على وزن التفاعل، وَهُوَ النَّفس الَّذِي ينفتح مِنْهُ الْفَم من الامتلاء وَثقل النَّفس وكدورة الْحَواس وَيُورث الْغَفْلَة والكسل، وَلذَلِك أحبه الشَّيْطَان وَضحك مِنْهُ، والعطاس سَبَب لخفة الدِّمَاغ واستفراغ الفضلات عَنهُ وصفاء الرّوح، وَلذَلِك كَانَ أمره بِالْعَكْسِ.
٦٢٢٣ - حدَّثنا آدَمْ بنُ أبي إياسٍ حَدثنَا ابنُ أبي ذِئْب حَدثنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ عَنْ أبِيهِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ الله يُحِبُّ العُطاسَ ويَكْرَهُ التَّثاوُبِ، فَإِذا عَطَسَ فَحَمِدَ الله فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أنْ يُشَمِّتَهُ، وأمَّا التثاؤُبُ فإنَّما هُوَ مِنَ الشَّيْطانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتطاعَ، فَإِذا قَالَ: هَا، ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطانُ. (انْظُر الحَدِيث ٣٢٨٩ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَابْن أبي ذِئْب هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن الْحَارِث بن أبي ذِئْب. واسْمه هِشَام بن سعد الْقرشِي الْمدنِي، وَسَعِيد المَقْبُري ابْن كيسَان الْمدنِي والمقبري بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتحهَا، وَكَانَ يسكن عِنْد مَقْبرَة فنسب إِلَيْهَا.
والْحَدِيث مضى فِي بَدْء الْخلق عَن عَاصِم بن عَليّ.
قَوْله: (إِن الله يحس العطاس) ، يَعْنِي الَّذِي لَا ينشأ من الزُّكَام لِأَنَّهُ الْمَأْمُور فِيهِ بالتحميد والتشميت، وَيحْتَمل التَّعْمِيم، كَذَا قَالَه بَعضهم. قلت: ظَاهره التَّعْمِيم لَكِن خرج مِنْهُ الَّذِي يعطس أَكثر من ثَلَاث مَرَّات، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب. قَوْله: (فَحق على كل مُسلم سَمعه أَن يشمته) ، ظَاهره الْوُجُوب، وَلَكِن نقل النَّوَوِيّ الِاتِّفَاق على الِاسْتِحْبَاب، وَقد مر بَيَان الْخلاف فِيهِ، ويستدل بِهِ على اسْتِحْبَاب مبادرة الْعَاطِس بالتحميد. قَوْله: (من الشَّيْطَان) ، إِنَّمَا نسب التثاؤب إِلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يزين للنَّفس شهوتها وَهُوَ من امتلاء الْبدن وَكَثْرَة المأكل، وَقيل: مَا تثاءب نَبِي قطّ لِأَنَّهُ لَا يُضَاف إِلَيْهِ عمل للشَّيْطَان فِيهِ حَظّ. قَوْله: (فليرده) ، يَعْنِي: إِمَّا بِوَضْع الْيَد على الْفَم، وَإِمَّا بتطبيق الشفتين وَذَلِكَ لِئَلَّا يبلغ الشَّيْطَان مُرَاده من ضحكه عَلَيْهِ من تَشْوِيه صورته أَو من دُخُوله فَمه، كَمَا جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات، ويخفض صَوته وَلَا يمده فِي تثاؤبه، وَقد كره ذَلِك فِي العطاس فضلا عَن التثاؤب، وَقَالُوا: وَمن آدَاب الْعَاطِس أَن يخْفض بالعطسة صَوته، وَأَن يُزَوجهُ بِالْحَمْد، وَأَن يُغطي وَجهه لِئَلَّا يَبْدُو من فِيهِ أَو أَنفه مَا يُؤْذِي جليسه، وَلَا يلوى عُنُقه يَمِينا وَلَا شمالاً لِئَلَّا يتَضَرَّر بذلك، وَأخرج أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ بِسَنَد جيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عطس وضع يَده على فَمه وخفض صَوته. قَوْله: (فَإِذا قَالَ: هَا، ضحك مِنْهُ الشَّيْطَان) ، وَلَفظه: هَا، حِكَايَة صَوت المتثاوب يَعْنِي: إِذْ بَالغ فِي الثوباء ضحك مِنْهُ الشَّيْطَان فَرحا بذلك.
١٢٦ - (بابٌ إِذا عَطَسَ كَيْفَ يُشَمَّتُ؟)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا عطس أحد كَيفَ يشمت؟ على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: كَيفَ يشمته السَّامع، يَعْنِي: مَا يَقُول لَهُ؟ وَفِي الحَدِيث بَينه.
٦٢٢٤ - حدَّثنا مالِكُ بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بنُ سَلَمَةَ أخبرنَا عَبْدُ الله بنُ دِينارٍ عَنْ أبي صالِحٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلِ: الحَمْدُ الله، وَلْيَلُلْ لَهُ أخُوهُ أَوْ صًّاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَإِذا قالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَلْيَقُلْ يَهْدِيكُمُ الله وَيُصْلِحُ بالَكُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه أوضح مَا أبهمه فِي التَّرْجَمَة.
وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات. وَرِجَاله كلهم مدنيون إلَاّ شيخ البُخَارِيّ وَهُوَ من رِوَايَة تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن الرّبيع بن سُلَيْمَان.
قَوْله: (فَلْيقل: الْحَمد لله) كَذَا فِي جَمِيع نسخ البُخَارِيّ، وَكَذَا أخرجه النَّسَائِيّ والإسماعيلي وَأَبُو نعيم، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور فِيهِ بِلَفْظ: (فَلْيقل: الْحَمد لله على كل حَال) . قَوْله: (وَليقل لَهُ أَخُوهُ. أَو صَاحبه) ، شكّ من الرَّاوِي، وَالْمرَاد بالأخوة أخوة الْإِسْلَام، وَقَالَ ابْن بطال: ذهب إِلَى هَذَا قوم فَقَالُوا: يَقُول لَهُ: يَرْحَمك الله، يَخُصُّهُ بِالدُّعَاءِ وَحده، وَأخرج الطَّبَرِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: يَقُول: يَرْحَمنَا الله وَإِيَّاكُم.