فِي قَوْله {من كَانَ عدوا لله وَمَلَائِكَته} الْآيَة ذكره الزَّمَخْشَرِيّ وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ قدمنَا فِي الْكتاب الْكَبِير أَنه وَافق ربه تَعَالَى تِلَاوَة وَمعنى فِي أحد عشر موضعا وَفِي جَامع التِّرْمِذِيّ مصححا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَا نزل بِالنَّاسِ أَمر قطّ فَقَالُوا فِيهِ وَقَالَ عمر فِيهِ إِلَّا نزل فِيهِ الْقُرْآن على نَحْو مَا قَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ. الرَّابِع فِيهِ كَلَام الرِّجَال مَعَ النِّسَاء فِي الطّرق. الْخَامِس فِيهِ جَوَاز وعظ الْإِنْسَان أمه فِي الْبر لِأَن سَوْدَة من أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ. السَّادِس فِيهِ جَوَاز الإغلاظ فِي القَوْل والعتاب إِذا كَانَ قَصده الْخَيْر فَإِن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ قد عرفناك يَا سَوْدَة وَكَانَ شَدِيد الْغيرَة لَا سِيمَا فِي أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ. السَّابِع فِي الْتِزَام النَّصِيحَة لله وَلِرَسُولِهِ فِي قَول عمر رَضِي الله عَنهُ احجب نِسَاءَك وَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يعلم أَن حجبهن خير من غَيره لكنه كَانَ يترقب الْوَحْي بِدَلِيل أَنه لم يُوَافق عمر رَضِي الله عَنهُ حِين أَشَارَ بذلك وَكَانَ ذَلِك من عَادَة الْعَرَب. الثَّامِن فِيهِ جَوَاز تصرف النِّسَاء فِيمَا لَهُنَّ حَاجَة إِلَيْهِ لِأَن الله تَعَالَى أذن لَهُنَّ فِي الْخُرُوج إِلَى البرَاز بعد نزُول الْحجاب فَلَمَّا جَازَ ذَلِك لَهُنَّ جَازَ لَهُنَّ الْخُرُوج إِلَى غَيره من مصالحهن وَقد أَمر النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِالْخرُوجِ إِلَى الْعِيدَيْنِ وَلَكِن فِي هَذَا الزَّمَان لما كثر الْفساد وَلَا يُؤمن عَلَيْهِنَّ من الْفِتْنَة يَنْبَغِي أَن يمنعن من الْخُرُوج إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة الشَّرْعِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم
١٣ - (حَدثنَا زَكَرِيَّاء قَالَ حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ قد أذن أَن تخرجن فِي حاجتكن قَالَ هِشَام يَعْنِي البرَاز) مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن الْبَاب مَعْقُود فِي خروجهن إِلَى البرَاز وَفِي هَذَا الحَدِيث بَيَان أَن الله تَعَالَى قد أذن لَهُنَّ بِالْخرُوجِ عَن بُيُوتهنَّ إِلَى البرَاز كَمَا يَجِيء هَذَا الحَدِيث فِي التَّفْسِير مطولا أَن سَوْدَة خرجت بعد مَا ضرب الْحجاب لحاجتها وَكَانَت عَظِيمَة الْجِسْم فرآها عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ يَا سَوْدَة أما وَالله مَا تخفين علينا فانظري كَيفَ تخرجين فَرَجَعت فشكت ذَلِك للنَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهُوَ يتعشى فَأوحى إِلَيْهِ فَقَالَ أَنه قد أذن لَكِن أَن تخرجن لحاجتكن. (بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة الأول زَكَرِيَّا بن يحيى بن صَالح اللؤْلُؤِي أَبُو يحيى الْبَلْخِي الْحَافِظ الْفَقِيه المُصَنّف فِي السّنة مَاتَ بِبَغْدَاد وَدفن عِنْد قُتَيْبَة بن سعيد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي أَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة الْكُوفِي وَقد مر. الثَّالِث هِشَام بن عُرْوَة. الرَّابِع أَبُو عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. الْخَامِس عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا. (بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة وَمِنْهَا أَن رُوَاته مَا بَين بلخي وكوفي ومدني. وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة الابْن عَن الْأَب (بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن زَكَرِيَّا بن يحيى الْمَذْكُور وَأخرجه مُسلم فِي الاسْتِئْذَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب كِلَاهُمَا عَن أبي أُسَامَة بِهِ (بَيَان مَا فِيهِ من الْإِعْرَاب وَالْمعْنَى) قَوْله قد أذن مقول القَوْل وَفِي بعض النّسخ أذن بِلَا لَفْظَة قد وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول والآذن هُوَ الله تَعَالَى وَبنى الْفِعْل على صِيغَة الْمَجْهُول للْعلم بالفاعل قَوْله أَن تخرجن أَصله بِأَن تخرجن وَأَن مَصْدَرِيَّة وَالتَّقْدِير بخروجكن وَكلمَة فِي مُتَعَلق بِهِ قَوْله قَالَ هِشَام يَعْنِي ابْن عُرْوَة الْمَذْكُور وَهُوَ إِمَّا تَعْلِيق من البُخَارِيّ وَإِمَّا من مقول أبي أُسَامَة قَالَ الْكرْمَانِي قلت لم لَا يجوز أَن يكون مقول هِشَام أَو عُرْوَة قَوْله تَعْنِي البرَاز مقول القَوْل وَالضَّمِير فِي تَعْنِي يرجع إِلَى عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَرَادَ أَن عَائِشَة تقصد من قَوْلهَا تخرجن فِي حاجتكن البرَاز الْخُرُوج إِلَى البرَاز وانتصابه بقوله تَعْنِي وَقَالَ الدَّاودِيّ قَوْله قد أذن أَن تخرجن دَال على أَنه لم يرد هُنَا حجاب الْبيُوت فَإِن ذَلِك وَجه آخر إِنَّمَا أَرَادَ أَن يستترن بالجلباب حَتَّى لَا يَبْدُو مِنْهُنَّ إِلَّا الْعين قَالَت عَائِشَة كُنَّا نتأذى بالكنف وَكُنَّا نخرج إِلَى المناصع
(بَاب التبرز فِي الْبيُوت)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان التبرز فِي الْبيُوت عقب الْبَاب السَّابِق بِهَذَا الْبَاب لما ذكرنَا من أَن خُرُوج النِّسَاء إِلَى الصَّحرَاء لقَضَاء الْحَاجة إِنَّمَا كَانَ لأجل عدم الكنف فِي الْبيُوت فَلَمَّا اتَّخذت بعد ذَلِك الأخلية والكنف منعن عَن الْخُرُوج إِلَّا للضَّرُورَة الشَّرْعِيَّة والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة لَا تخفى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute