والإقران: وَبَاب التَّمَتُّع على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. الثَّانِيَة: حكم الْهَدْي، فَذكره فِي حَدِيث هَذَا الْبَاب. الثَّالِثَة: حكم الصَّوْم، فَذكره أَيْضا فِي: بَاب قَوْله تَعَالَى: {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام}(الْبَقَرَة: ٦٩١) . الرَّابِعَة: حكم حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام، فَذكره أَيْضا فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {ذَلِك لمن لم يكن أَهله حاضري الْمَسْجِد الْحَرَام}(الْبَقَرَة: ٦٩١) [/ ح.
وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِيمَا {اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي}(الْبَقَرَة: ٦٩١) . فَقَالَت طَائِفَة: شَاة، رُوِيَ ذَلِك عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ عَنْهُمَا مَالك فِي (موطئِهِ) وَأخذ بِهِ، وَقَالَ بِهِ جُمْهُور الْعلمَاء. وَاحْتج بقول الله تَعَالَى:{هذيا بَالغ الْكَعْبَة}(الْمَائِدَة: ٥٩) . قَالَ: وَإِنَّمَا يحكم بِهِ فِي الْهَدْي شَاة، وَقد سَمَّاهَا الله تَعَالَى: هَديا، وَرُوِيَ عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس مَا يَقْتَضِي أَن مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي، فِي حق النَّبِي بَدَنَة، وَفِي حق غَيره بقرة، وَفِي حق الْفَقِير: شَاة، وَعَن ابْن عمر وَابْن الزبير وَعَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: أَنه من الْإِبِل وَالْبَقر خَاصَّة، وَكَأَنَّهُم ذَهَبُوا إِلَى ذَلِك من أجل قَوْله تَعَالَى:{وَالْبدن جعلناها لكم من شَعَائِر الله}(الْحَج: ٦٣) . فَذَهَبُوا إِلَى أَن الْهَدْي مَا وَقع عَلَيْهِ اسْم بدن، وَيَردهُ قَوْله تَعَالَى:{فجزاء مثل مَا قتل من النعم}(الْمَائِدَة: ٥٩) . إِلَى قَوْله:{هَديا بَالغ الْكَعْبَة}(الْمَائِدَة: ٥٩) . وَقد حكم الْمُسلمُونَ فِي الظبي بِشَاة، فَوَقع عَلَيْهَا اسْم هدي. وَقَوله تَعَالَى:{فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي}(الْبَقَرَة: ٦٩١) . يحْتَمل أَن يُشِير بِهِ إِلَى أقل أَجنَاس الْهَدْي، وَهُوَ الشَّاة وَإِلَى أقل صِفَات كل جنس، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر: الْبَدنَة دون الْبَدنَة وَالْبَقَرَة دون الْبَقَرَة فَهَذَا عِنْده أفضل من الشَّاة، وَلَا خلاف يعلم فِي ذَلِك، وَإِنَّمَا مَحل الْخلاف أَن الْوَاجِد لِلْإِبِلِ وَالْبَقر هَل يخرج شَاة؟ فَعِنْدَ ابْن عمر: يمْنَع إِمَّا تَحْرِيمًا، وَإِمَّا كَرَاهَة، وَعند غَيره: نعم، وَرُوِيَ عَن ابْن عمر وَأنس: يجزيء فِيهَا شرك فِي دم، وَرُوِيَ عَن عَطاء وطاووس وَالْحسن مثله، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر، وَلَا تجزىء عِنْدهم الْبَدنَة أَو الْبَقَرَة عَن أَكثر من سَبْعَة، وَلَا الشَّاة عَن أَكثر من وَاحِد. وَأما مَا رُوِيَ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى بِشَاة عَن أمته فَإِنَّمَا كَانَت تَطَوّعا، وَعند الْمَالِكِيَّة: تجوز الْبَدنَة أَو الْبَقَرَة عَن أَكثر من سَبْعَة إِذا كَانَت ملكا لرجل وَاحِد وضحى بهَا عَن نَفسه وَأَهله.