نثلث كِنَانَتِي إِذا استخرجت مَا فِيهَا من النبل، وَقيل: النثل ترك شَيْء بِمرَّة وَاحِدَة، وَفِي (التَّوْضِيح) وَفِي رِوَايَة: وَأَنْتُم ترغثونها أَي: تستخرجون درها وترضعونها، وَمعنى الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذهب وَلم ينل مِنْهَا شَيْئا، بل قسم مَا أدْرك مِنْهَا بَيْنكُم وآثركم بهَا، ثمَّ أَنْتُم تنتثلونها على حسب مَا وَعدكُم.
٨٧٩٢ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أخْبَرَهُ أنَّ أبَا سُفْيَانَ أخْبَرَهُ أنَّ هِرَقْلَ أرْسَلَ إلَيْهِ وهُمْ بإيلياءَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ كثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ فارْتَفَعَتْ ثُمَّ دَعَا بِكِتابِ رَسُول الأصْوَاتُ وأُخْرِجْنَا فقُلْتُ لأِصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أمَرَ أمْرُ ابنِ أبِي كَبْشَةَ إنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِنَّه يخافه ملك بني الْأَصْفَر) ، وَقيل: مُنَاسبَة دُخُول حَدِيث أبي سُفْيَان فِي هَذَا الْبَاب هَذِه اللَّفْظَة، لِأَن بَين الْحجاز وَالشَّام مسيرَة شهر أَو أَكثر، وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث بِطُولِهِ فِي بَدْء الْوَحْي فِي أول الْكتاب.
٣٢١ - (بابُ حَمْلِ الزَّادِ فِي الغَزْوِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز حمل الزَّاد فِي الْغَزْو، وَهُوَ لَا يُنَافِي التَّوَكُّل.
وَقَوْلِ الله تَعَالَى {وتَزَوَّدُوا فإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (الْبَقَرَة: ٧٩١) .
وَقَول الله بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: (حمل الزَّاد) ، روى النَّسَائِيّ عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي عَن سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: كَانَ نَاس يحجون بِغَيْر زادٍ، فَأنْزل الله تَعَالَى: {وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} (الْبَقَرَة: ٧٩١) . وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا، قَالَ: كَانَ نَاس من أهل الْيمن يحجون وَلَا يتزودون وَيَقُولُونَ: نَحن المتوكلون، فَأنْزل الله تَعَالَى: {وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} (الْبَقَرَة: ٧٩١) . وَلما أَمرهم بالزاد للسَّفر فِي الدُّنْيَا أرشدهم إِلَى زَاد الْآخِرَة واستصحاب التَّقْوَى إِلَيْهَا.
٩٧٩٢ - حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ هِشَامٍ قَالَ أخبَرَنِي أبِي وحدَّثَتْنِي أَيْضا فاطِمَةُ عنْ أسْمَاءَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ صَنَعْتُ سُفْرَةَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيْتِ أبِي بَكْرٍ حينَ أرَادَ أنْ يُهَاجِرَ إلَى المَدِينَةِ قالَتْ فَلَمْ تَجِدْ لِسُفْرَتِهِ ولَا لِسِقَائِهِ مَا نَرْبُطُهُمَا بِهِ فَقُلْتُ لأِبِي بَكْر وَالله ماأجِدُ بِهِ إلَاّ نِطَاقِي قَالَ فَشُقِّيهِ باثْنَيْنِ فارْبُطِيهِ بِوَاحِدٍ السِّقَاءَ وبالآخَرِ السُّفْرَةَ فَفَعَلْتُ فلِذَلِكَ سُمِّيتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَلم نجد لسفرته وَلَا لسقائه مَا نربطهما بِهِ) فَإِنَّهُ يدل على حمل الزَّاد لأجل السّفر. فَإِن قلت: لَيْسَ فِيهِ سفر الْغَزْو، فَأَيْنَ الْمُطَابقَة؟ قلت: قَاس سفر الْغَزْو عَلَيْهِ.
وَعبيد، بِضَم الْعين مصغر عبد: ابْن إِسْمَاعِيل، واسْمه فِي الأَصْل، عبد الله، يكنى: أَبَا مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاده، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة، يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، وَفَاطِمَة هِيَ بنت الْمُنْذر زَوْجَة هِشَام، وَأَسْمَاء هِيَ بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي هِجْرَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عبد الله بن أبي شيبَة، وَإِنَّمَا قَالَ هِشَام فِي رِوَايَته عَن أَبِيه: أَخْبرنِي، وَفِي رِوَايَته عَن زَوجته فَاطِمَة: حَدَّثتنِي، لِأَنَّهُ سمع من فَاطِمَة وَقَرَأَ على الْوَالِد، أَو للتفنن والاحتراز عَن التّكْرَار.