مُطِيع عنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلهُ.
ذكر هَذَا الحَدِيث عَن مَالك من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن صَفْوَان بن سليم مُرْسلا. وَالْآخر: عَن ثَوْر بن زيد مُسْندًا، وَمضى فِي النَّفَقَات عَن يحيى بن قزعة، وثور بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور ابْن زيد من الزِّيَادَة والديلي بِكَسْر الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف نِسْبَة إِلَى ديل فِي قبائل الأزد وَفِي ضبة وَفِي تغلب، وَأَبُو الْغَيْث اسْمه سَالم.
قَوْله: (مثله) أَي: مثل الحَدِيث الْمَذْكُور.
٢٦ - (بابُ السَّاعي عَلَى المِسْكِينِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل السَّاعِي على الْمِسْكِين، أَي: الكاسب لأجل الْمِسْكِين والقائم بمصلحته، وَيجوز أَن يكون لفظ: على، هُنَا للتَّعْلِيل أَي: لأجل الْمِسْكِين، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { (٢) ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} (الْبَقَرَة: ١٨٥) أَي: لهدايته إيَّاكُمْ، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي السَّاعِي على الأرملة، وَذَلِكَ لِأَن معنى: على غَالِبا لاستعلاء وَلَا يَقْتَضِي: على هُنَا هَذَا الْمَعْنى فَافْهَم.
٦٠٠٧ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ حَدثنَا مالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بن زَيْدٍ عَنْ أبي الغَيْثِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ والمسْكِينِ كالمُجاهِدِ فِي سَبِيلِ الله، وأحْسِبُهُ قَالَ: يَشُكُّ القَعْنبِي كالْقائِمِ لَا يَفْتُرُ وكالصائِمِ لَا يَفْطِرُ. (انْظُر الحَدِيث ٥٣٥٣ وطرفه) .
هَذَا الحَدِيث هُوَ الَّذِي ذكره قبل هَذَا الْبَاب عَن أبي هُرَيْرَة، وَذكره هُنَا أَيْضا مُقْتَصرا على الْمسند دون الْمُرْسل.
قَوْله: (وَأَحْسبهُ قَالَ) أَي: مَالك، وفاعل: أَحْسبهُ هُوَ القعْنبِي، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِيهِ يرجع إِلَى مَالك. وَقَوله: (كالقائم)
إِلَى آخِره مقول قَالَ. وَقَوله: (يشك القعْنبِي) معترض بَين القَوْل ومقوله، وَهُوَ من كَلَام البُخَارِيّ، والقعنبي هُوَ عبد الله بن مسلمة بن فعنب شيخ البُخَارِيّ، والراوي عَن مَالك. قَوْله: (لَا يفتر) أَي: لَا ينكسر وَلَا يضعف من قيام اللَّيْل للتعبد والتهجد، وَلَا يفتر صفة للقائم كَقَوْلِه:
وَلَقَد أَمر على اللَّئِيم يسبني
٢٧ - (بابُ رَحْمَةِ النَّاسِ بالبَهائِمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان فضل رَحْمَة النَّاس أَي: الشَّفَقَة والتعطف من النَّاس للبهائم.
٦٠٠٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا إسْماعِيلُ حَدثنَا أيُّوبُ عَنْ أبي قِلَابَةَ عَنْ أبي سُلَيْمانَ مالِكِ بنِ الحُوَيْرِثِ، قَالَ: أتَيْنا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ونَحْنُ شَببَةٌ مُتَقارِبُونَ، فأقَمْنا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً فَظَنَّ أنَّا اشْتَقْنا أهْلَنا، وسَألَنا عَمَّنْ تَرَكْنا فِي أهْلِنا فأخْبَرْناهُ، وكانَ رقِيقاً رحِيماً، فَقَالَ: ارْجِعُوا إِلَى أهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ ومُرُوهُمْ وصَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُوني أصَلِّي، وإذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُ ... مْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَكَانَ رَقِيقا رحِيما) . وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية وَهُوَ إسم أمه وَأَبوهُ وَإِبْرَاهِيم، وَأَيوب هُوَ ابْن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وَأَبُو سُلَيْمَان مَالك بن الْحُوَيْرِث اللَّيْثِيّ سكن الْبَصْرَة.
والْحَدِيث مضى من كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب الآذان للمسافرين إِذا كَانُوا جمَاعَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (شببة) على وزن فعلة جمع شَاب. قَوْله: (متقاربون) أَي: فِي السن. قَوْله: (أهلنا) ويروي: أَهْلينَا، بِالْجمعِ وَهُوَ من الجموع النادرة. قَوْله: (وَسَأَلنَا) بِفَتْح اللَّام. قَوْله: (رَقِيقا) بقافين من الرقة هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ والأصيلي والكشميهني: رَفِيقًا، بفاء ثمَّ قَاف من الرِّفْق، وانتصابه على أَنه خبر: كَانَ، ويروى بِلَا لفظ: كَانَ فينصب على الْحَال. قَوْله: (ومروهم) أَي: بالمأمورات، وأعلموهم الصَّلَاة وامروهم بهَا. قَوْله: (أكبركم) أَي أفضلكم أَو أسنكم، لأَنهم كَانُوا متقاربين فِي السن.