أَن يكون الإِمَام هُوَ الْخَلِيفَة أَو نَائِبه. وَقَالَ قوم المُرَاد: بقوله: (فَإِن اخطأوا فلكم) يَعْنِي: صَلَاتكُمْ فِي بُيُوتكُمْ فِي الْوَقْت، وَكَذَلِكَ كَانَ جمَاعَة من السّلف يَفْعَلُونَ، رُوِيَ عَن ابْن عمر أَن الْحجَّاج لما أخر الصَّلَاة بِعَرَفَة صلى ابْن عمر فِي رَحْله ووقف فَأمر بِهِ الْحجَّاج فحبس، وَكَانَ الْحجَّاج يُؤَخر الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَ أَبُو وَائِل يَأْمُرنَا أَن نصلي فِي بُيُوتنَا ثمَّ نأتي الْحجَّاج فنصلي مَعَه، وَفعله مَسْرُوق مَعَ زِيَاد، وَكَانَ عَطاء وَسَعِيد بن جُبَير فِي زمن الْوَلِيد إِذا أخر الصَّلَاة صليا فِي مَحلهمَا ثمَّ صليا مَعَه، وَفعله مَكْحُول مَعَ الْوَلِيد أَيْضا، وَهُوَ مَذْهَب مَالك. وَفِي (التَّلْوِيح) : وَكَانَ جمَاعَة من السّلف يصلونَ فِي بُيُوتهم فِي الْوَقْت ثمَّ يعيدون مَعَهم، وَهُوَ مَذْهَب مَالك، وَعَن بعض السّلف: لَا يعيدون. وَقَالَ النَّخعِيّ: كَانَ عبد الله يُصَلِّي مَعَهم إِذا أخروا عَن الْوَقْت قَلِيلا، وروى ابْن أبي شيبَة عَن وَكِيع: حَدثنَا قسام قَالَ: سَأَلت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ عَن الصَّلَاة خلف الْأُمَرَاء قَالَ: صلِّ مَعَهم وَقيل لجَعْفَر ابْن مُحَمَّد: كَانَ أَبوك يُصَلِّي إِذا رَجَعَ إِلَى الْبَيْت؟ فَقَالَ: لَا وَالله مَا كَانَ يزِيد على صَلَاة الْأَئِمَّة، وَالله أعلم.
٥٦ - (بابُ إمَامَةِ المَفْتُونِ والمُبْتَدِعِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم إِمَامَة الْمفْتُون، وَهُوَ من فتن الرجل فَهُوَ مفتون إِذا ذهب مَاله وعقله، والفاتن: المضل عَن الْحق، والمفتون المضل، بِفَتْح الضَّاد، هَكَذَا فسره الْكرْمَانِي. وَقَالَ بَعضهم: أَي الَّذِي دخل فِي الْفِتْنَة فَخرج على الإِمَام. قلت: هَذَا التَّفْسِير لَا ينطبق إلاّ على الفاتن، لِأَن الَّذِي يدْخل فِي الْفِتْنَة وَيخرج على الإِمَام هُوَ الْفَاعِل، وَكَانَ يَنْبَغِي للْبُخَارِيّ أَيْضا أَن يَقُول: بَاب إِمَامَة الفاتن. قَوْله:(والمبتدع) وَهُوَ الَّذِي يرتكب الْبِدْعَة، والبدعة لُغَة: كل شَيْء عمل عَليّ غير مِثَال سَابق، وَشرعا إِحْدَاث مَا لم يكن لَهُ أصل فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي عل قسمَيْنِ: بِدعَة ضَلَالَة، وَهِي الَّتِي ذكرنَا، وبدعة حَسَنَة: وَهِي مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حسنا وَلَا يكون مُخَالفا للْكتاب أَو السّنة أَو الْأَثر أَو الْإِجْمَاع، وَالْمرَاد هُنَا الْبِدْعَة: الضَّلَالَة.
وَقَالَ الحسَنُ صَلِّ وعَلَيْهِ بِدْعَتُهُ
كَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ سُئِلَ عَن الصَّلَاة خلف المبتدع، فَقَالَ: صل وَعَلِيهِ إِثْم بدعته، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق سعيد بن مَنْصُور عَن ابْن الْمُبَارك عَن هِشَام بن حسان: أَن الْحسن سُئِلَ عَن الصَّلَاة خلف صَاحب بِدعَة فَقَالَ: صل خَلفه وَعَلِيهِ بدعته.
(قَالَ أَبُو عبد الله وَقَالَ لنا مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ حَدثنَا الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن عبيد الله بن عدي بن خِيَار أَنه دخل على عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ مَحْصُور فَقَالَ إِنَّك إِمَام عَامَّة وَنزل بك مَا ترى وَيُصلي لنا إِمَام فتْنَة ونتحرج فَقَالَ الصَّلَاة أحسن مَا يعْمل النَّاس فَإِذا أحسن النَّاس فَأحْسن مَعَهم وَإِذا أساؤا فاجتنب إساءتهم)
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " وَيُصلي لنا إِمَام فتْنَة " إِلَى آخِره. (ذكر رِجَاله) وهم خَمْسَة. الأول مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ. الثَّانِي عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الْأَوْزَاعِيّ. الثَّالِث مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ. الرَّابِع حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مر فِي أَوَائِل كتاب الْإِيمَان. الْخَامِس عبيد الله بتصغير العَبْد ابْن عدي بِفَتْح الْعين وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن خِيَار بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وخفة الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالراء النَّوْفَلِي الْمدنِي التَّابِعِيّ أدْرك زمن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم تثبت رُؤْيَته وَكَانَ من فُقَهَاء قُرَيْش وثقاتهم مَاتَ زمن الْوَلِيد بن عبد الْملك (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ أَولا قَالَ البُخَارِيّ قَالَ لنا مُحَمَّد بن يُوسُف قَالَ صَاحب التَّلْوِيح كَأَنَّهُ أَخذ هَذَا الحَدِيث مذاكرة فَلهَذَا لم يقل فِيهِ حَدثنَا وَقيل أَنه مِمَّا تحمله بِالْإِجَازَةِ أَو المناولة أَو الْعرض وَقيل أَنه مُتَّصِل من حَيْثُ اللَّفْظ مُنْقَطع من حَيْثُ الْمَعْنى وَقَالَ بَعضهم هُوَ مُتَّصِل لَكِن لَا يعبر بِهَذِهِ الصِّيغَة إِلَّا إِذا كَانَ الْمَتْن مَوْقُوفا أَو كَانَ فِيهِ راو لَيْسَ على شَرطه وَالَّذِي هُنَا من قبيل الأول (قلت) إِذا كَانَ الرَّاوِي على غير شَرطه كَيفَ يذكرهُ فِي كِتَابه. وَفِيه التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين وَفِيه العنعنة فِي موضِعين وَفِيه القَوْل فِي موضِعين وَفِيه رِوَايَة ثَلَاثَة من التَّابِعين بَعضهم عَن بعض وهم الزُّهْرِيّ عَن حميد عَن عبيد الله وَفِيه الزُّهْرِيّ عَن حميد وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ أَخْبرنِي حميد وَفِيه حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ وَفِي رِوَايَة ابْن