صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:(والطاعون رجز أرسل على من كَانَ قبلكُمْ) ، وَإِنَّمَا سمي طاعوناً لعُمُوم مصابه وَسُرْعَة قَتله، فَيدْخل فِيهِ مثله مِمَّا يصلح اللَّفْظ لَهُ.
١٣ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى {لَا يَسْتَوِي القاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أولي الضَّرَرِ والْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بأمْوَالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ فَضْل الله الْمُجَاهِدِينَ بأمْوَالِهِمْ وأنْفُسِهِمْ علَى القاعِدِينَ دَرَجَةً وكُلاًّ وعَدَ الله الحُسْنَى وفَضَّلَ الله المُجَاهِدِينَ عَلَى القاعِدِينَ} إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورَاً رَحِيماً} (النِّسَاء: ٥٩) .)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان سَبَب نزُول قَوْله تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ}(النِّسَاء: ٥٩) . الْآيَة، والقاعدون جمع قَاعد، وَأَرَادَ بهم القاعدين عَن الْجِهَاد، وَكلمَة: من، للْبَيَان والتبعيض، وَأُرِيد بِالْجِهَادِ غَزْوَة بدر، قَالَه ابْن عَبَّاس. وَقَالَ مقَاتل: غَزْوَة تَبُوك، وَالضَّرَر مثل الْعَمى وَالْعَرج وَالْمَرَض. قَوْله:(وَالْمُجَاهِدُونَ) ، عطف على قَوْله: الْقَاعِدُونَ. قَوْله:(وَفضل الله الْمُجَاهدين) ، هَذِه الْجُمْلَة مُوضحَة للجملة الأولى الَّتِي فِيهَا عدم اسْتِوَاء القاعدين والمجاهدين، كَأَنَّهُ قيل: مَا بالهم لَا يستوون؟ فَأُجِيب بقوله: فضل الله الْمُجَاهدين، قَوْله:(دَرَجَة) ، نضب بِنَزْع الْخَافِض، وَقيل: مصدر فِي معنى: تَفْضِيلًا، وَقيل: حَال، أَي ذَوي دَرَجَة. قَوْله:(وكلا) ، أَي: وكل فريق من القاعدين والمجاهدين. قَوْله:(وعد الله الْحسنى) ، أَي: المثوبة الْحسنى، وَهِي الْجنَّة. قَوْله:(إِلَى قَوْله {غَفُورًا رحِيما} (النِّسَاء: ٥٩)) . أَرَادَ بِهِ تَمام الْآيَة وَهُوَ قَوْله:{على القاعدين أجرا عَظِيما دَرَجَات مِنْهُ ومغفرة وَرَحْمَة وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما}(النِّسَاء: ٥٩) . قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أجرا انتصب بِفضل لِأَنَّهُ فِي معنى آجرهم أجرا. قَوْله {دَرَجَات} أَي: فِي الْجنَّة. قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَيجوز أَن ينْتَصب دَرَجَات، نصب دَرَجَة، كَمَا نقُول: ضربه أسواطاً بِمَعْنى: ضربات، كَأَنَّهُ قيل: وفضلهم تَفْضِيلًا. قَوْله:{ومغفرة وَرَحْمَة} بدل من أجرا {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما}(النِّسَاء: ٥٩) . لِلْفَرِيقَيْنِ. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي أَن الله تَعَالَى ذكر فِي أول الْكَلَام دَرَجَة، وَفِي آخِره دَرَجَات؟ قلت: الأولى: لتفضيل الْمُجَاهدين على أولى الضَّرَر. وَالثَّانيَِة: للتفضيل على غَيرهم. وَقيل: الأولى دَرَجَة الْمَدْح والتعظيم، وَالثَّانيَِة منَازِل الْجنَّة.