للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: وَهِي طرف الْأنف، وَتجمع على: أرانب، وَالْألف فِيهِ زَائِدَة، وَلِهَذَا ذكره الْجَوْهَرِي فِي بَاب: رنب، قَوْله: (تَصْدِيق رُؤْيَاهُ) ، بِإِضَافَة التَّصْدِيق إِلَى الرُّؤْيَا، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: أثر الطين وَالْمَاء على جَبهته هُوَ تَصْدِيق رُؤْيَاهُ وتأويله.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: مَشْرُوعِيَّة الِاعْتِكَاف، وَسَيَجِيءُ الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب الِاعْتِكَاف. وَفِيه: أَن لَيْلَة الْقدر فِي أوتار الْعشْر الْأَخير، وَسَيَجِيءُ الْكَلَام فِيهِ أَيْضا. وفيهَا: جَوَاز السَّجْدَة فِي الطين، وَلَكِن الحَدِيث مَحْمُول على أَنه كَانَ شَيْئا يَسِيرا لَا يمْنَع مُبَاشرَة بشرة الْجَبْهَة الأَرْض، وَلَو كَانَ كثيرا لم تصح صلَاته، وَهَذَا هُوَ قَول الْجُمْهُور، وَاخْتلف قَول مَالك فِيهِ، فروى أَشهب عَنهُ أَنه: لَا يجوز إلاّ السُّجُود على الأَرْض، على حسب مَا يُمكنهُ. وَقَالَ ابْن حبيب: مَذْهَب مَالك أَن يومىء إلاّ عبد الله بن عبد الحكم فَإِنَّهُ كَانَ يَقُول: يسْجد عَلَيْهِ وَيسْجد فِيهِ إِذا كَانَ لَا يعم وَجهه وَلَا يمنعهُ من ذَلِك. وَقَالَ ابْن حبيب: وبالأول أَقُول: وَإِنَّمَا يومىء إِذا كَانَ لَا يجد موضعا نقيا من الأَرْض، فَإِن طمع أَن يدْرك موضعا نقيا قبل خُرُوج الْوَقْت لم يجزه الْإِيمَاء فِي الطين. وَقَالَ الْخطابِيّ: (حَتَّى رَأَيْت أثر الطين) فِيهِ دَلِيل على وجوب السَّجْدَة على الْجَبْهَة، وَلَوْلَا وُجُوبه لصانها عَن لثق الطين. وَفِيه: اسْتِحْبَاب أَن لَا يمسح إِلَى بعض مَا يُصِيب جبهة الساجد من أثر الأَرْض وغبارها. وَفِيه: أَن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، صَادِقَة. وَفِيه: طلب الْخلْوَة عِنْد إِرَادَة المحادثة لتَكون أجمع للضبط. وَفِيه: الاستحداث عَن الشَّيْخ والالتماس مِنْهُ. وَفِيه: مُوَافقَة الْقَوْم لرئيسهم فِي الطَّاعَة المندوبة. وَالله تَعَالَى أعلم.

١٣٦ - (بابُ عَقْدِ الثِّيَابِ وشَدِّهَا وَمَنْ ضَمَّ إلَيْهِ ثَوْبَهُ إذَا خافَ أنْ تَنْكَشِفَ عَوْرَتُهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان عقد الْمُصَلِّي ثَوْبه وشدها. وَفِي بَيَان من ضم إِلَيْهِ ثَوْبه من الْمُصَلِّين إِذا خَافَ أَن تنكشف عَوْرَته، فكلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة، وَالتَّقْدِير: خوف انكشاف عَوْرَته، وَهُوَ فِي الصَّلَاة، فَكَأَن البُخَارِيّ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن النَّهْي الْوَارِد عَن كف الثِّيَاب فِي الصَّلَاة مَحْمُول على حَالَة غير الِاضْطِرَار. فَإِن قيل: مَا وَجه إِدْخَال هَذَا الْبَاب بَين أَبْوَاب أَحْكَام السُّجُود؟ أُجِيب: من حَيْثُ إِن الْهَوِي إِلَى السُّجُود وَالرَّفْع مِنْهُ يسهلان مَعَ عقد الثِّيَاب وَضمّهَا، بِخِلَاف إرسالها وسدلها. قلت: أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن فِي ضم الثَّوْب أمنا من كشف الْعَوْرَة.

٨١٤ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ قَالَ أخبرنَا سُفْيَانُ عنْ أبي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قالَ كانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهُمْ عَاقِدُوا أُزُرِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ عَلى رِقَابِهِمْ فَقِيلَ لِلنِّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُؤُسَكُنَّ حَتَّى يَسْتَوِيَ الرِّجَالُ جُلُوسا (انْظُر الحَدِيث ٣٦٢ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرج هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب إِذا كَانَ الثَّوْب ضيقا: عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن سُفْيَان، قَالَ: حَدثنَا أَبُو حَازِم عَن سهل ... الحَدِيث. وَأخرج هَهُنَا: عَن مُحَمَّد بن كثير ضد الْقَلِيل عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة، سَلمَة بن دِينَار عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَقد ذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ من الْأَشْيَاء.

قَوْله: (وهم عاقدو أزرهم) أَصله: عاقدون، فَلَمَّا أضيف سَقَطت النُّون للإضافة، ويروى: (عاقدي أزرهم) ، ووجهها أَن يكون خبر: كَانَ، محذوفا، أَي: هم كَانُوا عاقدي أزرهم. وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا على الْحَال. أَي: هم مؤتزرون حَال كَونهم عاقدي أزرهم، والأزر، بِضَم الْهَمْز وَالزَّاي: جمع إِزَار. قَوْله: (من الصغر) أَي: من أجل صغر أزرهم. قَوْله: (جُلُوسًا) أَي: جالسين. كَانَت النِّسَاء متأخرات عَن صف الرِّجَال، فنهين عَن رفع رُؤْسهمْ حَتَّى يَسْتَوِي الرِّجَال جالسين حَتَّى لَا يَقع بصرهن على عَوْرَاتهمْ.

وَفِيه: الِاحْتِيَاط فِي ستر الْعَوْرَة، والتوثق بِحِفْظ الستْرَة.

١٣٧ - (بابٌ لَا يَكُفُّ شَعَرَا)

أَي: هَذَا بَاب تَرْجَمته: لَا يكف الْمُصَلِّي شعرًا. وَالْمرَاد بِهِ شعر الرَّأْس، وَقد مر أَن معنى الْكَفّ: الضَّم فَإِن قلت: قد أخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>