إِلَى الْمَسْجِد، بِغَيْر تَقْيِيد بِاللَّيْلِ، وَكَذَلِكَ مُسلم من رِوَايَة يُونُس ين يزِيد، وَأحمد من رِوَايَة عقيل والسراج من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ كلهم عَن الزُّهْرِيّ بِغَيْر ذكر اللَّيْل، وَقد قُلْنَا: إِن الْمُطلق فِي ذَلِك مَحْمُول على الْمُقَيد، وَفِيه أَنه يَنْبَغِي أَن يَأْذَن لَهَا وَلَا يمْنَعهَا مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَتهَا، وَذَلِكَ إِذا لم يخف الْفِتْنَة عَلَيْهَا وَلَا بهَا، وَقد كَانَ هُوَ الْأَغْلَب فِي ذَلِك الزَّمَان بِخِلَاف زَمَاننَا هَذَا، فَإِن الْفساد فِيهِ فاشٍ والمفسدون كَثِيرُونَ. وَحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، الَّذِي يَأْتِي يدل على هَذَا، وَعَن مَالك: إِن هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه مَحْمُول على الْعَجَائِز. وَقَالَ النَّوَوِيّ: لَيْسَ للْمَرْأَة خير من بَيتهَا وَإِن كَانَت عجوزا. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: الْمَرْأَة عَورَة، وَأقرب مَا تكون إِلَى الله فِي قَعْر بَيتهَا، فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان. وَكَانَ ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، يقوم يحصب النِّسَاء يَوْم الْجُمُعَة يخرجهن من الْمَسْجِد. وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: سَمِعت ابْن مَسْعُود حلف فَبَالغ فِي الْيَمين: مَا صلت امْرَأَة صَلَاة أحب إِلَى الله تَعَالَى من صلَاتهَا فِي بَيتهَا إلاّ فِي حجَّة أَو عمْرَة، إِلَّا امْرَأَة قد يئست من البعولة. وَقَالَ ابْن مَسْعُود لامْرَأَة سَأَلته عَن الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة، قَالَ: صَلَاتك فِي مخدعك أفضل من صَلَاتك فِي بَيْتك، وصلاتك فِي بَيْتك أفضل من صَلَاتك فِي حجرتك، وصلاتك فِي حجرتك أفضل من صَلَاتك فِي مَسْجِد قَوْمك. وَكَانَ إِبْرَاهِيم يمْنَع نِسَاءَهُ الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَة. وَسُئِلَ الْحسن الْبَصْرِيّ عَن امْرَأَة حَلَفت إِن خرج زَوجهَا من السجْن أَن تصلي فِي كل مَسْجِد تجمع فِيهِ الصَّلَاة بِالْبَصْرَةِ رَكْعَتَيْنِ،، فَقَالَ الْحسن: تصلي فِي مَسْجِد قَومهَا لِأَنَّهَا لَا تطِيق ذَلِك،، لَو أدْركهَا عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لأوجع رَأسهَا.
وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن الْإِذْن الْمَذْكُور لغير الْوَاجِب، لِأَنَّهُ لَو كَانَ وَاجِبا لانتفى معنى الاسْتِئْذَان، لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يتَحَقَّق إِذا كَانَ المستأذن مُخَيّرا فِي الْإِجَابَة أَو الرَّد.
تابَعَهُ شُعْبَةُ عنِ الأعْمَشِ عنْ مُجَاهِدٍ عنِ ابنِ عُمَرَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: تَابع عبيد الله بن مُوسَى شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد عَن عبد الله بن عمر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد وَصلهَا أَحْمد فِي (مُسْنده) قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر قَالَ: أخبرنَا شُعْبَة ... فَذكره.
١٦٣ - (بابٌ)
٨٦٦ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا عُثْمَانُ بنُ عُمَرَ قَالَ أخبرنَا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيُّ قَالَ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحَارِثِ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبَرَتْهَا أنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كُنَّ إذَا سَلَّمْنَ مِنَ المَكْتُوبَةِ قُمْنَ وثَبَتَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومَنْ صَلَّى مِنَ الرِّجَالِ مَا شَاءَ الله فإذَا قامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قامَ الرِّجَالُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يدل على أَن النِّسَاء كن يخْرجن إِلَى الْمَسَاجِد، ودلالته على ذَلِك أَعم من أَن يكون ذَلِك بِاللَّيْلِ أَو بِالنَّهَارِ، وَعبد الله بن مُحَمَّد هُوَ المسندي الْحَافِظ الْبَصْرِيّ، وَعُثْمَان بن عمر بن فَارس الْبَصْرِيّ، وَيُونُس بن يزِيد وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب. والْحَدِيث مضى فِي: بَاب التَّسْلِيم، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ جَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ.
قَوْله: (وَثَبت) عطف على قَوْله: (قمن) ، أَي: كن إِذا سلمن ثَبت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَكَانَهُ بعد قيامهن. قَوْله: (وَمن صلى) أَي: ثَبت أَيْضا من صلى مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرِّجَال.
٨٦٧ - ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عنْ مالِكٍ ح وحدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ يَحْيى بنِ سَعِيدٍ عنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ عَائِشَةَ قالَتْ إنْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي خُرُوج النِّسَاء إِلَى الْمَسَاجِد بِاللَّيْلِ. وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن عبد الله بن مسلمة القعْنبِي عَن مَالك عَن يحيى إِلَى آخِره، وَالثَّانِي: عَن عبد الله بن يُوسُف التنيسِي عَن مَالك، وَقد مر الحَدِيث فِي: بَاب كم تصلي الْمَرْأَة من الثِّيَاب، وَفِي: بَاب وَقت الْفجْر، وَقد تكلمنا هُنَاكَ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة.
قَوْله: (إِن كَانَ) إِن: هَذِه مُخَفّفَة من المثقلة أَصله: أَنه كَانَ، أَي: إِن الشان، وَاللَّام فِي: (ليُصَلِّي) مَفْتُوحَة، وَهِي لَام التَّأْكِيد. قَوْله: (متلفعات) حَال من النِّسَاء أَي: متلحفات، من التلفع وَهُوَ شدّ اللفاع