فَإِذا علم حكم الْفضة يلْزم حكم الذَّهَب مِنْهُ بِالطَّرِيقِ الأولى. قَوْله: (لَهُم) أَي: للْكفَّار والسياق يدل عَلَيْهِ.
وَهَذَا الحَدِيث يدل على تَحْرِيم اسْتِعْمَال الْحَرِير والديباج وعَلى حُرْمَة الشّرْب وَالْأكل من إِنَاء الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَذَلِكَ للنَّهْي الْمَذْكُور وَهُوَ نهي تَحْرِيم عِنْد كثير من الْمُتَقَدِّمين وَهُوَ قَول الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَقَالَ الشَّافِعِي: إِن النَّهْي فِيهِ كَرَاهَة تَنْزِيه فِي قَوْله الْقَدِيم حَكَاهُ أَبُو عَليّ السنجي من رِوَايَة حَرْمَلَة.
٣٠ - (بَابٌ: {ذِكْرِ الطَعَّامِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ ذكر الطَّعَام قيل: لَا فَائِدَة فِي مَوضِع هَذِه التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إلَاّ مُجَرّد ذكر الطَّعَام، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) مَا ملخص كَلَامه إِن مَعْنَاهَا إِبَاحَة أكل الطَّعَام الطّيب وَكَرَاهَة أكل المر، وَأَن الزّهْد لَيْسَ فِي خلاف ذَلِك لِأَن فِي حَدِيث الْبَاب تَشْبِيه الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن بالأترجة الَّتِي طعمها طيب وريحها طيب وَالَّذِي لَا يَقْرَؤُهُ بالتمرة طعمها حُلْو وَلَا ريح لَهَا، وَشبه الْمُنَافِق بالحنظلة والريحانة اللَّتَيْنِ طعمهما مر وَذَلِكَ غَايَة الذَّم للطعام المر.
٥٤٢٧ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أنَسٍ عَنْ أبِي مُوسَى الأشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ رِيحُها طَيِّبٌ وَطَعْمُها طَيِّبٌ وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ النَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَها وَطَعْمُها حُلْوٌ وَمَثَلُ المُنافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُها طَيِّبٌ وَطَعْمُها مُر، وَمَثَلُ المُنافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعمُها مُرٌّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ ذكر لفظ الطّعْم بالتكرار، وَأَبُو عوَانَة الوضاح الْيَشْكُرِي، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ. وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
والْحَدِيث قد مر فِي فَضَائِل الْقُرْآن فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن هدبة بن خَالِد عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس عَن أبي مُوسَى.
قَوْله: (كالأترجة) بِالْإِدْغَامِ ويروى: كالأترنجة. فَإِن قلت: ذكر هُنَاكَ: مثل الْمُؤمن الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن وَيعْمل بِهِ، وَلم يذكر هُنَا. قلت: الْمَقْصُود الْفرق بَين من يقْرَأ وَبَين من لَا يقْرَأ لَا. بَيَان حكم الْعَمَل، مَعَ أَن الْعَمَل لَازم لِلْمُؤمنِ الْكَامِل سَوَاء ذكر أم لَا. وَقَالَ هُنَاكَ: كالحنظلة رِيحهَا مر. وَهنا قَالَ: لَا ريح لَهَا، فَاثْبتْ الرّيح هُنَاكَ وَنفى هُنَا لِأَن الْمَنْفِيّ الرّيح الطّيبَة بِقَرِينَة الْمقَام والمثبت المر.
٥٤٢٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا خَالِدٌ عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ أنَسٍ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: الطَّعَام، وخَالِد هُوَ ابْن عبد الله الطَّحَّان الوَاسِطِيّ من الصَّالِحين، وَعبد الله بن عبد الرَّحْمَن المكني بِأبي طوالة، والْحَدِيث مر عَن قريب فِي: بَاب الثَّرِيد.
٥٤٢٩ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا مَالِكٌ عَنْ سُمّي عَنْ أبِي صَالِحٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ يَمْنَعُ أحَدَكُمْ: نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ، فَإذَا قَضَى نَهْمَتُهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلَيُعَجِّلْ إلَى أهْلِهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: {وَطَعَامه} وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وسمى، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْمِيم الْمَفْتُوحَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، وَأَبُو صَالح ذكْوَان السمان.
والْحَدِيث قد مر فِي الْحَج عَن القعني، وَفِي الْجِهَاد عَن عبد الله بن يُوسُف، وَهَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ مَالك عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: مَا لأهل الْعرَاق يسْأَلُون عَن هَذَا الحَدِيث، قيل: لِأَنَّك انْفَرَدت بِهِ. قَالَ: لَو علمت أَنِّي انْفَرَدت بِهِ مَا حدثت بِهِ. قَوْله: (نهمته) ، بِفَتْح النُّون وَضمّهَا وَكسرهَا: بُلُوغ الهمة فِي الشَّيْء. قَوْله: (من وَجهه) ، أَي: من جِهَة سَفَره.