قَوْله: (سفرة) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة، قَالَ ابْن الْأَثِير: السفرة طَعَام يَتَّخِذهُ الْمُسَافِر، وَأكْثر مَا يحمل فِي جلد مستدير، فَنقل اسْم الطَّعَام إِلَى الْجلد وَسمي بِهِ، كَمَا سميت المزادة راوية، وَغير ذَلِك من الْأَسْمَاء المنقولة. قَوْله: (وَلَا لسقائه) ، بِكَسْر السِّين، وَهُوَ ظرف المَاء من الْجلد، وَيجمع على: أسقية، والسقاية إِنَاء يشرب فِيهِ. قَوْله: (إلَاّ نطاقي) ، بِكَسْر النُّون، وَهُوَ: شقة تلبسها الْمَرْأَة. قَالَ ابْن الْأَثِير: النطاق هُوَ أَن تلبس الْمَرْأَة ثوبها ثمَّ تشد وَسطهَا بِشَيْء وترفع وسط ثوبها وترسله على الْأَسْفَل عِنْد معاناة الأشغال، لِئَلَّا تعثر فِي ذيلها، وَبِه سميت أَسمَاء بنت أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، ذَات النطاقين، وَقيل: لِأَنَّهَا كَانَت تطارق نطاقاً فَوق نطاق، وَقيل: كَانَ لَهَا نطاقان تلبس أَحدهمَا وَتحمل فِي الآخر الزَّاد إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وهما فِي الْغَار، وَقيل: شقَّتْ نطاقها نِصْفَيْنِ فاستعملت أَحدهمَا وَجعلت الآخر شداداً لزادهما. قَوْله: (فَلذَلِك سميت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي، ويروى على صِيغَة الْمُتَكَلّم على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا.
٠٨٩٢ - حدَّثنا علِيُّ بنُ عَبْدِ الله قَالَ أخبرنَا سُفْيانُ عنْ عَمْرٍ وَقَالَ أَخْبرنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعَ جابِرَ بنَ عبْدِ الله رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الأضَاحِي علَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى المَدِينَةِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (كُنَّا نتزود) إِلَى آخِره، وَقد ذكرنَا فِي مُطَابقَة الحَدِيث الْمَاضِي أَنه قَاس سفر الْغَزْو عَلَيْهِ، وَهَهُنَا كَذَلِك.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عَليّ بن عبد الله أَيْضا فِي الْأَضَاحِي وَفِي الْأَطْعِمَة عَن عبد الله بن مُحَمَّد. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَضَاحِي عَن أبي بكر بن أبي شيبَة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْحَج عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى.
وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَشْيَاء: الأول: فِيهِ دَلِيل على مَشْرُوعِيَّة التزود فِي السّفر مُطلقًا. وَفِيه: رد على مَا يَدعِيهِ أهل البطالة من الصُّوفِيَّة والمخرفة على النَّاس باسم التَّوَكُّل وَترك التزود. الثَّانِي: فِيهِ جَوَاز التزود من لُحُوم الْأَضَاحِي، وروى مُسلم من حَدِيث أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه: نهى عَن أكل لُحُوم الْأَضَاحِي بعد ثَلَاث، ثمَّ قَالَ بعد: كلوا وتزودوا وَادخرُوا. الثَّالِث فِيهِ: جَوَاز الْأكل من لُحُوم الْأَضَاحِي وَلَو كَانَ المضحي غَنِيا، لِأَن التزود يسْتَلْزم الْأكل عَادَة.
١٨٩٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ الْمُثَنَّى قَالَ حدَّثنا عبْدُ الوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ أخبرَنِي بُشَيْرُ ابنُ يَسارٍ أنَّ سُوَيْدَ بنَ النُّعْمَانِ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أخْبَرَهُ أنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عامَ خَيْبَرَ حتَّى إذَا كانُوا بالصَّهْبَاءِ وهْيَ مِنْ خَيْبَرَ وهْيَ أدْنَى خَيْبَرَ فَصَلُّوا العَصْرَ فدَعَا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالأطْعِمَةِ فَلَمْ يُؤْتَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلَاّ بِسَوِيقٍ فَلُكْنا فأكَلْنَا وشَرِبنَا ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَضْمَضَ ومَضْمَضْنَا وصَلَّيْنَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من موضِعين: الأول: من قَوْله: (فَدَعَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالأطعمة) فَهَذَا يدل على أَنه كَانَ مَعَهم الزَّاد. وَالثَّانِي: من قَوْله: (إِلَّا بسويق) وَهَذَا زَاد كَانَ مَعَهم، وهم فِي الْغَزْو، وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَبشير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة: ابْن يسَار ضد الْيَمين والْحَدِيث مر فِي كتاب الْوضُوء فِي: بَاب من مضمض من السويق، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (فلكنا) بِضَم اللَّام وَسُكُون الْكَاف، يُقَال: لكت اللُّقْمَة ألوكها فِي فمي لوكاً، والسويق: دَقِيق الْقَمْح المقلو أَو الشّعير أَو الذّرة أَو الدخن.
٢٨٩٢ - حدَّثنا بِشْرُ بنُ مَرْحُومٍ قَالَ حدَّثنا حاتِمُ بنُ إسْمَاعِيلَ عنْ يَزِيدَ بنِ أبِي عُبَيْدٍ عنْ سَلَمَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ خَفَّتْ أزْوَادُ النَّاسِ وأمْلَقُوا فأتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي نَحْرِ