فَيكون يَمِينا وَاحِدَة. وَقَالَ الشَّافِعِي: عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة، وَبِه قَالَ مطرف وَابْن الْمَاجشون وَعِيسَى بن دِينَار، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس إِذا قَالَ: عَليّ عهد الله، فَحنث يعْتق رَقَبَة.
٢١ - (بابُ الحَلِفِ بِعِزَّةِ الله وصِفاتِهِ وكَلِماتِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْحلف بعزة الله نَحْو أَن يَقُول: وَعزة الله لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، أَو لَا أفعلن كَذَا، وهذايمين فِيهِ الْكَفَّارَة. قَوْله: (وَصِفَاته) قَالَ ابْن بطال: اخْتلف الْعلمَاء فِي الْيَمين بِصِفَات الله تَعَالَى، فَقَالَ مَالك فِي (الْمُدَوَّنَة) : الْحلف بِجَمِيعِ صِفَات الله وأسمائه لَازم كَقَوْلِه: والسميع والبصير والعليم والخبير واللطيف، أَو قَالَ: وَعزة الله وكبريائه وَقدرته وأمانته، وَحقه فَهِيَ أَيْمَان كلهَا تكفر، وَذكر ابْن الْمُنْذر مثله عَن الْكُوفِيّين إِذا قَالَ: وعظمة الله وكبريائه وجلال الله وَأَمَانَة الله، وَحنث عَلَيْهِ الْكَفَّارَة، وَكَذَلِكَ فِي كل اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى. وَقَالَ الشَّافِعِي: فِي جلال الله وعظمة الله وقدرة الله وَحقّ الله وَأَمَانَة الله إِن نوى بهَا الْيَمين فَذَاك وإلَاّ فَلَا، وَقَالَ أَبُو بكر الرَّازِيّ عَن أبي حنيفَة: وَإِن قَول الرجل: وَحقّ الله وَأَمَانَة الله لَيست بِيَمِين لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: من كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه. قَوْله: (وكلماته) أَي: الْحلف بِكَلِمَات الله نَحْو الْحلف بِالْقُرْآنِ أَو بِمَا أنزل الله، وَاخْتلفُوا فِيمَن حلف بِالْقُرْآنِ أَو الْمُصحف أَو بِمَا أنزل الله، فَروِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن عَلَيْهِ لكل آيَة كَفَّارَة يَمِين، وَبِه قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَأحمد بن حَنْبَل، وَقيل: كَلَام ابْن مَسْعُود مَحْمُول عل التَّغْلِيظ، وَلَا دَلِيل على صِحَّته. وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: إِذا حلف بالمصحف عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين وَهُوَ قَول الشَّافِعِي فِيمَن حلف بِالْقُرْآنِ وَبِه قَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ عَطاء: لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقولُ: أعُوذُ بِعِزَّتِكَ
هَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي التَّوْحِيد من طَرِيق يحيى بن معمر عَن ابْن عَبَّاس، فراجع إِلَيْهِ.
وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (يَبْقَى رجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنّارِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ اصْرِفْ وجْهِي عنِ النَّارِ، لَا وَعِزَّتِكَ لَا أسْألُكَ غَيْرَها، وَقَالَ أبُو سَعِيدٍ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (قَالَ الله) لَكَ ذَلِكَ وعَشَرَةُ أمْثْالِهِ)) .
مطابقه للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَعزَّتك لَا أَسأَلك غَيرهَا) ، وَهَذَا التَّعْلِيق مضى مطولا عَن قريب فِي: بَاب الصِّرَاط جسر جَهَنَّم، وَأَبُو سعيد هُوَ الْخُدْرِيّ.
وَقَالَ أيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلامِ: وعزَّتِكَ لَا غِنَى لِي عنْ بَرَكَتِكَ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَعزَّتك) ، وَهَذَا التَّعْلِيق مضى فِي كتاب الْوضُوء فِي: بَاب من اغْتسل عُريَانا وَحده عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: بَينا أَيُّوب يغْتَسل عُريَانا فَخر عَلَيْهِ جَراد من ذهب، فَجعل أَيُّوب يحشي فِي ثَوْبه، فناداه ربه، يَا أَيُّوب {ألم أكن أغنيتك عَمَّا ترى؟ قَالَ: بلَى وَعزَّتك، وَلَكِن لَا غنى لي عَن بركتك، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (لَا غنى لي) أَي: لَا اسْتغْنَاء أَو لَا بُد.
١٦٦٦ - حدّثنا آدَمُ حدَّثنا شَيْبانُ حدّثنا قَتادَةُ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} حتَّى يَضَعَ ربُّ العِزَّةِ فِيها قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قَطِ قَطِ وعِزَّتِكَ، ويُزوَى بَعْضُها إِلَى بَعْضٍ) . رواهُ شُعْبَةُ عنْ قَتَادَةَ. (انْظُر الحَدِيث ٨٤٨٤ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَعزَّتك) . وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس، واسْمه عبد الرَّحْمَن، وَأَصله من خُرَاسَان سكن عسقلان، وشيبان مر عَن قريب.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة النَّار عَن عبد بن حميد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن عبد بن حميد أَيْضا.