(سبعين عَاما) ، وَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَة أبي هُرَيْرَة عِنْد التِّرْمِذِيّ مَرْفُوعا، وَلَفظه: (أَلا من قتل نفسا معاهدة لَهَا ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله فقد أَخْفَر بِذِمَّة الله فَلَا يراح رَائِحَة الْجنَّة، وَأَن رِيحهَا ليوجد من مسيرَة سبعين خَرِيفًا) . وروى النَّسَائِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي بكرَة بِإِسْنَاد صَحِيح نَحوه، وَفِي (الْمُوَطَّأ) خَمْسمِائَة، قَالَ ابْن بطال: أما الْأَرْبَعُونَ فَهِيَ أقْصَى أَشد الْعُمر فِي قَول الْأَكْثَرين، فَإِذا بلغَهَا ابْن آدم زَاد عمله ويقينه واستحكمت بصيرته فِي الْخُشُوع لله تَعَالَى على الطَّاعَة والندم على مَا سلف، فَهَذَا يجد ريح الْجنَّة على مسيرَة أَرْبَعِينَ عَاما، وَأما السبعون فَهِيَ حد المعترك، ويعرض للمرء عِنْدهَا من الخشية والندم لاقتراب أَجله فيجد ريح الْجنَّة من مسيرَة سبعين عَاما، وَأما وَجه الْخَمْسمِائَةِ فَهِيَ فَتْرَة مَا بَين نَبِي وَنَبِي، فَيكون من جَاءَ فِي آخر الفترة واهتدى بِاتِّبَاع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي كَانَ قبل الفترة وَلم يضرّهُ طولهَا، فيجد ريح الْجنَّة على خَمْسمِائَة عَام. فَإِن قلت: الْمُؤمن لَا يخلد فِي النَّار؟ قلت: المُرَاد لم يجد أول مَا يجدهَا سَائِر الْمُسلمين الَّذين لم يقترفوا الْكَبَائِر، وَقَالَ أَحْمد: أَرْبَعَة أَحَادِيث تَدور على أَلْسِنَة النَّاس وَلَا أصل لَهَا عَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من آذَى ذِمِّيا فَأَنا خَصمه يَوْم الْقِيَامَة. وَمن بشر بِخُرُوج آذار بشر بِالْجنَّةِ. وَيَوْم نحركم يَوْم فطركم. وللسائل حق وَإِن جَاءَ على فرس.
٦ - (بابُ إخْرَاجِ الَيهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِخْرَاج الْيَهُود من جَزِيرَة الْعَرَب، وَقد مضى تَفْسِير جَزِيرَة الْعَرَب فِي: بَاب هَل يستشفع إِلَى أهل الذِّمَّة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: جَزِيرَة الْعَرَب هِيَ مَا بَين عدن إِلَى ريف الْعرَاق طولا، وَمن جدة إِلَى الشَّام عرضا، وَقيل: هَذَا عَام أُرِيد بِهِ الْخَاص، وَهُوَ الْحجاز.
وَقَالَ عُمَرُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُقِرُّكُمْ مَا أقَرَّكُمْ الله بِهِ
هَذَا قِطْعَة من قصَّة أهل خَيْبَر، وَقد ذكرهَا البُخَارِيّ مَوْصُولَة فِي كتاب الْمُزَارعَة فِي: بَاب إِذا قَالَ رب الأَرْض: أقرك مَا أقرك الله، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
٧٦١٣ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ حدَّثنا اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني سَعِيدُ المَقْبُرِيُّ عنْ أبِيهِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ بَيْنَما نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ خرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ فخَرَجْنَا حتَّى جِئْنا بَيْتَ المِدْرَاسِ فَقَالَ أسْلِمُوا تَسْلَمُوا واعْلَمُوا أنَّ الأرْضَ لله ورسُولِهِ وإنِّي أُرِيدُ أَن أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذا الأرْضِ فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمالِهِ شَيْئاً فَلْيَبِعْهُ وإلَاّ فاعْلَمُوا أنَّ الأرْضَ لله ورَسُولِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يخرج الْيَهُود لِأَنَّهُ كَانَ يكره أَن يكون بِأَرْض الْعَرَب غير الْمُسلمين لِأَنَّهُ امتحن فِي اسْتِقْبَال الْقبْلَة حَتَّى نزل: {قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء} (الْبَقَرَة: ٤٤١) . الْآيَة: وامتحن مَعَ بني النَّضِير حِين أَرَادوا الْغدر بِهِ، وَأَن يلْقوا عَلَيْهِ حجرا، فَأمره الله بإجلائهم وإخراجهم، وَترك سَائِر الْيَهُود، وَكَانَ يَرْجُو أَن يُحَقّق الله رغبته فِي إبعاد الْيَهُود عَن جواره فَلم يوحِ إِلَيْهِ فِي ذَلِك شَيْء إِلَى أَن حَضرته الْوَفَاة، فَأُوحي إِلَيْهِ فِيهِ، فَقَالَ: لَا يبْقين دينان بِأَرْض الْعَرَب، وَأوصى بذلك عِنْد مَوته، فَلَمَّا كَانَ فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: من كَانَ عِنْده عهد من رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فليأت بِهِ، وإلَاّ فَإِنِّي مجليكم فأجلاهم.
وَرِجَال الحَدِيث قد تكَرر ذكرهم، وَسَعِيد المَقْبُري يروي هُنَا عَن أَبِيه أبي سعيد واسْمه: كيسَان الْمدنِي مولى بني لَيْث.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْإِكْرَاه عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله، وَفِي الِاعْتِصَام عَن قُتَيْبَة، وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي، وَأَبُو دَاوُد فِي الْخراج وَالنَّسَائِيّ فِي السّير جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (خرج) ، جَوَاب: بَيْنَمَا، وَقد ذكرنَا أَن الْأَفْصَح فِي جَوَابه أَن يكون بِلَا إِذْ وَإِذا. قَوْله: (بَيت الْمِدْرَاس) ، بِكَسْر الْمِيم، وَهُوَ الْبَيْت الَّذِي يدرسون فِيهِ. وَقيل: الْمِدْرَاس: الْعَالم التَّالِي للْكتاب، وَقَالَ بَعضهم: الأول أرجح لِأَن