للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حيتانهم يَوْم سبتهم شرعا وَيَوْم لَا يسبتون لَا تأتيهم كَذَلِك نبلوهم بِمَا كَانُوا يفسقون} (الْأَعْرَاف: ٣٦١) . قَوْله: (واسألهم) ، أَي: اسْأَل يَا مُحَمَّد هَؤُلَاءِ الْيَهُود الَّذين بحضرتك عَن قصَّة أَصْحَابهم الَّذين خالفوا أَمر الله ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم فِي الْمُخَالفَة، وحذر هَؤُلَاءِ من كتمان صِفَتك الَّتِي يجدونها فِي كتبهمْ لِئَلَّا يحل بهم مَا حل بإخوانهم وسلفهم. قَوْله: (عَن الْقرْيَة) هِيَ أَيْلَة وَهِي على شاطىء بَحر القلزم وَهِي على طَرِيق الْحَاج الذَّاهِب إِلَى مَكَّة من مصر وَحكى ابْن التِّين عَن الزُّهْرِيّ أَنَّهَا طبرية وَقبل هِيَ مَدين وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَقَالَ ابْن زيد هِيَ قَرْيَة يُقَال لَهَا منتنا بَين مَدين وعينونا قَوْله (إِذْ يعدون) أَي: يعتدون فِيهِ ويخالفون فِيهِ أَمر الله وَهُوَ اصطيادهم فِي يَوْم السبت وَقد نهو عَنهُ، وَإِذ يعدون بدل من الْقرْيَة بدل الاشتمال، وَيجوز أَن يكون مَنْصُوبًا بقوله: كَانَت، أَو بقوله: حَاضِرَة. قَوْله: (إِذْ تأتيهم) كلمة: إِذْ، مَنْصُوب بقوله: يعدون. قَوْله: (شرعا) أَي: ظَاهِرَة على المَاء، قَالَه ابْن عَبَّاس. قَوْله: (كَذَلِك نبلوهم) أَي: نختبرهم بِإِظْهَار السّمك لَهُم على ظهر المَاء فِي الْيَوْم الْمحرم عَلَيْهِم صَيْده.

يَعْدُونَ يتَعَدَّوْنَ يَتَجَاوَزُونَ فِي السَّبْتِ {إِذْ تأتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً} (الْأَعْرَاف: ٣٦١) . شَوَارِعَ

فسر قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يعدون} بقوله: يتعدون يتجاوزون، وَقد فسرناه، وَقد فسر شرعا بقوله: شوارع، وَفِيه نظر، لِأَن الشَّرْع جمع شَارِع، والشوارع جمع شارعة، ومادته تدل على الظُّهُور وَمِنْه شرع الدّين: إِذا بَينه وأظهره.

إِلَى قَوْلِهِ {كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} (الْأَعْرَاف: ٣٦١ ٧٦١) .

إِلَى: مُتَعَلق بقوله: شرعا، وَلَيْسَ هُوَ بتعلق نحوي، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: إقرأ بعد قَوْله: شرعا، إِلَى قَوْله {كونُوا قردة خَاسِئِينَ} وَهُوَ قَوْله: {وَيَوْم لَا يسبتون لَا تأتيهم كَذَلِك نبلوهم بِمَا كَانُوا يفسقون وَإِذ قَالَت أمة مِنْهُم لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا قَالُوا معذرة إِلَى ربكُم ولعلهم يَتَّقُونَ فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ أنجينا الَّذين ينهون عَن السوء وأخذنا الَّذين ظلمُوا بِعَذَاب بئيس بِمَا كَانُوا يفسقون فَلَمَّا عتوا عَمَّا نهوا عَنهُ قُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ} (الْأَعْرَاف: ٣٦١ ٧٦١) . قَوْله: أمة مِنْهُم، أَي: جمَاعَة من أَصْحَاب السبت وَكَانُوا ثَلَاث فرق: فرقة ارتكبت الْمَحْذُور واحتالوا على صيد السّمك يَوْم السبت. وَفرْقَة نهت عَن ذَلِك وَأنْكرت واعتزلتهم. وَفرْقَة سكتت فَلم تفعل وَلم تنه، وَلَكنهُمْ قَالُوا للمنكرة: لِمَ تَعِظُونَ قوما الله مهلكهم؟ قَوْله: (معذرة) ، قرىء بِالرَّفْع على تَقْدِير: هَذَا معذرة، وَبِالنَّصبِ على تَقْدِير: نَفْعل ذَلِك معذرة إِلَى ربكُم أَي: فِيمَا أَخذ علينا بِالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، ولعلهم يَتَّقُونَ أَي: لَعَلَّهُم بِهَذَا الْإِنْكَار يَتَّقُونَ مَا هم فِيهِ ويتركونه ويرجعون إِلَى الله تَعَالَى تَائِبين، فَإِذا تَابُوا تَابَ الله عَلَيْهِم. قَوْله: (فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ) أَي: فَلَمَّا أبي الفاعلون الْمُنكر قبُول النَّصِيحَة (أنجينا الَّذين ينهون عَن السوء وأخذنا الَّذين ظلمُوا) أَي: ارتكبوا الْمعْصِيَة. قَوْله: (فَلَمَّا عتوا) أَي: فَلَمَّا تكبروا. قَوْله: (قردة) ، جمع قرد، قَوْله: (خَاسِئِينَ) أَي: ذليلين حقيرين مهانين، وروى ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس: صَار شُبَّانهمْ قردة وشيوخهم خنازير.

بَئِيسٌ شَدِيدٌ

هَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَهَكَذَا فسره الزَّمَخْشَرِيّ يُقَال: بؤس ببؤس بَأْسا: إِذا اشْتَدَّ فَهُوَ بئيس، وقرىء: بئس، بِوَزْن حذر وَبئسَ على تَخْفيف الْعين وَنقل حركتها إِلَى الْفَاء، كَمَا يُقَال: كبد فِي كبد، وبيس على قلب الْهمزَة يَاء: كذيب، فِي ذِئْب، وبيئس على وزن فيعل بِكَسْر الْهمزَة وَفتحهَا، وبيس على وزن ريس وبيس على وزن هَين فِي هَين.

وَلم يذكر البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب حَدِيثا.

٧٣

- (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {وآتَيْنَا داوُدَ زَبُورَاً} (النِّسَاء: ٢٦١، الْإِسْرَاء: ٥٥) .

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قَوْله تَعَالَى: {وآتينا دَاوُد زبوراً} (الْأَعْرَاف: ٣٦١ ٧٦١) . وَقَبله: {إِنَّا أَوْحَينَا إِلَيْك كَمَا أَوْحَينَا إِلَى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إِلَى إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب والأسباط وَعِيسَى وَأَيوب وَيُونُس وَهَارُون وَسليمَان وآتينا دَاوُد زبوراً} (النِّسَاء: ٢٦١، والأسراء: ٥٥) . وَدَاوُد اسْم أعجمي، وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ بالعبرانية الْقصير الْعُمر، وَيُقَال: سمي بِهِ لِأَنَّهُ داوى جراحات الْقُلُوب، وَقَالَ مقَاتل: ذكره الله فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>