النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالْفرق بَين الترجمتين أَن تِلْكَ أخص من هَذِه، وَأورد حَدِيث سهل هَذَا فِيمَا قبل فِي: بَاب الْقِرَاءَة عَن ظهر الْقلب، أخرجه بِتَمَامِهِ عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد، وَأعَاد هُنَا بِهَذِهِ التَّرْجَمَة عَن قُتَيْبَة عَن عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أَبِيه عَن سهل إِلَى آخِره، بِنَحْوِ ذَاك الْمَتْن بِعَيْنِه، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوْفِي.
قَوْله: (فَصَعدَ النّظر إِلَيْهَا) أَي: رفع نظره إِلَى تِلْكَ الْمَرْأَة. قَوْله: (وَصَوَّبَهُ) أَي: خفض نظره. قَوْله: (عَن ظهر قَلْبك) ، لفظ: الظّهْر، مقحم، أَو مَعْنَاهُ على استظهار قَلْبك.
٥١ - (بابُ الأكْفاءِ فِي الدِّينِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَن الْأَكفاء الَّاتِي بِالْإِجْمَاع هِيَ أَن يكون فِي الدّين فَلَا يحل للمسلمة أَن تتَزَوَّج بالكافر، ولأكفاء جمع كُفْء بِضَم الْكَاف وَسُكُون الْفَاء بعْدهَا همزَة، وَهُوَ الْمثل والنظير.
وقوْلِهِ وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} (الْفرْقَان: ٤٥)
وَقَوله: بِالْجَرِّ عطف على الْأَكفاء أَي: وَفِي بَيَان قَوْله عز وَجل فِي الْقُرْآن: {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء} (الْفرْقَان: ٤٥) الْآيَة، وغرضه من إِيرَاد هَذِه الْآيَة الْإِشَارَة إِلَى أَن النّسَب والصهر مِمَّا يتَعَلَّق بهما حكم الْكَفَاءَة، وَعَن ابْن سِيرِين: أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، زوج، عَلَيْهِ السَّلَام، فَاطِمَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، عليا وَهُوَ ابْن عَمه وَزوج ابْنَته فَكَانَ نسبا وَكَانَ صهرا. قَوْله: {وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء} (الْفرْقَان: ٤٥) أَي: من النُّطْفَة بشرا، فَجعل الْبشر على قسمَيْنِ: نسبا ذَوي نسب أَي ذُكُورا ينْسب إِلَيْهِم، فَيُقَال: فلَان ابْن فلَان وفلانة بنت فلَان. وصهرا ذَوَات صهر أَي: إِنَاثًا يصاهر بِهن، وَعَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: النّسَب مَا لَا يحل نِكَاحه، والصهر مَا يحل نِكَاحه، وَقَالَ الضَّحَّاك وَقَتَادَة وَمُقَاتِل: النّسَب سَبْعَة والصهر خَمْسَة. واقرؤا قَوْله تَعَالَى: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم وبناتكم} (النِّسَاء: ٣٢) إِلَى آخر الْآيَة.
٨٨٠٥ - حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخْبرنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أخْبَرَنِي عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا: أنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بنَ عُتْبَةَ بنِ ربِيعَةَ بنِ عبْدِ شَمْسٍ، وكانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرا معَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تبَنَّى سالِما وأنْكَحَهُ بنْتُ أخيهِ هِنْدَ بنْتَ الوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ بن رَبِيعَةَ وهْوَ مَوْلى لِامْرَأةٍ مِنَ الأنْصارِ، كَما تبَنَّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْدا، وكانَ منْ تبَنَّى رَجُلاً فِي الجَاهِليَّةِ دَعاهُ النَّاسُ إليْهِ ووَرثَ مِنْ مِيرَاثِه حتَّى أنْزَلَ الله مِن} إِلَى قوْلِهِ { (٥) ومواليكم} (الْأَحْزَاب: ٥) فَرُدُّوا إِلَى آبائِهِمْ فمَنْ لَم يُعْلَمْ لَهُ أبٌ كانَ مَوْلىً وأخا فِي الدِّينِ، فَجاءَتْ سَهْلةُ بنْتُ سُهَيْلٍ بنِ عَمْرو القُرَشِيِّ ثُمَّ العامِرِيِّ، وهْيَ امْرَأةُ أبي حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فقالَتْ: يَا رَسُول الله! إنّا كُنّا نَرَى سالِما ولَدا، وقَدْ أنْزَلَ الله فِيهِ مَا قَدْ علِمْتَ فذَكَرَ الحَدِيثَ.
(انْظُر الحَدِيث ٠٠٠٤) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من تَزْوِيج أبي حُذَيْفَة بنت أَخِيه هندا سَالم الَّذِي تبناه. وَهُوَ مولى لامْرَأَته من الْأَنْصَار، وَلم يعْتَبر فِيهِ الْكَفَاءَة إلَاّ فِي الدّين.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا فِي النِّكَاح عَن عمرَان بن بكار عَن أبي الْيَمَان شيخ البُخَارِيّ.
قَوْله: (أَن أَبَا حُذَيْفَة) ، اسْمه: مهشم، على الْمَشْهُور وَقيل: هَاشم، وَقيل: هشيم، وَقيل غير ذَلِك، وَهُوَ خَال مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان. قَوْله: (ابْن عتبَة) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق ابْن ربيعَة بِفَتْح الرَّاء ابْن عبد شمس الْقرشِي العبشمي، وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة من الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين، صلى الْقبْلَتَيْنِ وَهَاجَر الهجرتين وَشهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقتل يَوْم الْيَمَامَة شَهِيدا وَهُوَ ابْن ثَلَاث أَو أَربع وَخمسين سنة. قَوْله: (تبنى سالما) أَي: اتَّخذهُ ابْنا، وَسَالم هُوَ ابْن معقل، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف، وَفِي