النّسخ من (الْمُوَطَّأ) وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهَا: بِالْبَاء الْمُوَحدَة. قلت: لكَلَام الْكرْمَانِي وَجه من جِهَة التَّرْكِيب وَالْإِعْرَاب، وَأما من جِهَة الرِّوَايَة فَيحْتَاج إِلَى الْبَيَان، وَمَعَ هَذَا كَونه بِالْبَاء الْمُوَحدَة فِي جَمِيع النّسخ من (الْمُوَطَّأ) وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم لَا يسْتَلْزم نَفيهَا بالنُّون عِنْد غَيرهَا، قَوْله: (قبل أَن تُقَام) كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: قبل قيام الصَّلَاة، وَهِي الْفَرْض.
وَمِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن سنة الصُّبْح رَكْعَتَانِ وأنهما خفيفتان، وَأَن وَقت صَلَاة الْفجْر بعد طُلُوع الْفجْر، وَلَو صلى الْفَرْض قبله لم يجز، وعَلى هَذَا ترْجم البُخَارِيّ، رَحمَه الله.
٦١٩ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ قَالَ حدَّثنا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيى عنْ أبي سَلمَةَ عنْ عَائِشَةَ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ والإقَامَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ (الحَدِيث ٦١٩ طرفه فِي: ١١٥٩) .
وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة بطرِيق الْإِشَارَة، وَهُوَ أَن صلَاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِهَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة يدل على أَنه صلاهما بعد طُلُوع الْفجْر، وَأَن النداء أَيْضا بعد طُلُوع الْفجْر، وَهُوَ الْأَذَان بعد الْفجْر، فطابق التَّرْجَمَة.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو نعيم، بِضَم النُّون، وَهُوَ الْفضل بن دُكَيْن. الثَّانِي: شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ. الثَّالِث: يحيى بن أبي كثير. الرَّابِع: أَبُو سَلمَة، بِفَتْح اللَّام: بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الْخَامِس: عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا عَن مُحَمَّد بن الْمثنى. قَوْله: (بَين النداء) أَي: الْأَذَان.
٦٢٠ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قالَ أخْبَرَنا مالِكٌ عَنْ عَبْدِ الله بنِ دِينَارٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إنَّ بِلالاً يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِي ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ.
قد مر هَذَا الحَدِيث قبل هَذَا الْبَاب. أخرجه البُخَارِيّ: عَن عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه، الحَدِيث. وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَقَالَ ابْن عبد الْبر: هَذَا الْإِسْنَاد لم يخْتَلف عَن مَالك فِيهِ، وَوجه مطابقته للتَّرْجَمَة بطرِيق الْإِشَارَة أَيْضا، لِأَن قَوْله: (حَتَّى يُنَادي ابْن أم مَكْتُوم) ، يَقْتَضِي أَن نداءه حِين يطلع الْفجْر، لِأَنَّهُ لَو كَانَ قبله لم يكن فرق بَين أَذَانه وأذان بِلَال. قَوْله: (يُنَادي) ، أَي: يُؤذن، وَالْبَاء فِي: بلَيْل، للظرفية.
(بابُ الأذَانِ قَبْلَ الفَجْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْأَذَان قبل طُلُوع الْفجْر، هَل هُوَ مَشْرُوع أم لَا؟ وَإِذا شرع، هَل يَكْتَفِي بِهِ عَن إِعَادَة الْأَذَان بعد الْفجْر أم لَا؟ وميل البُخَارِيّ إِلَى الْإِعَادَة بِدَلِيل إِيرَاده الْأَحَادِيث فِي هَذَا الْبَاب الدَّالَّة على الْإِعَادَة، وَقد بَينا الْمذَاهب فِيهِ مفصلة فِيمَا مضى.
٦٢١ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ قَالَ حدَّثنا زُهَيْرٌ قَالَ حدَّثنا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَن أبي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عنْ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ أحَدَكُمْ أَو أحَدا مِنْكُمْ أذَانُ بِلالٍ مِنْ سْحُورِهِ فإنَّهُ يُؤَذِّنُ أوْ يُنَادِي بِلَيْلً لِيَرْجِعَ قائِمَكُمْ ولِيُنَبِّهَ نائِمَكُمْ ولَيْسَ أَن يَقُولَ الفَجْرُ أَو الصُّبْحُ وَقَالَ بِأصابِعِهِ وَرَفَعَهَا إِلَى فَوْقُ وطَأْطأْ إِلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقولَ هكذَا وَقَالَ زُهَيْرٌ بِسَبَّابَتَيْهِ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الأخْرَى ثُمَّ مَدَّهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وعنْ شِمَالِهِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَن أَذَان بِلَال كَانَ قبل الْفجْر، لِأَنَّهُ أخبر أَنه كَانَ يُؤذن بلَيْل، يَعْنِي: قبل طُلُوع الْفجْر.
ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: أَحْمد بن يُونُس الْمَعْرُوف بشيخ الْإِسْلَام. الثَّانِي: زُهَيْر بن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ. الثَّالِث: سُلَيْمَان