالَ الْخطابِيّ: فِيهِ: أَن الْمُسلم إِذا قتل صَاحبه خطأ عِنْد اشتباك الْحَرْب لَا شَيْء عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع الازدحامات إلَاّ إِذا فعله قَاصِدا لهلاكه. قَوْله: مِنْهُم أَي: من الْمُشْركين. قَوْله: بِالطَّائِف وَهُوَ الْبَلَد الْمَشْهُور وَرَاء مَكَّة، شرفها الله.
(بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطئا وَمن قتل مُؤمنا خطئاً فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة ودية مسلمة إِلَى أَهله إِلَّا أَن يصدقُوا فَإِن كَانَ من قوم عَدو لكم وَهُوَ مُؤمن فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة وَإِن كَانَ من قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق فديَة مسلمة إِلَى ؤهله