قَوْله:(سبع غزوات أَو سِتا) ، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: أَو سِتّ وَقَالَ شَيخنَا: اخْتلفت أَلْفَاظ الحَدِيث فِي عدد الْغَزَوَات وَذكر التِّرْمِذِيّ بعد أَن رَوَاهُ بِلَفْظ: غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سِتّ غزوات تَأْكُل الْجَرَاد هَكَذَا روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي يَعْفُور هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: سِتّ غزوات. وروى سُفْيَان الثَّوْريّ هَذَا الحَدِيث عَن أبي يَعْفُور وَقَالَ: سبع غزوات، وَذكر الِاخْتِلَاف بَين السفيانين، وَلم يذكر فِي رِوَايَة شُعْبَة عَن أبي يَعْفُور عدد الْغَزَوَات، وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ على الشَّك، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد. وَقَالَ النَّسَائِيّ: سِتّ غزوات من غير شكّ، وَنقل بَعضهم عَن ابْن مَالك: سبع غزوات أَو ثَمَان، وَأطَال الْكَلَام عَنهُ فَلَا فَائِدَة فِيهِ هُنَا لِأَنَّهُ لم يثبت عَن أحد مِمَّن رُوِيَ هَذَا الحَدِيث لفظ أَو ثَمَان. وَالله أعلم.
قَوْله:(قَالَ سُفْيَان) ، هُوَ الثَّوْريّ (وَأَبُو عوَانَة) الوضاح الْيَشْكُرِي (وَإِسْرَائِيل) بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي كلهم رووا عَن أبي يَعْفُور عَن عبد الله بن أبي أوفى (سبع غزوات) وَأما رِوَايَة سُفْيَان فقد وَصلهَا الدَّارمِيّ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ عَن سُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَلَفظه غزونا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سبع غزوات نَأْكُل الْجَرَاد وَأما رِوَايَة أبي عوَانَة فقد وَصلهَا مُسلم عَن أبي كَامِل عَنهُ، وَأما رِوَايَة إِسْرَائِيل فقد وَصلهَا الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق عبد الله بن رَجَاء، عَنهُ وَلَفظه سبع غزوات كُنَّا نَأْكُل مَعَه الْجَرَاد.
وَهَذَا الحَدِيث يدل على جَوَاز أكل الْجَرَاد قَالُوا أكل الْجَرَاد حَلَال بِالْإِجْمَاع، وَخَصه ابْن الْعَرَبِيّ بِغَيْر جَراد الأندلس لما فِيهِ من الضَّرَر الْمَحْض، وَعَن الْمَالِكِيَّة فِي الْمَشْهُور خِلَافه ووردت أَحَادِيث أُخْرَى بِأَكْلِهِ.
وَمِنْهَا حَدِيث ابْن عمر أخرجه ابْن مَاجَه من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عمر: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: أحلّت لنا ميتَتَانِ الْحُوت وَالْجَرَاد. كَذَا رَوَاهُ فِي أَبْوَاب الصَّيْد ثمَّ رَوَاهُ فِي أَبْوَاب الْأَطْعِمَة وَزَاد فِيهِ وَدَمَانِ: الكبد وَالطحَال، وَعبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم ضَعِيف ضعفه يحيى بن معِين وَغَيره. وَمِنْهَا حَدِيث جَابر رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) من رِوَايَة جَابر الْجعْفِيّ وَهُوَ ضَعِيف عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأصبنا جَرَادًا فأكلنا. وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَوَاهُ ابْن مَاجَه من رِوَايَة أبي المهزم وَهُوَ ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حج أَو عمْرَة فَاسْتقْبلنَا رجل من جَراد فَجعلنَا نضربهن بأسواطنا ونعالنا. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:(كلوه فَإِنَّهُ من صيد الْبَحْر) .
ووردت أَحَادِيث أُخْرَى بِالْوَقْفِ وبالمنع. مِنْهَا: مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث زَيْنَب بنت منجل، وَيُقَال: منخل عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زجر صبياننا عَن الْجَرَاد وَكَانُوا يَأْكُلُونَهُ قَالَ أَبُو الْحسن: وَالصَّوَاب أَنه مَوْقُوف. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن سُلَيْمَان سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الْجَرَاد فَقَالَ: لَا أحله وَلَا أحرمهُ. قَالَ: وَقد رُوِيَ مُرْسلا وروى ابْن أبي عَاصِم من حَدِيث بَقِيَّة: حَدثنِي نمير ابْن يزِيد حَدثنِي أبي أَنه سمع صدي بن عجلَان يحدث أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: إِن مَرْيَم بنت عمرَان، عَلَيْهَا السَّلَام، سَأَلت رَبهَا عز وَجل أَن يطْعمهَا لَحْمًا لَا دم لَهُ، فأطعمها الْجَرَاد فَقَالَت: اللَّهُمَّ أنعشه بِغَيْر رضَاع وتابع بَينه وَبَين بنيه بِغَيْر شياع، يَعْنِي: الصَّوْت وروى أَيْضا من حَدِيث مُحَمَّد بن عِيسَى الْهُذلِيّ عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر قَالَ: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إِن الله خلق ألف أمة: سِتّمائَة فِي الْبَحْر، وَأَرْبَعمِائَة فِي الْبر، فَأول شَيْء يهْلك من هَذِه الْأمة الْجَرَاد فَإِذا هلك الْجَرَاد تَتَابَعَت الْأُمَم مثل سلك النظام.
١٤ - (بَابُ: {آنِيَةِ المَجُوسِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم آنِية الْمَجُوس فِي الْأكل وَالشرب مِنْهَا، وَقد ترْجم هَكَذَا، وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب ذكر الْمَجُوس وَإِنَّمَا فِيهِ ذكر أهل الْكتاب، فَقيل: لَعَلَّ البُخَارِيّ يرى أَن الْمَجُوس من أهل الْكتاب، وَقيل: بني الحكم هَكَذَا لِأَن الْمَحْذُور من ذَلِك وَاحِد وَهُوَ عدم توقيهم النَّجَاسَات، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هما متساويان فِي عدم التوقي عَن النَّجَاسَات فَحكم بِأَحَدِهِمَا على الآخر بِالْقِيَاسِ، وَبِاعْتِبَار أَن الْمَجُوس يَزْعمُونَ التَّمَسُّك بِالْكتاب، وَقيل: نَص فِي بعض طرق الحَدِيث على الْمَجُوس، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن قدور الْمَجُوس؟ فَقَالَ: اتقوها غسلا واطبخوا فِيهَا وَمن عَادَة البُخَارِيّ أَنه يترجم بِهِ ثمَّ يُورد على الْبَاب مَا يُؤْخَذ مِنْهُ الحكم بطرِيق الْإِلْحَاق.