فَهُوَ على الِابْتِدَاء، وَيزِيد خَبره، وَيحْتَمل أَن يكون: رجل، فَاعل فعل مُقَدّر نَحْو: بلغه، وعَلى التقادير: لَا يخفى مَا فِي هَذَا التَّرْكِيب من التعجرف، وَلَو كَانَ كلمة: كلهم، ضمير الْفَرد لَكَانَ ظَاهرا. انْتهى. قلت: التعجرف الَّذِي ذكره من الروَاة والتعجرف والعجرفة والعجرفيه بِمَعْنى: يُقَال فلَان يتعجرف على فلَان إِذا كَانَ يركبه بِمَا يكره، وَلَا يهاب شَيْئا، وَيُقَال: جمل فِيهِ تعجرف وعجرفة إِذا كَانَ فِيهِ خرق وَقلة مبالاة لسرعته، وَالصَّوَاب هُنَا التَّرْكِيب الَّذِي فِي رِوَايَة الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور فِي سَنَده. قَوْله: (وَغَيره) بِالْجَرِّ، أَي: وَعَن غير عَطاء. قَوْله: (يزِيد بَعضهم على بعض) ، حَال وَالضَّمِير فِي بَعضهم يرجع إِلَى لفظ غَيره، لِأَن غير عَطاء يحْتَمل أَن يكون جمعا. قَوْله: (وَلم يبلغهُ) ، أَيْضا حَال، أَي: وَالْحَال أَنهم لم يبلغُوا الحَدِيث، بل بلغه رجل وَاحِد مِنْهُم، فَلَا بُد من تَقْدِير عل قبل رجل ليستقيم الْمَعْنى، وَغير هَذَا الْوَجْه معجرف. قَوْله: (على ثفال) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْفَاء الْخَفِيفَة: وَهُوَ الْبَعِير البطيء السّير الثقيل الْحَرَكَة، والثفال، بِكَسْر الثَّاء جلد أَو كسَاء يوضع تَحت الرَّحَى، يَقع عَلَيْهِ الدَّقِيق. وَقَالَ ابْن التِّين: وَصوب كسر الثَّاء، هُنَاكَ قَالَه ابْن فَارس، (فَكَانَ من ذَلِك الْمَكَان) ، أَي: فَكَانَ الْجمل من مَكَان الضَّرْب من أَوَائِل الْقَوْم، وَفِي مباديهم ببركة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَيْثُ تبدل ضعفه بِالْقُوَّةِ. قَوْله: (بل هُوَ لَك يَا رَسُول الله) أَي: بِغَيْر ثمن. قَوْله: (قَالَ: بل بعنيه) ، أَي: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل بِعني الْجمل بِالثّمن، وَذكر كلمة: بل، للإضراب عَن قَول جَابر إِنَّه لَا يَأْخُذهُ بِلَا ثمن. قَوْله: (قَالَ: قد أَخَذته بأَرْبعَة دَنَانِير) أَي: قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قد أخذت الْجمل بأَرْبعَة دَنَانِير، فِيهِ ابْتِدَاء المُشْتَرِي بِذكر الثّمن، كَذَا هُوَ بِخَط الْحَافِظ الدمياطي، وَذكره الدَّاودِيّ الشَّارِح بِلَفْظ: أَربع الدَّنَانِير، وَقَالَ: سَقَطت التَّاء لما دخلت الْألف وَاللَّام، وَذَلِكَ جَائِز فِيمَا دون الْعشْرَة، وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن التِّين بِأَنَّهُ قَول مخترع لم يقلهُ أحد غَيره. قَوْله: (وَلَك ظَهره إِلَى الْمَدِينَة) أَي: لَك أَن تركب إِلَى الْمَدِينَة، وَهَذَا إِعَارَة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ، وَإِبَاحَة للِانْتِفَاع لَا أَنه كَانَ شرطا للْبيع. وَقَالَ الدَّاودِيّ: إِذا كَانَ على قرب مثل تِلْكَ الْمسَافَة، وَإِن كَانَ روى عَنهُ كَرَاهَة ذَلِك، وَلَا يجوز فِيمَا بعد عَنهُ، وَقَالَ قوم: ذَلِك جَائِز، وَإِن بعد، وَقَالَت فرقة: لَا يجوز وَإِن قرب. قَوْله: (قد خلا مِنْهَا) أَي: مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا. قَوْله: (فَهَلا جَارِيَة) ، انتصاب جَارِيَة بِفعل مُقَدّر، أَي: هلا تزوجت جَارِيَة. قَوْله: (قد جربت) أَي: اختبرت حوادث الدَّهْر وَصَارَت ذَات تجربة تقدر على تعهد إخواتي وتفقد أحوالهن. قَوْله: (قَالَ: فَذَلِك) ، أَي: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَذَلِك، وَهُوَ مُبْتَدأ خبر مَحْذُوف أَي: فَذَلِك مبارك. وَنَحْوه. قَوْله: (إقضه) ، أَي: اقْضِ دينه، وَهُوَ ثمن الْجمل. قَوْله: (وزده) أَي: زد على الثّمن، وَهُوَ أَمر من زَاد يزِيد، نَحْو: بَاعَ يَبِيع، وَالْأَمر مِنْهُ: بِعْ، بِالْكَسْرِ. قَوْله: (فَلم يكن القيراط يُفَارق جراب جَابر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) ، وَهَذَا من قَول عَطاء الرَّاوِي، كَذَا وَقع لفظ: جراب، بِالْجِيم فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: قرَاب، بِالْقَافِ وَهُوَ الَّذِي يدْخل فِيهِ السَّيْف بغمده، قَالَ الدَّاودِيّ: القراب خريطة، ورد عَلَيْهِ ابْن التِّين: بِأَن الخريطة لَا يُقَال لَهَا: قرَاب، وَقد زَاد مُسلم فِي آخر هَذَا الحَدِيث، فَأَخذه أهل الشَّام يَوْم الْحرَّة.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد من هذاالحديث: أَن الْمُتَعَارف بَين النَّاس مثل النَّص عَلَيْهِ، وَعَن هَذَا قَالَ ابْن بطال: والمأمور بِالصَّدَقَةِ إِذا أعْطى مَا يتعارفه النَّاس جَازَ وَنفذ، فَإِن أعْطى أَكثر مِمَّا يتعارفه النَّاس يتَوَقَّف ذَلِك على رضَا صَاحب المَال، فَإِن أجَاز ذَلِك وإلَاّ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِقْدَار ذَلِك، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنه لَو أمره أَن يُعْطي فلَانا قَفِيزا فَأعْطَاهُ قفيزين ضمن الزِّيَادَة بِالْإِجْمَاع.
٩ - (بابُ وكالَةِ الإمْرَأةِ الإمامَ فِي النِّكَاحِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم تَوْكِيل الْمَرْأَة الإِمَام فِي عقد النِّكَاح وَالْوكَالَة يَعْنِي: التَّوْكِيل مصدر مُضَاف إِلَى فَاعله، وَالْإِمَام، بِالنّصب مَفْعُوله، وَفِي بعض النّسخ وكَالَة الْمَرْأَة.
٠١٣٢ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ أبِي حازِمٍ عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ جاءَتْ امْرأةٌ إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَتْ يَا رسولَ الله إنِّي قَدْ وهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِي فَقالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا قَالَ قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا معَكَ مِنَ القُرآنِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute