للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْهِبَة عَن أبي النُّعْمَان، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (مشعان) ، بِضَم الْمِيم وَقيل: بِكَسْرِهَا وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وبالعين الْمُهْملَة وبالنون الْمُشَدّدَة، وَهُوَ الطَّوِيل فِي الْغَايَة. وَقيل: طَوِيل الشّعْر منتفشه ثائره. قَوْله: (أم عَطِيَّة) ، أَي: هَدِيَّة. قَوْله: (بسواد الْبَطن) هُوَ الكبد. قَوْله: (حز لَهُ حزة) الحز بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الزَّاي وَهُوَ: الْقطع.

٥٣٨٣ - حدَّثنا مُسْلِمٌ حدَّثنا وُهَيْبٌ حدَّثنا مَنْصُورٌ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْها: تُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ شَبِعْنَا مِنْ الأسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُسلم هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ القصاب، ووهيب مصغر وهب ابْن خَالِد الْبَصْرِيّ، وَمَنْصُور هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ، يروي عَن أمه صَفِيَّة بنت شيبَة بن عُثْمَان الحَجبي.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن يحيى ابْن يحيى وَغَيره.

قَوْله: (حِين شبعنا) ظرف كالحال. مَعْنَاهُ: مَا شبعنا قبل زمَان وَفَاته، يَعْنِي: كُنَّا متقللين من الدِّينَا زاهدين فِيهَا، هَكَذَا فسره الْكرْمَانِي وَلَيْسَ مَعْنَاهُ هَكَذَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ توفّي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقت كوننا شُباعى من الأسودين، وَالدَّلِيل على صِحَة مَا قُلْنَا مَا مضى فِي غَزْوَة خَيْبَر من طَرِيق عِكْرِمَة عَن عَائِشَة. قَالَت: لما فتحت خَيْبَر قُلْنَا: الْآن نشبع من التَّمْر، وَمن حَدِيث ابْن عمر، قَالَ: مَا شبعنا حَتَّى فتحنا خَيْبَر، وَظهر من هَذَا أَن ابْتِدَاء شبعهم كَانَ من فتح خَيْبَر، وَذَلِكَ قبل مَوته بِثَلَاث سِنِين. قَوْله: (من الأسودين) تَثْنِيَة الْأسود وهما التَّمْر وَالْمَاء، وَهَذَا من بَاب التغليب وَإِن كَانَ المَاء شفافاً لَا لون لَهُ وَذَلِكَ كالأبوين: للْأَب وَالأُم، والقمرين، للشمس وَالْقَمَر، والأحمرين: للحم وَالشرَاب، وَقيل: الذَّهَب والزعفران، والأبيضين: المَاء وَاللَّبن، والأسمرين: للْمَاء وَالْملح. وَكَذَلِكَ قَالُوا: العمرين لأبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. فغلبوا عمر لِأَنَّهُ أخف وَأبْعد من قَالَ: هما عمر بن الْخطاب وَعمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَيُقَال: هَذِه تَسْمِيَة الشَّيْء بِمَا يُقَارِبه لِأَن الْأسود مِنْهُمَا التَّمْر خَاصَّة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: إِنَّهُم كَانُوا فِي سَعَة من المَاء فَأجَاب بِأَن الرّيّ من المَاء لم يكن يحصل لَهُم من دون الشِّبَع من الطَّعَام، وقرنت بَينهمَا لفقد التَّمَتُّع بِأَحَدِهِمَا دون الآخر، وعبرت عَن الْأَمريْنِ الشِّبَع والري بِفعل وَاحِد، كَمَا عبرت عَن التَّمْر وَالْمَاء بِوَصْف وَاحِد، وَإِن كَانَ للْمَاء الرّيّ لَا الشِّبَع، وَقَالَ ابْن بطال: فِي هَذِه الْأَحَادِيث جَوَاز الشِّبَع وَإِن كَانَ تَركه أَحْيَانًا أفضل، وَقد ورد عَن سُلَيْمَان وَأبي جُحَيْفَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن أَكثر النَّاس شبعا فِي الدُّنْيَا أطولهم جوعا فِي الْآخِرَة. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: الشِّبَع وَإِن كَانَ مُبَاحا فَإِن لَهُ حدا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَمَا زَاد على ذَلِك سرف، وَالْمُطلق مِنْهُ مَا أعَان الْأكل على طَاعَة ربه، وَلم يشْغلهُ ثقله عَن أَدَاء مَا وَجب عَلَيْهِ.

وَاخْتلف فِي حد الْجُوع على رأيين: أَحدهمَا: أَن يَشْتَهِي الْخبز وَحده، فَمَتَى طلب الأدام فَلَيْسَ بجائع. ثَانِيهمَا: أَنه إِذا وَقع رِيقه على الأَرْض لم يَقع عَلَيْهِ الذُّبَاب، ذكره فِي (الْإِحْيَاء) وَذكر أَن مَرَاتِب الشِّبَع تَنْحَصِر فِي سَبْعَة: الأول: مَا تقوم بِهِ الْحَيَاة. الثَّانِي: أَن يزِيد حَتَّى يُصَلِّي عَن قيام ويصوم وَهَذَانِ واجبان. الثَّالِث: أَن يزِيد حَتَّى يُقَوي على أَدَاء النَّوَافِل. الرَّابِع: أَن يزِيد حَتَّى يقدر على التكسب، وَهَذَانِ مستحبان. الْخَامِس: أَن يمْلَأ الثُّلُث وَهَذَا جَائِز. السَّادِس: أَن يزِيد على ذَلِك وَبِه يثقل الْبدن وَيكثر النّوم وَهَذَا مَكْرُوه. السَّابِع: أَن يزِيد حَتَّى يتَضَرَّر وَهِي البطنة الْمنْهِي عَنْهَا وَهَذَا حرَام.

٧ - (بَابٌ: {لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ} إلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (النُّور: ٦١)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج} إِلَى قَوْله: {لَعَلَّكُمْ تعقلون} كَذَا وَقع لبَعض رُوَاة (الصَّحِيح) وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ قَوْله: إِلَى قَوْله: (لَعَلَّكُمْ تعقلون) أَشَارَ بِهِ إِلَى تَمام الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النُّور، وَهِي آيَة طَوِيلَة لَا الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْفَتْح، لِأَن الْمُنَاسب لأبواب الْأَطْعِمَة هِيَ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة النُّور، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج وَلَا على الْمَرِيض حرج} الْآيَة. وَوَقع فِي كتاب صَاحب (التَّوْضِيح) بَاب: {لَيْسَ على الْأَعْمَى حرج وَلَا على الْأَعْرَج حرج} إِلَى قَوْله: {مباركة طيبَة} الْآيَة.

وَالنِّهْدُ وَالاجْتِمَاعُ عَلَى الطَعَّامِ

لم تثبت هَذِه التَّرْجَمَة، إلَاّ فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَحده، والنهد بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْهَاء وبالدال الْمُهْملَة من المناهدة، وَهِي إِخْرَاج

<<  <  ج: ص:  >  >>