للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (النَّجْم: ٩، ٠١) قَالَ أخْبَرنَا عَبْدُ الله أنَّ مُحَمَّدا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّمَائَةِ جَناحٍ.

هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث السَّابِق أخرجه عَن طلق، بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام وبالقاف ابْن غَنَّام، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد النُّون أَبُو مُحَمَّد النَّخعِيّ الْكُوفِي عَن زَائِدَة بن قدامَة الْكُوفِي عَن سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ إِلَى آخِره.

قَوْله: (أخبرنَا عبد الله) ، هُوَ عبد الله بن مَسْعُود. قَوْله: (أَن مُحَمَّدًا) ، هَذَا هَكَذَا رِوَايَة أبي ذَر، وَعند غَيره أَنه مُحَمَّد. أَي: أَن العَبْد الْمَذْكُور فِي قَوْله: عز وَجل، إِلَى عَبده، وَحَاصِل هَذَا أَن ابْن مَسْعُود كَانَ يذهب فِي ذَلِك إِلَى أَن الَّذِي رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَمَا ذهبت إِلَى ذَلِك عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَالتَّقْدِير على رَأْيه فَأوحى جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِلَى عَبده أَي: عبد الله مُحَمَّد لِأَنَّهُ يرى أَن الَّذِي دني فَتَدَلَّى هُوَ جِبْرِيل وَأَنه هُوَ الَّذِي أوحى إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

٥ - (بابٌ: {لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} (النَّجْم: ٨١)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد رأى من آيَات ربه الْكُبْرَى} وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ بَاب: وَهَذِه التَّرْجَمَة لأبي ذَر وَحده. قَوْله: (لقد رأى) ، أَي: مُحَمَّد رفرفا أَخْضَر من الْجنَّة سد الْأُفق، وَعَن الضَّحَّاك: سِدْرَة الْمُنْتَهى، وَعَن مقَاتل: رأى جِبْرِيل فِي صورته الَّتِي تكون فِي السَّمَوَات، وَقيل: الْمِعْرَاج وَمَا رأى تِلْكَ اللَّيْلَة فِي مسراه فِي بدئه وَعوده.

٨٥٨٤ - حدَّثنا قَبِيصَةُ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ الأعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عنهُ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى قَالَ: رَأَى رَفْرَفا أخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفْقَ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ.

قَوْله: (عَن عبد الله) ، أَي: عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة. قَوْله: (رأى رفرفا) ، الخ ظَاهره يغاير قَوْله فِي الحَدِيث السَّابِق، وَهُوَ قَوْله: رأى جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، لَهُ سِتّمائَة جنَاح، وَلَكِن يُوضح المُرَاد حَدِيث النَّسَائِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: أبصرني الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جِبْرِيل على رَفْرَف مَلأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَيجمع بَينهمَا أَن الْمَوْصُوف جِبْرِيل وَالصّفة هِيَ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا والرفرف هُوَ الْحلَّة، وروى التِّرْمِذِيّ من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن ابْن مَسْعُود: رأى جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي حلَّة من رَفْرَف قد مَلأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَقَالَ: حَدِيث صَحِيح. وَقَالَ تَعَالَى: {متكئين على رَفْرَف خضر} (الرحمان: ٦٧) وأصل الرفرف مَا كَانَ من الديباج رَقِيقا حسن الصَّنْعَة ثمَّ اشْتهر اسْتِعْمَاله فِي السّتْر. وَكلما فضل من شَيْء فعطف وثنى فَهُوَ رَفْرَف، وَيُقَال: رَفْرَف الطَّائِر بجناحيه إِذا بسطهما. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الرفرف الْبسَاط، وَقيل: الْفراش، وَقيل: ثوب كَانَ لباسا لَهُ. قلت: جَاءَ فِي حَدِيث آخر، رأى جِبْرِيل فِي حلتي رَفْرَف، وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {متكئين على رَفْرَف} هِيَ رياض الْجنَّة، وَهُوَ جمع رفرفة والرفارف جمع الْجمع، وَعنهُ: الرفرف فضول الْمجَالِس والبسط، وَعَن قَتَادَة وَالضَّحَّاك: مجَالِس خضر فَوق الْفرش الْحسن، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: هُوَ الْبسط، وَعَن ابْن عُيَيْنَة: هُوَ الزرابي، وَعَن ابْن كيسَان: الْمرَافِق، وَعَن ابْن أبي عُبَيْدَة: حَاشِيَة الثَّوْب، وَقيل: كل ثوب عريض عِنْد الْعَرَب فَهُوَ رَفْرَف.

٢ - (بابٌ: {أفَرَأَيْتُمُ اللاتَ والعُزَّى} (النَّجْم: ٩١)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {أَفَرَأَيْتُم اللات والعزى} وَفِي بعض النّسخ لم يذكر لفظ بَاب: وَاللات مَأْخُوذ من لَفْظَة الله ثمَّ ألحقت بهَا تَاء التَّأْنِيث، فأنثت، كَمَا قيل للرجل عَمْرو ثمَّ يُقَال للْأُنْثَى عمْرَة كَذَا قَالَه الثَّعْلَبِيّ، وَقيل: أَرَادوا أَن يسمعوا إلاههم الْبَاطِل باسم الله فَصَرفهُ الله تَعَالَى إِلَى اللات صونا لَهُ وحفظا لِحُرْمَتِهِ، وَفِي التَّفْسِير: كَانَت اللات صَخْرَة بِالطَّائِف. وَعَن ابْن زيد: بَيت بنخلة كَانَت قُرَيْش تعبده، والعزى شَجَرَة لغطفان يعبدونها، قَالَه مُجَاهِد. قلت: هِيَ الَّتِي بعث إِلَيْهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد فقطعها وَله قصَّة مَشْهُورَة، وَعَن الضَّحَّاك: صنم لغطفان وَضعهَا لَهُم سعد بن ظَالِم الْغَطَفَانِي، وَعَن ابْن زيد بَيت بِالطَّائِف كَانَت ثَقِيف تعبده.

<<  <  ج: ص:  >  >>