النَّاس فِيمَا لَا مَنْفَعَة فِيهِ إِلَّا للتلهي الْمنْهِي عَنهُ، فَلَا يجوز بيع شَيْء مِنْهُ إلَاّ الْأَصْنَام الَّتِي تكون من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَالْحَدِيد والرصاص إِذا غيرت مِمَّا هِيَ عَلَيْهِ وَصَارَت نقراً أَو قطعا فَيجوز بيعهَا وَالشِّرَاء بهَا.
٩٧٤٢ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ الْمُنْذِر قَالَ حدَّثنا أنَسُ بنُ عِياضٍ عنْ عُبَيْدِ الله عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ القَاسِمِ عنْ أبيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّها كانَتِ اتَّخَذعتْ علَى سَهْوَةٍ لَها سِتْراً فِيهِ تَماثيلُ فَهَتَكَهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاتَّخَذَتْ مِنْهُ نُمْرُقَتَيْنِ فَكانَتَا فِي الْبَيْتِ يَجْلِسُ عَلَيْهِمَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فهتكه) ، أَي: فهتك السّتْر، أَي: شقَّه، وَهَذَا يدْخل فِي قَوْله: فَإِن كسر صنماً، لِأَن التماثيل الَّتِي هِيَ الصُّور كَانَت تعبد كَمَا كَانَ الصَّنَم يعبد.
وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، وَالقَاسِم هُوَ مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث من أَفْرَاده، وَوجه إِدْخَال هَذَا الحَدِيث فِي الْمَظَالِم هُوَ: أَن هتك السّتْر الَّذِي فِيهِ التماثيل من إِزَالَة الظُّلم، لِأَن الظُّلم وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه، وَكَذَلِكَ اتِّخَاذ التماثيل والصور، وضع الشَّيْء فِي غير مَوْضِعه. فَافْهَم.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (سهوة) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء، وَهِي الصّفة الَّتِي تكون بَين يَدي الْبيُوت، وَقيل: هِيَ بَيت صَغِير منحدر فِي الأَرْض. وَقيل: هِيَ الرف أَو الطاق الَّذِي يوضع فِيهِ الشَّيْء، وَقيل: هِيَ الطاق فِي وسط الْبَيْت، وَقيل: هِيَ بَيت صَغِير سمكه مُرْتَفع عَن الأَرْض يشبه الخزانة الصَّغِيرَة يكون فِيهِ الْمَتَاع. قَوْله: (تماثيل) ، جمع تِمْثَال، وَهُوَ مَا يصنع ويصور مشبهاً بِخلق الله تَعَالَى من ذَوَات الرّوح، وَفِي (الْمغرب) : الصُّورَة عَام وَيشْهد لَهُ مَا ذكر فِي الأَصْل أَنه صلى وَعَلِيهِ ثوب وَفِيه تماثيل، كره لَهُ. قَالَ: وَإِذا قطع رَأسهَا فَلَيْسَتْ بتمثال، ثمَّ ذكر حَدِيث الْبَاب، وَقَالَ: من ظن أَن الصُّورَة الْمنْهِي عَنْهَا مَا لَهُ شخص دون مَا كَانَ منسوجاً أَو مَنْقُوشًا فِي ثوب أَو جِدَار، فَهَذَا الحَدِيث يكذب ظَنّه. وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ تماثيل أَو تصاوير) . كَأَنَّهُ شكّ من الرَّاوِي، وَأما قَوْلهم: وَيكرهُ التصاوير والتماثيل، فالعطف للْبَيَان. قَوْله: (فهتكه) ، أَي: شقَّه، وَقد ذَكرْنَاهُ، وَفِي حَوَاشِي (الْمغرب) : هتك السّتْر تخريقه. قَوْله: (نمرقتين) ، تَثْنِيَة نمرقة، بِضَم النُّون وَالرَّاء وَكسرهَا وَضم النُّون وَفتح الرَّاء: وَهِي وسَادَة صَغِيرَة، وَقد تطلق على الطنفسة، كَذَا فسره الْكرْمَانِي. وَقَوله: (فكانتا فِي الْبَيْت يجلس عَلَيْهِمَا) يُنَافِي ذَلِك تَفْسِيره بالوسادة.
٣٣ - (بابُ مَنْ قاتَلَ دُونَ مالِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم من قَاتل دون مَاله، قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: عِنْد مَاله. وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: دون فِي أَصْلهَا ظرف مَكَان بِمَعْنى تَحت، وَيسْتَعْمل للسَّبَبِيَّة على الْمجَاز، وَوَجهه أَن الَّذِي يُقَاتل على مَاله إِنَّمَا يَجعله خَلفه أَو تَحْتَهُ، ثمَّ يُقَاتل عَلَيْهِ، وَفِي (الصِّحَاح) : دون نقيض فَوق، وَهُوَ تَقْصِير عَن الْغَايَة، وَيكون ظرفا، وَجَوَاب مَحْذُوف تَقْدِيره: من قَاتل دون مَاله فَمَاذَا حكمه؟ وَيجوز إِن يكون تَقْدِيره: من قَاتل دون مَاله فَقتل فَهُوَ شَهِيد، وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِمَا فِي حَدِيث الْبَاب، على عَادَته فِي مثل ذَلِك.
٠٨٤٢ - حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يَزِيدَ قَالَ حدَّثنا سَعِيدٌ هُوَ ابنُ أبِي أيُّوبَ قَالَ حدَّثني أَبُو الأسْوَدِ عنْ عِكْرِمَةَ عنْ عَبْدِ الله بن عَمْرٍ وَرَضي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ منْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهْوَ شَهِيدٌ.
قيل: لَا مُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة، لِأَن الْمُقَاتلَة لَا تَسْتَلْزِم الْقَتْل، وَالشَّهَادَة مرتبَة على الْقَتْل. قلت: قد ذكرت الْآن أَن تَقْدِير التَّرْجَمَة: من قَاتل دون مَاله فَقتل، فَمَاذَا حكمه؟ فَالْجَوَاب: إِنَّه شَهِيد. وَاقْتصر فِي الحَدِيث على لفظ: قتل، لِأَنَّهُ يسْتَلْزم الْمُقَاتلَة، وَبِهَذَا تتضح الْمُطَابقَة. وَقيل أَيْضا: مَا وَجه إِدْخَال هَذَا الحَدِيث فِي هَذِه الْأَبْوَاب؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ يدل أَن للْإنْسَان أَن يدْفع من قصد مَاله ظلما، فَإِذا قتل صَار شَهِيدا، وَهَذَا النَّوْع دَاخل فِي الْمَظَالِم لِأَن فِيهِ دفع الظُّلم. فَافْهَم.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة الْقرشِي الْعَدوي أَبُو عبد الرَّحْمَن الْمقري الْقصير مولى آل عمر بن الْخطاب