للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - (بابُ غَسْلِ الحَائِضِ رَأْسَ زَوْجِها وَتَرْجِيلِهِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غسل الْحَائِض رَأس زَوجهَا، وَحكم ترجيل رَأسه، والترجيل مجرور عطف على غسل، وَهُوَ بِالْجِيم: تَسْرِيح شعر الرَّأْس. وَقَالَ ابْن السّكيت، شعر رجل، بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا، إِذا لم يكن شَدِيد الجعودة وَلَا سبطاً، تَقول مِنْهُ: رجل شعره ترجيلاً.

والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا مُشْتَمل على حكم مُتَعَلق بالحائض.

٢٩٥ - حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قالَ حدّثنا مالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قالَتْ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَأْسُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا حائِضٌ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي ترجيل رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأما أَمر الْغسْل فَلَا مُطَابقَة لَهُ، وَقَالَ بَعضهم: الْحق بِهِ الْغسْل قِيَاسا أَو إِشَارَة إِلَى الطَّرِيق الْآتِيَة فِي بَاب مُبَاشرَة الْحَائِض، فَإِنَّهُ صَرِيح فِي ذَلِك، والوجهان اللَّذَان ذكرهمَا هَذَا الْقَائِل لَا وَجه لَهما أصلا. أما الأول: فَلِأَن وضع التراجم من الْأَبْوَاب هَل هُوَ حكم من الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة حَتَّى يُقَاس حكم مِنْهَا على حكم آخر. وَأما الثَّانِي: فَهَل وَجه الْوَضع تَرْجَمَة فِي بَاب، وَالْإِشَارَة إِلَى المترجم الَّذِي وضع لَهَا فِي الْبَاب الثَّالِث.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة ذكرُوا فِي بَاب الْوَحْي على هَذَا التَّرْتِيب.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع: وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون مَا خلا عبد الله فَإِنَّهُ تنيسي.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن عبد الله بن يُوسُف، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة، وَفِي الِاعْتِكَاف عَن قُتَيْبَة، ثَلَاثَتهمْ عَن مَالك. قَوْله: (كنت أرجل رَأس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فِيهِ الْإِضْمَار تَقْدِيره: كنت أرجل شعر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِأَن الترجيل للشعر لَا للرأس، وَيجوز أَن يكون من بَاب إِطْلَاق الْمحل وَإِرَادَة الْحَال. قَوْله: (وَأَنا حَائِض) جملَة أسمية وَقعت حَالا.

وَمِمَّا يستنبط مِنْهُ جَوَاز ترجيل الْحَائِض شعر رَأس زَوجهَا، وَاعْلَم أَنه لم يخْتَلف أحد فِي غسل الْحَائِض رَأس زَوجهَا وترجيله إلَاّ مَا نقل عَن ابْن عَبَّاس أَنه دخل على مَيْمُونَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. فَقَالَت: (أَي بني مَالِي أَرَاك شعث الرَّأْس، فَقَالَ: إِن أم عمار ترجلني وَهِي الْآن حَائِض. فَقَالَت: أَي بني لَيست الْحَيْضَة بِالْيَدِ، كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضع رَأسه فِي حجر إحدانا وَهِي حَائِض) ذكره ابْن أبي شيبَة. فَقَالَ: حدّثنا ابْن عُيَيْنَة، قَالَ: حَدثنَا منبوذ عَن أَبِيه بِهِ. وَمِمَّا يُؤْخَذ مِنْهُ جَوَاز اسْتِخْدَام الزَّوْجَة بِرِضَاهَا وَهُوَ إِجْمَاع.

٢٩٦ - حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى قالَ أخْبَرَنَا هِشَامُ بنُ يُوسِفَ أنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أخْبَرَهُمْ قالَ أخْبَرَنِي هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ أنَّهُ سُئِلَ أَتَخْدُمُنِي الحَائِضُ أَوْ تَدْنُو مِنِّي المَرْأَةُ وَهِيَ جُنُبٌ فَقالَ عُرْوَةُ كُلُّ ذِلِكَ عَلَى هَيْنٌ وكُلُّ ذَلِكَ تَخْدُمُنِي وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذِلِكَ بَأْسٌ أَخْبَرْتَنِي عائِشَةُ أنَّهَا كانَتْ ترَجِّلُ تَعْني رَأَسَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِيَ حائِضٌ ورسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حينَئِذٍ مُجَاوِرُ فِي المَسْجِدِ يُدْنَى لَهَا رَأْسَهُ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا فَتُرَجِّلُهُ وَهِيَ حائِضٌ. .

مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة كمطابقة الحَدِيث السَّابِق.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد التَّمِيمِي الرَّازِيّ أَبُو إِسْحَاق الْفراء، يعرف بالصغير، وَكَانَ أَحْمد يُنكر على من يَقُول لَهُ الصَّغِير، وَقَالَ: هُوَ كَبِير فِي الْعلم وَالْجَلالَة. الثَّانِي: هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ أَبُو عبد الرَّحْمَن قَاضِي صنعاء من أَبنَاء الْفرس، وَهُوَ أكبر اليمانيين وأحفظهم وأتقنهم، مَاتَ سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَة. الثَّالِث: ابْن جريح، بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء واسْمه عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريح الْمَكِّيّ القريشي الْمدنِي، أَصله رومي، وَهُوَ أحد الْعلمَاء الْمَشْهُورين، وَهُوَ أول من صنف فِي الْإِسْلَام فِي قَول: وَكَانَت لَهُ كنيتان أَبُو الْوَلِيد وَأَبُو خَالِد، مَاتَ سنة خمسين وَمِائَة، وَهُوَ جَاوز السّبْعين. الرَّابِع: هِشَام بن عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. الْخَامِس: عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام. السَّادِس: عَائِشَة الصديقة بنت الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>