٥٢ - (بابٌ: {وَإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظْرَةٌ إلَى مَيْسَرةٍ} الآيَةِ (الْبَقَرَة: ٢٨٠)
هَذَا الْمِقْدَار وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر وَغَيره، سَاق الْآيَة كلهَا أَي: وَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ دين الرِّبَا مُعسرا فنظرة أَي: فَالْحكم أَو الْأَمر نظرة. أَي: انْتِظَار إِلَى ميسرَة. أَي: يسَار، وَذكر الواحدي أَن بني عَمْرو قَالُوا لبني الْمُغيرَة: هاتوا رُؤُوس أَمْوَالنَا فَقَالَت بَنو الْمُغيرَة: نَحن الْيَوْم أهل عسرة. فأخرونا إِلَى أَن تدْرك الثَّمَرَة فَأَبَوا أَن يؤخروا. فَنزلت وَزعم ابْن عَبَّاس وَشُرَيْح. أَن الأنظار فِي دين الرِّبَا خَاصَّة وَاجِب، وَيُقَال: هَذِه الْآيَة ناسخة لما كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة من بيع من أعْسر فِيمَا عَلَيْهِ من الدُّيُون، وَإِن كَانَ حرا، وَقد قيل: إِنَّه كَانَ يُبَاع فِيهِ فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ، وَذهب اللَّيْث بن سعد إِلَى أَنه يُؤجر وَيقْضى دينه من أجرته وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَرِوَايَة عَن أَحْمد، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: لَا وَجه لدُخُول هَذِه الْآيَة فِي هَذَا الْبَاب، وَأجِيب: بِأَن هَذِه الْآيَة مُتَعَلقَة بآيَات الرِّبَا فَلذَلِك ذكرهَا مَعهَا.
وأنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
أَي: وَأَن تتصدقوا برؤوس أَمْوَالكُم على من أعْسر غرمائكم خير لكم لَا كَمَا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة. يَقُول أحدهم لمدينة إِذا دخل عَلَيْهِ الدّين: إِمَّا أَن تَقْتَضِي وَإِمَّا أَن تربي.
٤٥٤٣ - وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ عنْ سُفْيَانَ عنْ مَنْصُورٍ وَالأَعْمَشِ عَنْ أبِي الضُّحَى عنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمَا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَرَأَهُنَّ عَلَيْنَا ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَهُوَ مُعَلّق قَوْله: قَالَ مُحَمَّد بن يُوسُف هَكَذَا رِوَايَة أبي ذَر وَفِي رِوَايَة غَيره قَالَ لنا مُحَمَّد بن يُوسُف هُوَ الْفرْيَابِيّ هُوَ الثَّوْريّ، والبقية ذكرُوا عَن قريب.
٥٣ - (بابٌ: {وَاتَّقُوا يَوْما تُرْجَعُونَ فِيهِ إلَى الله} (الْبَقَرَة: ٢٨١)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ قَوْله تَعَالَى: (وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله) قرىء: ترجعون، على الْبناء للْفَاعِل وَالْمَفْعُول وقرىء: يرجعُونَ بِالْيَاءِ على طَريقَة الِالْتِفَات، وَقَرَأَ عبد الله تردون وَقَرَأَ أبي تصيرون، وَالْجُمْهُور على أَن المُرَاد من الْيَوْم المحذر مِنْهُ هُوَ يَوْم الْقِيَامَة، وَقَالَ بَعضهم يَوْم الْمَوْت.
٤٥٤٤ - ح دَّثنا قَبِيصَةُ بنُ عُقْبَةَ حدَّثنا سُفْيَانُ عنْ عَاصِم عنِ الشَّعْبِيِّ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَال آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَةُ الرِّبا.
قيل: لَا مُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث على مَا لَا يخفى، وَأجِيب بِأَنَّهُ رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا من وَجه آخر: أَن آخر آيَة نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} أخرجه الطَّبَرِيّ من طرق عَنهُ، وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن يجمع بَين قولي ابْن عَبَّاس. قلت: يَعْنِي بِالْإِشَارَةِ فَافْهَم.
وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْأَحول وَالشعْبِيّ هُوَ عَامر بن شرَاحِيل.
قَوْله عَن ابْن عَبَّاس، كَذَا قَالَ عَاصِم عَن الشّعبِيّ، وَخَالفهُ دَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ. قَالَ: عَن عمر أخرجه الطَّبَرِيّ بِلَفْظ كَانَ من آخر مَا نزل من الْقُرْآن آيَات الرِّبَا، وَهُوَ مُنْقَطع لِأَن الشّعبِيّ لم يلق عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (آخر آيَة نزلت على النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة الرِّبَا) وَفِي (تَفْسِير عبد بن حميد) عَن الضَّحَّاك آخر آيَة نزلت {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} فِي رِوَايَة أبي صَالح عَنهُ: نزلت بِمَكَّة وَتُوفِّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بعْدهَا بِأحد وَثَمَانِينَ يَوْمًا وَقيل: نزلت يَوْم النَّحْر بمنى فِي حجَّة الْوَدَاع، وَفِي (تَفْسِير ابْن أبي حَاتِم) من حَدِيث ابْن لَهِيعَة حَدثنِي عَطاء بن دِينَار عَن سعيد بن جُبَير. قَالَ: عَاشَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة تسع لَيَال، وَعند مقَاتل: سبع لَيَال، وَهِي آخر آيَة نزلت، وَعند الْقُرْطُبِيّ: ثَلَاث