٣٠ - (بابُ الاعْتِرافِ بالزِّنى)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الِاعْتِرَاف بِالزِّنَا.
٦٨٢٧ - ٦٨٢٨ ح دّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفيانُ، قَالَ: حَفِظْناهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله أنّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وزَيْدَ بنَ خالِدٍ قَالَا: كُنَّا عِنْدَ النَّبيِّ فقامَ رَجُلٌ فَقَالَ: أنْشُدُكَ الله إلاّ مَا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتابِ الله، فقامَ خَصْمُهُ وكانَ أفْقَهَ منْهُ فَقَالَ: اقضِ بَيْنَنا بِكِتابِ الله وأذَنْ لي. قَالَ: قلْ قَالَ: إنَّ ابْنِي كانَ عَسِيفاً عَلى هاذَا، فَزَنَي بِامْرَأتِهِ، فافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمائَةِ شاةٍ وخادِمٍ، ثُمَّ سَألْتُ رِجالاً مِنْ أهْلِ العِلْمِ، فأخْبَرُونِي أنَّ عَلى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وتَغْرِيبَ عامٍ، وعَلى امْرَأتِهِ الرَّجْمَ، فَقَالَ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأقْضِيَنَّ بَيْنَكُما بِكِتابِ الله جَلَّ ذِكْرُهُ، المِائَةُ شاةٍ والخادِمُ رَدٌّ، وعَلى ابْنِكَ. جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ، واغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلى امْرَأةِ هاذا، فإنِ اعْتَرَفَت فارْجُمْها فَغَدا عَلَيْها فاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَها. قُلْتُ لِسُفْيانَ: لَمْ يَقُلْ: فأخْبَرُونِي أنَّ عَلى ابْنِي الرَّجْمَ. فَقَالَ: أشُكُّ فِيها مِنَ الزُّهْرِيِّ، فَرُبَّما قُلْتُها وَرُبَّمَا سَكَتُّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَاعْترفت فرجمها
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبيد الله هُوَ ابْن عبد الله بن عتبَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْوكَالَة عَن أبي الْوَلِيد وَفِي الشُّرُوط عَن قُتَيْبَة وَفِي النذور عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس وَغير ذَلِك فِي مَوَاضِع كَثِيرَة. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة وَمضى الْكَلَام فِيهِ مفرقاً.
قَوْله من فِي الزُّهْرِيّ أَي: من فَمه، وَفِي رِوَايَة الْحميدِي: حَدثنَا الزُّهْرِيّ، وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: سَمِعت الزُّهْرِيّ. قَوْله: كُنَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة شُعَيْب: بَيْنَمَا نَحن عِنْد النبيصلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة ابْن أبي ذِئْب: وَهُوَ جَالس فِي الْمَسْجِد. قَوْله: فَقَامَ رجل فِي رِوَايَة الشُّرُوط: أَن رجلا من الْأَعْرَاب جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي رِوَايَة شُعَيْب فِي الْأَحْكَام: إِذا قَامَ رجل من الْأَعْرَاب. قَوْله: أنْشدك الله بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون وَضم الشين الْمُعْجَمَة من قَوْلهم: نشده إِذا سَأَلَهُ رَافعا نشيدته وَهِي صَوته، وَضمن معنى: أنْشدك أذكرك. قَالَ سِيبَوَيْهٍ معنى: وأنشدك إلَاّ فعلت مَا أطلب مِنْك إلَاّ فعلك. وَقيل: يحْتَمل أَن يكون: إلَاّ، جَوَاب الْقسم لما فِيهَا من معنى الْحصْر، وَتَقْدِيره: أَسأَلك بِاللَّه لَا تفعل شَيْئا إلَاّ الْقَضَاء بِكِتَاب الله. فَإِن قلت: مَا فَائِدَة هَذَا وَالنَّبِيّ لَا يحكم إلَاّ بِكِتَاب الله؟ . قلت: هَذَا من خَفَاء وَجه الحكم عَلَيْهِ حِين سَأَلَ أهل الْعلم الَّذين أجابوا بِمِائَة جلدَة وتغريب عَام، وَهَذَا من قبيل قَول الْملكَيْنِ لداود عَلَيْهِ السَّلَام. ص: ٢٢ وَمن هَذَا قَالُوا: يجوز قَول الْخصم للْإِمَام الْعَادِل: اقْضِ بَيْننَا بِالْحَقِّ، على أَن النَّبِي لم يُنكر عَلَيْهِ قَوْله ذَلِك. قَوْله: إلَاّ قضيت بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد اللَّام وَهِي كلمة اسْتثِْنَاء، وَالْمعْنَى: مَا أطلب مِنْك إلَاّ الْقَضَاء بِحكم الله. قَوْله: بِكِتَاب الله قَالَ شَيخنَا زين الدّين: هَل المُرَاد بقوله: بِكِتَاب الله، أَي بِقَضَائِهِ وَحكمه؟ أَو المُرَاد بِهِ الْقُرْآن؟ يحْتَمل كلا الْأَمريْنِ. قَوْله: فَقَامَ خَصمه، وَكَانَ أفقه مِنْهُ الْوَاو فِي: وَكَانَ، للْحَال وَفِي رِوَايَة مَالك: وَقَالَ الآخر وَهُوَ أفقههما. إِمَّا مُطلقًا وَإِمَّا فِي هَذِه الْقَضِيَّة الْخَاصَّة. قَوْله: وائذن لي أَي: فِي التَّكَلُّم، وَهَذَا من جملَة كَلَام الرجل لَا الْخصم، وَهَذَا من جملَة أفقهيته حَيْثُ اسْتَأْذن بِحسن الْأَدَب وَترك رفع الصَّوْت، وَقد ورد حَدِيث مَرْفُوع، وَإِن كَانَ ضَعِيفا: أَن حسن السُّؤَال نصف الْعلم. قَوْله: إِن ابْني ويروى: إِن ابْني هَذَا. فَإِن قلت: إِقْرَار الْأَب عَلَيْهِ لَا يقبل. قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا أَيْضا جَوَاب لاستفتائه، أَي: إِن كَانَ ابْنك زنى وَهُوَ بكر فَعَلَيهِ كَذَا. قلت: الْأَحْسَن مَا قَالَه النَّوَوِيّ، على مَا يَجِيء عَن قريب. قَوْله: كَانَ عسيفاً بِفَتْح الْمُهْملَة الأولى: الْأَجِير، قَالَه مَالك، وَقَالَ أَبُو عمر: وَقد يكون العَبْد والسائل، وَفِي الْمُحكم العسيف الْأَجِير المستهان، وَقيل: هُوَ الْمَمْلُوك المستهان، وَقيل: كل خَادِم عسيف وَالْجمع عسفاء على الْقيَاس وعسفة على غير قِيَاس، وَفِي شرح الْمُوَطَّأ لعبد الْملك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute