الخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتِ الفَضِيخُ وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ عَنْ أبِي النُّعْمَانِ قَالَ كُنْتُ ساقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أبِي طَلْحَةَ فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرَ فَأمَرَ مُناديا فَنادَى فَقَالَ أبُو طَلْحَةَ اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالَ فَخَرَجْتُ فَقُلْتُ هَذَا منادٍ يُنادي أَلا إنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ فَقَالَ لي اذْهَبْ فأهْرِقْها قَالَ فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ قَالَ وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخَ فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ قَال فأنْزَلَ الله لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي ولقبه عَارِم، والْحَدِيث مضى فِي الْمَظَالِم فِي: بَاب صب الْخمر فِي الطَّرِيق، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عَفَّان عَن حَمَّاد بن زيد عَن ثَابت عَن أنس.
قَوْله: (الفضيخ) بِالرَّفْع لِأَنَّهُ خبر: إِن قَوْله: (وَزَادَنِي مُحَمَّد) ، أَي: قَالَ البُخَارِيّ: أَي زادني مُحَمَّد فِيهِ، وَهُوَ مُحَمَّد بن سَلام البيكندي، وَلم يَقع لفظ البيكندي إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَهُوَ يعلم أَن المُرَاد بِمُحَمد الْمَذْكُور مُجَردا عَن النِّسْبَة هُوَ البيكندي، وَلم يقف الْكرْمَانِي على هَذَا، فَقَالَ: مُحَمَّد. قَالَ الغساني: هُوَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، وَكَذَا لم يقف عَلَيْهِ بعض من كتب على مَوَاضِع من البُخَارِيّ مِمَّن عاصرناه، فَقَالَ الْقَائِل: وَزَادَنِي هُوَ الْفربرِي، وَمُحَمّد هُوَ البُخَارِيّ، وَهُوَ ذُهُول جدا، وَحَاصِل الْكَلَام: أَن البُخَارِيّ سمع هَذَا الحَدِيث من أبي النُّعْمَان مُخْتَصرا. وَمن مُحَمَّد بن سَلام عَن أبي النُّعْمَان مطولا. قَوْله: (فَأمر) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فجرت) أَي سَالَتْ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيث تعْيين وَقت التَّحْرِيم، وَقد روى أَحْمد وَأَبُو يعلى من حَدِيث تَمِيم الدَّارِيّ أَنه كَانَ يهدي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كل عَام راوية خمر. فَلَمَّا كَانَ عَام حرمت جَاءَ براوية فَقَالَ: أشعرت أَنَّهَا قد حرمت بعْدك؟ قَالَ أَفلا أبيعها وانتفع بِثمنِهَا؟ فَنَهَاهُ. انْتهى. وَكَانَ إِسْلَام تَمِيم بعد الْفَتْح.
١٢ - (بابُ قَوْلِهِ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤُكُمْ} (الْمَائِدَة: ١٠١)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا تسألوا عَن أَشْيَاء} هَذَا هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة غَيره لفظ: بَاب قَوْله: وَإِنَّمَا هُوَ (لَا تسألوا) إِلَى آخِره. قَوْله: (لَا تسألوا) الْآيَة تَأْدِيب من الله تَعَالَى عباده الْمُؤمنِينَ، وَنهي لَهُم عَن أَن يسْأَلُوا عَن أَشْيَاء مِمَّا لَا فَائِدَة لَهُم فِي السُّؤَال والنقيب عَنْهَا لِأَنَّهَا إِن ظَهرت تِلْكَ الْأُمُور رُبمَا ساءتهم وشق عَلَيْهِم سماعهَا، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا يبلغنِي أحد عَن أحد شَيْئا آني أحب أَن أخرج إِلَيْكُم وَأَنا سليم الصَّدْر) .
٤٦٢١ - ح دَّثنا مُنْذِرُ بنُ الوَلِيدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ الجَارُودِيُّ حدَّثنا أبي حَدِيثا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بنِ أنَسٍ عَنْ أنَسٍ رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطَّ قَالَ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرا قَالَ فَغَطَى أصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وُجُوهَهُمْ لَهُمْ حَنِينٌ فَقَالَ رَجُلٌ مَنْ أبَى قَالَ فُلانٌ فَنَزَلَتْ هاذِهِ الآيَةُ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤَكُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُنْذِر، على وزن اسْم الْفَاعِل من الْإِنْذَار ابْن الْوَلِيد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حبيب ابْن علْبَاء بن حبيب بن الْجَارُود الْعَبْدي الْبَصْرِيّ الجارودي، نِسْبَة إِلَى جده الْأَعْلَى، وَهُوَ ثِقَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي كفارت الْأَيْمَان، وَأَبوهُ مَاله ذكر إلَاّ فِي هَذَا الْموضع، ومُوسَى بن أنس هُوَ ابْن أنس بن مَالك يروي عَن أَبِيه هَذَا الحَدِيث.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق وَفِي الِاعْتِصَام عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحِيم. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن مُحَمَّد بن معمر وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن معمر. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرقَاق عَن مَحْمُود بن غيلَان مُخْتَصرا.
قَوْله: (لَهُم حنين) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة،