مُنْقَطع أَي: أَن الله بَرِيء مِنْهُم وَلَكِن الَّذين عاهدتم فثبتوا على الْعَهْد فكفوا عَنْهُم بَقِيَّة الْمدَّة. قَوْله: (ثمَّ لم ينقصوكم شَيْئا) ، أَي: من شُرُوط الْعَهْد، وقرىء بالضاد الْمُعْجَمَة. قَوْله: (وَلم يظاهروا) أَي: وَلم يعاونوا عَلَيْكُم أحدا. قَوْله: (إِلَى مدتهم) ، أَي إِلَى انْقِضَاء مدتهم. قَوْله: {إِن الله يحب الْمُتَّقِينَ} أَي: الْمُوفينَ بعهدهم.
آذَنَهُمْ أعْلَمَهُمْ
أَي: معنى آذنهم أعلمهم، وَالْمرَاد بِهِ مُطلق الْإِعْلَام لِأَنَّهُ من الإيذان، وَقد ذَكرْنَاهُ.
٤٦٥٦ - ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حدّثنا اللَّيْثُ حدّثني عُقَيْلٌ قَالَ ابنُ شِهابٍ فأخْبرني حُمَيْدُ ابنُ عبدِ الرَّحْمانِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِي أبُو بَكْرٍ رضيَ الله عَنهُ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي المُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْر يُؤَذِّنونَ بِمنًى أنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ العامِ مُشْرِكٌ ولَا يَطوفَ بالبَيْتِ عُرْيانٌ قَالَ حُمَيْدٌ ثُمَّ أرْدَفَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ فأمَرَهُ أنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ فأذّنَ مَعَنا عَلِيٌّ فِي أهلِ منى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ وأنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ العامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بالبَيْتِ عُرْيان. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور قبل هَذَا الْبَاب. قَوْله: (أَن لَا يحجّ) ويروى: ألَاّ بِفَتْح الْهمزَة وإدغام النُّون فِي اللَّام. قَوْله: (بعد الْعَام) أَي: بعد الزَّمَان الَّذِي وَقع فِيهِ الْإِعْلَام بذلك. قَوْله: (وَلَا يطوف) بِالنّصب عطفا على أَن لَا يحجّ. قَوْله: (قَالَ حميد) هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الْمَذْكُور فِيهِ، وَاسْتشْكل الطَّحَاوِيّ فِي قَوْله: أَن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ، وَذَلِكَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث أَبَا بكر ثمَّ أردفه عليا رَضِي الله عَنهُ، فَأمره أَن يُؤذن فَكيف يبْعَث أَبُو بكر أَبَا هُرَيْرَة؟ ثمَّ أجَاب بقوله: إِن أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: كنت مَعَ عَليّ حِين بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِبَرَاءَة إِلَى أهل مَكَّة، فَكنت أنادي مَعَه بذلك حَتَّى يصهل صوتي، وَكَانَ يُنَادي بِأَمْر أبي بكر، بِمَا يلقنه عَليّ بِمَا أَمر بتبليغه. قَوْله: (أَن يُؤذن بِبَرَاءَة) يجوز فِيهِ الرّفْع بِالتَّنْوِينِ على سَبِيل الْحِكَايَة. والجر بِالْبَاء، وَيجوز أَن يكون عَلامَة الْجَرّ فَتْحة. قَوْله: (قَالَ أَبَا هُرَيْرَة) مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (بِبَرَاءَة) . لَيْسَ المُرَاد مِنْهَا السُّورَة كلهَا، وَعَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَغَيره، قَالُوا: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا بكر أَمِيرا على الْمَوْسِم سنة تسع، وَبعث عَليّ بن أبي طَالب بِثَلَاثِينَ آيَة أَو أَرْبَعِينَ من بَرَاءَة الحَدِيث. قَوْله: (وَأَن لَا يحجّ) إِلَى آخِره، اسْتشْكل فِيهِ الْكرْمَانِي بِأَن عليا رَضِي الله عَنهُ، كَانَ مَأْمُورا بِأَن يُؤذن بِبَرَاءَة، فَكيف يُؤذن بِأَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك؟ ثمَّ أجَاب بِأَنَّهُ أذن بِبَرَاءَة، وَمن جملَة مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ أَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك من قَوْله تَعَالَى فِيهَا: {إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا} (التَّوْبَة: ٢٨) وَيحْتَمل أَن يكون أَمر أَن يُؤذن بِبَرَاءَة وَبِمَا أَمر أَبُو بكر أَن يُؤذن بِهِ أَيْضا، انْتهى. قلت: فَإِنَّهُ الْجَواب عَن زِيَادَة قَوْله: (وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان) وَعَن شَيْء آخر رَوَاهُ الشّعبِيّ: حَدثنِي مُحرز بن أبي هُرَيْرَة عَن أَبِيه قَالَ: كنت مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ، حِين بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُنَادي، فَكَانَ إِذا صَهل ناديت. قلت: بِأَيّ شَيْء كُنْتُم تنادون؟ قَالَ: بِأَرْبَع لَا يطوف بِالْكَعْبَةِ عُرْيَان، وَمن كَانَ لَهُ عهد من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعهده إِلَى مدَّته، وَلَا يدْخل الْجنَّة إلَاّ نفس مُؤمنَة، وَلَا يحجّ بعد عامنا مُشْرك. وَرَوَاهُ ابْن جرير عَن الشّعبِيّ بِهِ من غير وَجه.
٤ - (بَاب: {إلاّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ} (التَّوْبَة: ٤)
قد مر تَفْسِيره عَن قريب، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ ذكر هَذِه.
٤٦٥٧ - ح دَّثنا إسْحَاقُ حدّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدّثنا أبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابنِ شِهَابٍ أنَّ حُمَيْدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمانِ أخْبَرَهُ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أخْبَرَهُ أنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِي الله عنْهُ بَعَثَهُ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي أمَّرَهُ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الوَداعِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute