َ قَالَ أخْبَرَنِي جَابِرُ بنُ عَبْدِ الله أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَة الوَحْيِ فَبَيْنا أنَا أمْشِي إذْ سَمِعْتُ صَوْتا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ فَإذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحَرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأرْضي فَجَثثْت مِنْهُ حَتَّى هَوَيْتُ إلَى الأرْضِ فَجَئْتُ أهْلِي فَقُلْتُ زَمَّلُونِي زَمَّلُونِي فَزَمَلونِي فَأنْزَلَ الله تَعَالَى: {يَا أيُّها المُدَّثَّرُ} إلَى: {فَاهْجُرْ} (المدثر: ١) . قَالَ أبُو سَلَمَةَ وَالرِّجْزَ الأوْثَانَ ثُمَّ حَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فاهجر) وَهَذَا أَيْضا طَرِيق آخر فِي حَدِيث جَابر. قَوْله: (فَبينا) أَصله: بَين أشبعت فَتْحة النُّون بِالْألف وَهُوَ ظرف يُضَاف إِلَى الْجُمْلَة وَيحْتَاج إِلَى جَوَاب وَجَوَابه قَوْله: (إِذا سَمِعت) قَوْله: (حَتَّى هويت) أَي: حَتَّى سَقَطت. قَوْله: (وَالرجز الْأَوْثَان) ، بِكَسْر الرَّاء وَالضَّم لُغَة قَالَه الْفراء، وَقَالَ بعض الْبَصرِيين بِالْكَسْرِ الْعَذَاب وَلَا يضم، وَفسّر أَبُو سَلمَة الرجز بالأوثان لِأَنَّهَا مؤدية إِلَى الْعَذَاب، ويروى عَن مُجَاهِد وَالْحسن بِالضَّمِّ اسْم الصَّنَم وبالكسر الْعَذَاب، وروى ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق مُحَمَّد بن كثير عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ فِي هَذَا الحَدِيث الرجز بِالضَّمِّ وَهِي قِرَاءَة حَفْص عَن عَاصِم.
٥٧ - (سُورَةُ {القِيَامَةِ} )
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة الْقِيَامَة، وَهِي مَكِّيَّة، وَهِي سِتّمائَة وإثنان وَخَمْسُونَ حرفا وَمِائَة وَسبع وَتسْعُونَ كلمة. وَأَرْبَعُونَ آيَة.
١ - (بابُ وَقَوْلُهُ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} (الْقِيَامَة: ٦١)
أَي: وَقَوله تَعَالَى: {لَا تحرّك بِهِ} الْخطاب للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: لَا تحرّك بِالْقُرْآنِ لسَانك، وَذَلِكَ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يفتر عَن قِرَاءَة الْقُرْآن مَخَافَة أَن لَا ينساه وَلَا ويحرك بِهِ لِسَانه. فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَلَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجب بِهِ} أَي: بتلاوته لتحفظه وَلَا تنساه.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: سُدًى هَمَلاً
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدى} (الْقِيَامَة: ٦٣) أَي: هملاً بِفتْحَتَيْنِ أَي: مهملاً.
وَقَالَ ليَفْجُرَ أمَامَةُ: سَوْفَ أتُوبُ سَوْفَ أعْمَلُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس أَيْضا فِي قَوْله تَعَالَى: {يُرِيد الْإِنْسَان ليفجر أَمَامه} (الْقِيَامَة: ٥) فسره بقوله: (سَوف أَتُوب سَوف أعمل) وَحَاصِل الْمَعْنى: يُرِيد الْإِنْسَان أَن يَدُوم على فجوره فِيمَا يستقبله من الزَّمَان وَيَقُول: سَوف أَتُوب وسوف أعمل عملا صَالحا.
لَا وَزَرَ لَا حِصْنَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {كلا لَا وزر إِلَى رَبك يَوْمئِذٍ المستقر} (الْقِيَامَة: ٢١، ٣١) وَفسّر الْوزر بالحصن، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس: لَا حصن وَعَن أبي عُبَيْدَة: الْوزر الملجأ.
٧٢٩٤ - حدَّثنا الْحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيَانُ حدَّثنا مُوسَى بنُ أبِي عَائِشَةَ وَكَانَ ثِقَةً عَنْ سَعِيدٍ بنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيْ حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ وَوَصَفَ سُفْيَانُ يُرِيدُ أنْ يَحْفَظَهُ فَأنْزَلَ الله: {لَا تُحَرِّكَ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}
(الْقِيَامَة: ٦١) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمضى الحَدِيث فِي بَدْء الْوَحْي عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ قَوْله: (وَكَانَ ثِقَة) ، مقول سُفْيَان، ومُوسَى هَذَا تَابِعِيّ صَغِير كُوفِي من موَالِي آل جعدة ابْن هُبَيْرَة وَلَا يعرف اسْم أَبِيه، ومدار هَذَا الحَدِيث عَلَيْهِ وَإِلَى قَوْله: (لتعجل بِهِ) فِي رِوَايَة أبي ذَر وَزَاد غَيره الْآيَة الَّتِي بعْدهَا.
(بَابٌ: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} (الْقِيَامَة: ٧١)