للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأبا، وَالثَّالِثَة: بيبي. وَالرَّابِعَة: بيبا. قَوْله: (لتخرج الْعَوَاتِق ذَوَات الْخُدُور) هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (أَو قَالَ: الْعَوَاتِق وَذَوَات الْخُدُور) . شكّ أَيُّوب، هَل هُوَ بواو الْعَطف أَو لَا؟ . قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَذَا الْكَلَام مَوْقُوف عَلَيْهَا أَو مَرْفُوع إِلَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: مَرْفُوع، إِذْ معنى قَوْلهَا: نعم، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لتخرج الْعَوَاتِق. قَوْله: (فَقلت لَهَا) القائلة الْمَرْأَة، وَالْمقول لَهَا: أم عَطِيَّة، قيل: يحْتَمل أَن تكون القائلة حَفْصَة وَالْمقول لَهَا امْرَأَة، وَهِي أُخْت أم عَطِيَّة. قَوْله: (وَتشهد كَذَا وَتشهد كَذَا) يُرِيد: مُزْدَلِفَة وَرمي الْجمار.

قَالَ ابْن بطال: فِيهِ تَأْكِيد خروجهن إِلَى الْعِيد لِأَنَّهُ إِذا أَمر من لَا جِلْبَاب لَهَا، فَمن لَهَا جِلْبَاب بِالطَّرِيقِ الأولى. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الملازمات الْبيُوت لَا يخْرجن. وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: يحْتَمل أَن يكون هَذَا الْأَمر فِي أول الْإِسْلَام والمسلمون قَلِيل، فَأُرِيد التكثير بحضورهن ترهيبا لِلْعَدو، فَأَما الْيَوْم فَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ مَرْدُود لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى معرفَة تَارِيخ الْوَقْت، والنسخ لَا يثبت إِلَّا بِالْيَقِينِ، وَأَيْضًا فَإِن التَّرْهِيب لَا يحصل بهم، وَلذَلِك لم يلزمهن الْجِهَاد. قلت: رده مَرْدُود. وَقَوله: فَإِن التَّرْهِيب لَا يحصل بِهن غير مُسلم، لِأَنَّهُنَّ يكثرن السوَاد، والعدو يخَاف من كَثْرَة السوَاد، بل فِيهِنَّ من هِيَ أقوى قلبا من كثير من الرِّجَال الَّذين لَيْسَ لَهُم ثبات عِنْد الْحَرْب. وَقَوله: وَلذَلِك لم يلزمهن الْجِهَاد. قُلْنَا: لَا نسلم ذَلِك، فَعِنْدَ النفير الْعَام يلْزم سَائِر النَّاس حَتَّى تخرج الْمَرْأَة من غير إِذن زَوجهَا، وَالْعَبْد من غير إِذن مَوْلَاهُ، على مَا عرف فِي بَابه. وَقَالَ بَعضهم: وَقد أفتت بِهِ أم عَطِيَّة بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمدَّة، وَلم يثبت عَن أحد من الصَّحَابَة مخالفتها فِي ذَلِك، والاستنصار بِالنسَاء والتكثر بِهن فِي الْحَرْب دَال على الضعْف. قلت: هَذِه عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، صَحَّ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: (لَو رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أحدث النِّسَاء لمنعهن عَن الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل) . فَإِذا كَانَ الْأَمر فِي خروجهن إِلَى الْمَسَاجِد هَكَذَا، فبالأحرى أَن يكون ذَلِك فِي خروجهن إِلَى الْمصلى، فَكيف يَقُول هَذَا الْقَائِل: لم يثبت عَن أحد من الصَّحَابَة مخالفتها، وَأَيْنَ أم عَطِيَّة من عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا؟ وَلم يكن فِي حضورهن الْمصلى فِي ذَلِك الْوَقْت استنصار بِهن، بل كَانَ الْقَصْد تَكْثِير السوَاد أثرا فِي إرهاب الْعَدو. أَلا ترى أَن أَكثر الصَّحَابَة كَيفَ كَانُوا يَأْخُذُونَ نِسَاءَهُمْ مَعَهم فِي بعض الفتوحات لتكثير السوَاد؟ بل وَقع مِنْهُنَّ فِي بعض الْمَوَاضِع نصْرَة لَهُم بقتالهن وتشجيعهن الرِّجَال، وَهَذَا لَا يخفى على من لَهُ اطلَاع فِي السّير والتواريخ.

٢١ - (بابُ اعْتِزَالِ الحُيَّضِ المُصَلَّى)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اعتزال الْحيض الْمصلى، بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء: جمع حَائِض، يَعْنِي: يعتزلن مصلى الْعِيد، وَإِنَّمَا ذكر هَذِه التَّرْجَمَة مَعَ أَن مَضْمُون حَدِيثهَا قد تقدم فِي الْبَاب السَّابِق للاهتمام بِهِ مَعَ التَّنْبِيه على اخْتِلَاف الروَاة.

٩٨١ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قَالَ حدَّثنا ابنُ ابي عَدِيٍّ عنِ ابنِ عَوْنٍ عنْ مُحَمَّدٍ. قَالَ قالَتْ أمُّ عَطِيَّةَ أمِرْنَا أنْ نَخْرُجَ فَنُخْرِجَ الحُيَّضَ والعَوَاتِقَ وذَوَاتِ الخُدُورِ قَالَ ابنُ عَوْنٍ أوْ العَواتِقَ ذَوَاتِ الخُدُورِ فأمَّا الحُيَّضُ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ ودَعْوَتَهُمْ ويَعْتَزِلْنَ مُصَلَاّهُمْ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ويعتزلن مصلاهم) ، قد مر الْكَلَام فِيهِ فِي: بَاب شُهُود الْحَائِض الْعِيدَيْنِ، وَابْن أبي عدي هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، مر ذكره فِي: إِذا جَامع ثمَّ عَاد، فِي كتاب الْغسْل، وَابْن عون هُوَ: عبد الله بن عون مر فِي: بَاب قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رب مبلغ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين.

قَوْله: (وَقَالَ ابْن عون: أَو الْعَوَاتِق) شكّ فِيهِ، هُوَ كَمَا شكّ أَيُّوب فِي الحَدِيث الَّذِي قبله، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: عَن مَنْصُور بن زادان عَن ابْن سِيرِين: (نخرج الْأَبْكَار والعواتق وَذَوَات الْخُدُور) .

وَفِيه: من الْفَوَائِد: جَوَاز مداواة الْمَرْأَة للرِّجَال الْأَجَانِب. وَفِيه: من شَأْن الْعَوَاتِق والمخدرات عدم البروز إلاّ فِيمَا أذن لَهُنَّ فِيهِ. وَفِيه: اسْتِحْبَاب إعداد الجلباب للْمَرْأَة ومشروعية عَارِية الثِّيَاب. قيل: وَفِيه اسْتِحْبَاب خُرُوج النِّسَاء إِلَى شُهُود الْعِيدَيْنِ، سَوَاء كن شواب أَو ذَوَات هيئات أم لَا. قلت: فِي هَذَا الزَّمَان لَا يُفْتِي بِهِ لظُهُور الْفساد وَعدم الْأَمْن، مَعَ أَن جمَاعَة من السّلف منعُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>