للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الشَّرْع، وَهِي الصَّلَوَات الْخمس، ومسماها مَعْلُوم، فَكيف يصدق عَلَيْهِ حد الْعَام وَهُوَ مَا يَنْتَظِم جمعا من المسميات؟ وَكَيف يَقُول: مَخْصُوص بالمغرب وَالصُّبْح، وَهُوَ غير صَحِيح؟ لِأَن الْخُصُوص إِخْرَاج بعض مَا يتَنَاوَلهُ الْعَام، فَكيف يخرج الْمغرب الَّتِي هِيَ ثَلَاث رَكْعَات من أصل الْفَرْض الَّذِي هُوَ رَكْعَتَانِ؟ وَأما الصُّبْح فعلى الأَصْل فَلَا يتَصَوَّر فِيهِ صُورَة الْإِخْرَاج؟ وَقَوله: وحجية الْعَام الْمُخَصّص مُخْتَلف فِيهَا، غير وَارِد علينا لأَنا لم نقر لَا بِالْعُمُومِ وَلَا بالخصوص، فَكيف يرد علينا مَا قَالَه؟ وَلَئِن سلمنَا الْعُمُوم فَلَا نسلم الْخُصُوص على الْوَجْه الَّذِي ذكره، وَلَئِن سلمنَا الْعُمُوم وَالْخُصُوص فَلَا نسلم ترك الِاحْتِجَاج بِالْعَام الْمَخْصُوص مُطلقًا؟ وَقَوله: ثمَّ إِن راوية الحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. . إِلَى آخِره، غير وَارِد علينا لأَنا لَا نقُول: إِن عَائِشَة خَالَفت مَا روته، بل نقُول: إِنَّهَا أولت، كَمَا قَالَ عُرْوَة، وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح من طَرِيق هِشَام ابْن عُرْوَة عَن أَبِيه: (أَنَّهَا كَانَت تصلي فِي السّفر أَرْبعا، فَقلت لَهَا: لَو صليت رَكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَت: يَابْنَ أُخْتِي لَا تشق عَليّ) ، فَهَذَا يدل على أَنَّهَا تأولت الْقصر وَلم تنكره، وتأويلها إِيَّاه لَا يُنَافِي وُجُوبه فِي نفس الْأَمر، مَعَ أَن الْإِنْكَار لم ينْقل عَنْهَا صَرِيحًا.

وَبعد كل ذَلِك، فَنحْن مَا اكتفينا فِي الِاحْتِجَاج فِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ بِهَذَا الحَدِيث وَحده، وَلنَا فِي ذَلِك دَلَائِل أُخْرَى قد ذَكرنَاهَا فِيمَا مضى، وَقَالَ أَبُو عمر وَغَيره: اضْطَرَبَتْ الْآثَار عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فِي هَذَا الْبَاب قلت: فَلذَلِك مَا اكْتفى اصحابنا فِي الِاحْتِجَاج، وَمِمَّا يُؤَيّد مَا ذهب إِلَيْهِ أَصْحَابنَا مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) : عَن معمر عَن قَتَادَة عَن مُورق الْعجلِيّ، قَالَ: (سُئِلَ ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، عَن الصَّلَاة فِي السّفر؟ فَقَالَ: رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، من خَالف السّنة كفر) . وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا: حَدثنَا أَبُو بكرَة، قَالَ: حَدثنَا روح، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو التياح (عَن مُورق، قَالَ: سَأَلَ صَفْوَان بن مُحرز ابْن عمر عَن الصَّلَاة فِي السّفر؟ فَقَالَ: أخْشَى أَن تكذب عَليّ: رَكْعَتَانِ من خَالف السّنة كفر) . وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ أَيْضا نَحوه من حَدِيث أبي التياح، وَاسم أبي التياح يزِيد بن حميد الضبعِي.

٦ - (بابٌ يُصَلِّي المَغُرِبَ ثَلَاثا فِي السَّفَرِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ أَن الْمُسَافِر يُصَلِّي صَلَاة الْمغرب ثَلَاث رَكْعَات كَمَا فِي الْحَضَر وَإِنَّهَا لَا يدْخل فِيهَا الْقصر وروى أَحْمد فِي مُسْنده من طَرِيق ثُمَامَة بن شرَاحِيل قَالَ خرجت إِلَى ابْن عمر فَقلت مَا صَلَاة الْمُسَافِر قَالَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ إِلَّا الْمغرب.

١٩٠١ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي سالِمٌ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ رَأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ المَغْرِبَ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وبَيْنَ العِشَاءِ. قَالَ سالِمٌ وكانَ عَبْدُ الله يَفْعَلُهُ إذَا أعْجَلَهُ السَّيْرُ..

٢٩٠١ - وزَادَ اللَّيْثُ قَالَ حدَّثني يُونُسُ عنِ ابنِ شِهَابٍ قَالَ سالِمٌ كانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ بِالمُزْدَلِفَةِ. قَالَ سالمٌ وَأخَّرَ ابنُ عُمَرَ المَغْرِبَ وكانَ اسْتُصْرِخَ عَلَى امْرَأَتِهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ أبِي عُبَيْدٍ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ فَقالَ سِرْ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةُ فقالَ سِرْ حَتَّى سارَ مِيلَيْنِ أوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ قالَ هَكَذَا رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي إذَا أعْجَلَهُ السَّيْرُ. وَقَالَ عبدُ الله رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أعْجَلَهُ السَّيْرُ يُقِيمُ المَغْرِبَ فَيُصَلِّيهَا ثَلاثا ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ العِشَاءَ فَيُصَلِّيِهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلَا يُسَبِّحُ بَعْدَ العِشَاءِ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (يُقيم الْمغرب فيصليها ثَلَاثًا) .

ذكر رِجَاله: وهم سَبْعَة: الأول: أَبُو الْيَمَان الحكم ابْن نَافِع البهراني. الثَّانِي: شُعَيْب بن أبي حَمْزَة. الثَّالِث: مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الرَّابِع: سَالم بن عبد الله بن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>