للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأسفله. وَقيل: مُشْتَقّ من كل يكل، يُقَال: كلت الرَّحِم: إِذا تَبَاعَدت وَطَالَ انتسابها. وَمِنْه كل فِي مَشْيه إِذا انْقَطع لبعد الْمسَافَة. وَقَالَ الْمُنْذر: وَاخْتلف فِي مُسَمّى الْكَلَالَة، فَقيل: إِنَّه اسْم للْوَرَثَة من غير الْوَالِدين والمولودين. قَالَ غير وَاحِد. وَقيل: هُوَ اسْم للْمَيت، قَالَه السّديّ، وَقَالَ الزُّهْرِيّ: سمي الْمَيِّت الَّذِي لَا ولد لَهُ وَلَا وَالِد كَلَالَة، وَيُسمى وَارثه كَلَالَة، وَقيل: هُوَ المَال الْمَوْرُوث، قَالَه عَطاء وَغَيره، وَقيل: الْفَرِيضَة، وَقيل: المَال وَالْوَرَثَة، وَقَالَ ابْن دُرَيْد هم بَنو الْعم، وَمن أشبههم، وَقيل: هم الْعَصَبَات كلهم وَإِن بعدوا. قَوْله: (وَله أُخْت) أَي: من أَبِيه وَأمه. أَو من أَبِيه. لِأَن ذكر أَوْلَاد الْأُم قد سبق فِي أول السُّورَة. قَوْله: (فلهَا نصف مَا ترك) هَذَا بَيَان فَرضهَا عِنْد الِانْفِرَاد. قَوْله: (وَهُوَ يَرِثهَا) يَعْنِي: أَخُوهَا يَرِثهَا يَعْنِي: يسْتَغْرق مِيرَاث الْأُخْت إِذا لم يكن لَهَا ولد وَلَا وَالِد، وَهَذَا فِي الْأَخ من الْأَبَوَيْنِ، أَو الْأَب. قَوْله: (إِن لم يكن لَهَا ولد) أَي: ابْن لِأَن الابْن يسْقط الْأَخ دون الْبِنْت.

وَأما سَبَب نزُول الْآيَة الْمَذْكُورَة فَمَا رُوِيَ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي طَرِيق مَكَّة عَام حجَّة الْوَدَاع: إِن لي أُخْتا فكم آخذ من مِيرَاثهَا؟ فَنزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم} (النِّسَاء: ١٧٦) الْآيَة قَالَه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عَسْكَر المالقي وَقيل أَنَّهَا آخر مَا نزل من الْقُرْآن، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) .

وَالكَلالَةُ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أبٌ أوْ ابنٌ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير الْكَلَالَة، وَهَذَا قَول أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أخرجه ابْن أبي شيبَة عَنهُ، وَهُوَ قَول جُمْهُور الْعلمَاء من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن بعدهمْ، وَقد ذكرنَا فِيهِ أقوالاً أخر عَن قريب. قَوْله: (وَهُوَ) أَي: لفظ الْكَلَالَة مصدر من قَوْلهم، تكلله النّسَب. قَالَ بَعضهم: هُوَ قَول أبي عُبَيْدَة. قلت: فِيهِ نظر لِأَن تكلل على وزن تفعل ومصدره تفعل، وَهُوَ لَيْسَ بمصدر بل هُوَ اسْم، وَقد ذكرنَا فِيهِ وُجُوهًا أخر عَن قريب، وَمعنى تكلله النّسَب تطرفه، كَأَنَّهُ أَخذ طَرفَيْهِ من جِهَة الْوَالِد وَالْولد وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمَا أحد.

٤٦٠٥ - ح دَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حدَّثنا شُعْبَةَ عَنْ أبِي إسْحَاقَ سَمِعْتُ البَرَاءَ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزِلَتْ بَرَاءَةٌ وَآخِرُ آيَةِ نَزَلَتْ يَسْتَفْتُونَكَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَرَائِض عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَأخرجه النَّسَائِيّ فيهمَا عَن بنْدَار وَغَيره، قيل: تقدم فِي سُورَة الْبَقَرَة أَن آخر آيَة نزلت هِيَ آيَة الرِّبَا. وَأجِيب: بِأَن الرَّاوِي هُنَا الْبَراء بن عَازِب، وَالَّذِي هُنَاكَ قَول ابْن عَبَّاس. قلت: هَذَا لَيْسَ بِجَوَاب مقنع، بلَى إِن قيل: إِن هَذَا آخر آيَة نزلت فِي أَحْكَام الرِّبَا فَلهُ وَجه غير بعيد.

لم تذكر التَّسْمِيَة فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَلَقَد أحسن من ذكرهَا.

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

٥ - ( {بابُ تَفْسِيرِ سُورَةِ المَائِدَةِ} )

أَي: هَذَا بَيَان تَفْسِير بعض شَيْء من سُورَة الْمَائِدَة، وَهِي على وزن فاعلة. بِمَعْنى: مفعولة. أَي: ميد بهَا صَاحبهَا، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: مَا دهم يميدهم، لُغَة فِي مارهم من الْميرَة، وَمِنْه الْمَائِدَة، وَهِي خوان عَلَيْهِ طَعَام فَإِذا لم يكن عَلَيْهِ طَعَام فَلَيْسَ بمائدة، وَإِنَّمَا هُوَ خوان، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة مائدة. فاعلة بِمَعْنى مفعولة، مثل: {عيشة راضية} (الحاقة: ٢١) بِمَعْنى: مرضية. وَقَالَ مقَاتل: هِيَ مَدَنِيَّة كلهَا نزلت بِالنَّهَارِ. وَقَالَ عَطاء بن أبي مُسلم: نزلت سُورَة الْمَائِدَة ثمَّ سُورَة التَّوْبَة، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي (مقامات التَّنْزِيل) هِيَ آخر مَا نزل وفيهَا اخْتِلَاف فِي سِتّ آيَات آيَة مِنْهَا نزلت فِي عَرَفَات لم أسمع أحدا اخْتلف فِيهَا. وَهِي: {الْيَوْم أكلمت لكم دينكُمْ} (الْمَائِدَة: ٣) وَآيَة التَّيَمُّم نزلت بالأبواء، وَآيَة: {وَالله يَعْصِمك} (الْمَائِدَة: ٦٧) نزلت بِذَات الرّقاع وآيتان فيهمَا دلَالَة على أقاويل، بَعضهم: أَنَّهَا نزلت قبل الْهِجْرَة وَهِي: {ذَلِك بِأَن مِنْهُم قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا} (الْمَائِدَة: ٨٢) إِلَى قَوْله: {مَعَ الشَّاهِدين} وَآيَة اخْتلفُوا فِيهَا، فَقيل: إِنَّهَا نزلت بنخلة فِي الْغَزْوَة السَّابِعَة. وَقيل: إِنَّهَا نزلت بِالْمَدِينَةِ فِي شَأْن كَعْب بن

<<  <  ج: ص:  >  >>