وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي موضِعين: فِي تَقْصِير الصَّلَاة عَن أبي الْيَمَان. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن عَمْرو بن عُثْمَان ابْن سعيد بن كثير وَعَن أَحْمد لِابْنِ مُحَمَّد بن مُغيرَة.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانَ إِذا أعجله السّير فِي السّفر) ، قيد السّفر يخرج مَا إِذا كَانَ خَارج الْبَلَد فِي بستانه أَو كرمه مثلا. قَوْله:(يُؤَخر الْمغرب) أَي: يُؤَخر صَلَاة الْمغرب إِلَى وَقت الْعشَاء. قَوْله:(يَفْعَله) أَي: يفعل تَأْخِير الْمغرب إِلَى وَقت الْعشَاء إِذا كَانَ يعجله السّير فِي السّفر. قَوْله:(وَزَاد اللَّيْث) أَي: اللَّيْث بن سعد، وَقد وصل الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ: أَخْبرنِي الْقَاسِم ابْن زَكَرِيَّا حَدثنَا ابْن زَنْجوَيْه وحَدثني أبراهيم بن هانىء حَدثنَا الرَّمَادِي، حَدثنَا أَبُو صَالح حَدثنَا اللَّيْث بِهَذَا، وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: رأى البُخَارِيّ أول الْإِرْسَال من اللَّيْث أقوى من رِوَايَته عَن أبي صَالح عَن اللَّيْث، وَلم يستخبر أَن يروي عَنهُ. قلت: هَذَا الْوَجْه الَّذِي ذكره فِيهِ نظر، لِأَن البُخَارِيّ روى عَن أبي صَالح فِي (صَحِيحه) على الصَّحِيح، وَلكنه يدلسه فَيَقُول: حَدثنَا عبد الله، وَلَا ينْسبهُ، وَهُوَ هُوَ، نعم قد علق البُخَارِيّ حَدِيثا فَقَالَ فِيهِ، قَالَ اللَّيْث بن سعد حَدثنِي جَعْفَر بن ربيعَة، ثمَّ قَالَ فِي آخر الحَدِيث: حَدثنِي عبد الله بن صَالح، قَالَ: حَدثنَا اللَّيْث، فَذكره. وَلَكِن هَذَا عِنْد ابْن حمويه السَّرخسِيّ دون صَاحِبيهِ، وَقَالَ فِي (تذهيب التَّهْذِيب) : وَقد صرح ابْن حمويه عَن الْفربرِي عَن البُخَارِيّ بروايته عَن عبد الله بن صَالح عَن اللَّيْث فِي حَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ أَولا تَعْلِيقا، فَلَمَّا فرغ من الْمَتْن قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن صَالح عَن اللَّيْث بِهِ. ثمَّ إعلم أَن ظَاهر سِيَاق البُخَارِيّ يدل على أَن جَمِيع مَا بعد قَوْله:(زَاد اللَّيْث) ، لَيْسَ دَاخِلا فِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن رِوَايَة شُعَيْب عَنهُ تَأتي بعد ثَمَانِيَة أَبْوَاب فِي: بَاب هَل يُؤذن أَو يُقيم إِذا جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء، وَإِنَّمَا الزِّيَادَة فِي قصَّة صَفِيَّة، وَفعل ابْن عمر خَاصَّة، وَفِي (التَّصْرِيح) بقوله: (قَالَ عبد الله رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) فَقَط. قَوْله:(استصرخ) بِضَم التَّاء على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: أخبر بِمَوْت زَوجته صَفِيَّة بنت أبي عبيد، هِيَ أُخْت الْمُخْتَار الثَّقَفِيّ. وَهُوَ من الصُّرَاخ، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَأَصله الإستغاثة بِصَوْت مُرْتَفع، وَكَانَ هَذَا بطرِيق مَكَّة بيَّن ذَلِك فِي كتاب الْجِهَاد من رِوَايَة أسلم مولى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على مَا يَجِيء فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بَاب السرعة فِي السّير. قَوْله:(الصَّلَاة) بِالنّصب على الإغراء، وَيجوز الرّفْع على الِابْتِدَاء أَي: الصَّلَاة حضرت، وَيجوز الرّفْع على الخبرية أَي: هَذِه الصَّلَاة، أَي: وَقت الصَّلَاة. قَوْله:(فَقَالَ: سر) أَي: فَقَالَ عبد الله لسالم: سر، وَهُوَ أَمر من سَار يسير. قَوْله:(ميلين) قد مضى أَن الْميل ثلث فَرسَخ، وَهُوَ أَرْبَعَة آلَاف خطْوَة. قَوْله:(ثمَّ قَالَ) أَي: عبد الله بن عمر. قَوْله:(يُقيم الْمغرب) من الْإِقَامَة، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وللحموي أَيْضا، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني:(يعتم، بِضَم الْيَاء وَسُكُون الْعين وَكسر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: أَي يدْخل فِي الْعَتَمَة وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (يُؤَخر الْمغرب) . قَوْله:(فيصليها ثَلَاثًا) أَي: فَيصَلي الْمغرب ثَلَاث رَكْعَات. قَوْله:(وقلما يلبث) كلمة: مَا، مَصْدَرِيَّة أَي: قل لبثه. قَوْله:(وَلَا يسبح) أَي: لَا يُصَلِّي من السبحة، وَهُوَ صَلَاة اللَّيْل.