مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ قَالَ مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلَاّ مَا حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَها فَانْظُروا مَا هاذا الأمْرُ الَّذِي حَدَثَ فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَها يَنْظُرُونَ مَا هاذا الأمْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ قَالَ فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلَى رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَخْلَةً وَهُوَ عَامِدٌ إلَى سُوقِ عُكاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأصْحَابِهِ صَلاةَ الفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ فَقَالُوا هاذا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا يَا قَوْمَنا إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنا عَجَبا يَهْدِي إلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أحَدا وَأنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} (الْجِنّ: ١) وَإنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ويوضح سَبَب النُّزُول أَيْضا وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: الوضاح الْيَشْكُرِي، وَأَبُو بشر: بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة جَعْفَر بن أبي وحشية الوَاسِطِيّ الْبَصْرِيّ.
والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بَاب الْجَهْر بِقِرَاءَة الصُّبْح فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة إِلَى آخِره، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (انْطلق) كَانَ ذَلِك فِي ذِي الْقعدَة سنة عشر من الْبعْثَة. قَوْله: (عكاظ) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْكَاف وبالظاء الْمُعْجَمَة: سوق الْعَرَب بِنَاحِيَة مَكَّة يصرف وَلَا يصرف وَكَانُوا يُقِيمُونَ بِهِ أَيَّامًا فِي الْجَاهِلِيَّة. قَوْله: (قد حيل) ، على بِنَاء الْمَجْهُول من حَال إِذا حجز. قَوْله: (تهَامَة) ، بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَهُوَ اسْم لكل مَا نزل عَن نجد من بِلَاد الْحجاز. قَوْله: (بنخلة) ، مَوضِع مَشْهُور ثمَّة وَهُوَ غير منصرف. قَوْله: (عَامِدًا) أَي: قَاصِدا. قَوْله: (تسمعوا) ، أَي: تكلفوا للسماع لِأَن بَاب التفعل للتكلف قَوْله: (حَال) ، أَي: حجز.
٣٧ - (سُورَةُ {المُزَّمَّلِ} )
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة المزمل وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: سُورَة المزمل والمدثر، وَلم يذكر فِي بعض النّسخ لفظ: سُورَة. قَالَ مقَاتل: هِيَ مَكِّيَّة إلَاّ قَوْله: {وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله} (المزمل: ٠٢) وَهِي ثَمَانمِائَة وَثَمَانِية وَثَلَاثُونَ حرفا ومائتان وَخمْس وَثَمَانُونَ كلمة، وَعِشْرُونَ آيَة وأصل المزمل بِالتَّشْدِيدِ المتزمل فأبدلت التَّاء زايا وأدغمت الزَّاي فِي الزَّاي، وَقَرَأَ أبي بن كَعْب على الأَصْل والمزمل والمدثر والمتلفف والمشتمل بِمَعْنى.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَتبَتَّلْ أخْلِصْ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله عز وَجل: {وتبتل إِلَيْهِ تبتيلاً} (المزمل: ٨) وَفَسرهُ بقوله: أخْلص، وَرَوَاهُ عبد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن جريج عَنهُ بِلَفْظ: أخْلص لَهُ الْمَسْأَلَة وَالدُّعَاء، وَقَالَ قَتَادَة: أخْلص لَهُ الدعْوَة وَالْعِبَادَة، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَأبي صَالح وَالضَّحَّاك وعطية وَالسُّديّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي مثل ذَلِك، وَعَن عَطاء: انْقَطع إِلَيْهِ انْقِطَاعًا، وَهُوَ الأَصْل فِيهِ. يُقَال: تبتلت الشَّيْء إِذا قطعته.
وَقَالَ الحَسَنْ: أنْكالاً: قُيُودا
أَي: قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن لدينا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا} (المزمل: ٢١) وَرَوَاهُ عبد عَن يحيى بن عبد الحميد عَن حَفْص بن عمر عَنهُ، والأنكال جمع نكل بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْكَاف وبفتحهما.
مُنْفَطِرٌ بِهِ مُثْقَلَةٌ بِهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {يَوْمًا يَجْعَل الْولدَان شيبا السَّمَاء منفطر بِهِ} وفسرخ بقوله: (مثقلة بِهِ) وَرَوَاهُ عبد من وَجه آخر عَن الْحسن الْبَصْرِيّ نَحوه: وَإِنَّمَا قَالَ: منفطر، بالتذكير على تَأْوِيلهَا بالسقف أوشيء منفطر بِهِ أَو ذَات انفطار.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ كَثِيبا: مَعِيلاً الرَّمْلُ: السَّائِلُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَت الْجبَال كثيبا مهيلاً} (المزمل: ٤١) أَي: رملاً سَائِلًا. رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ.
وَبِيلاً شَدِيدا