للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِبَغْدَاد يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثلاث لَيَال بَقينَ من صفر سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: الْحسن بن مُوسَى الأشيب أَبُو عَليّ الْكُوفِي، سكن بَغْدَاد وَأَصله من خُرَاسَان، ولي قَضَاء حمص والموصل ثمَّ قَضَاء طبرستان، وَمَات بِالريِّ سنة تسع وَمِائَتَيْنِ، والإشيب بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة. الثَّالِث: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله ابْن دِينَار، مولى عبد الله بن عمر الْمدنِي. الرَّابِع: زيد بن أسلم أَبُو أُسَامَة، مولى عمر بن الْخطاب. الْخَامِس: عَطاء بن يسَار، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْملَة: أَبُو مُحَمَّد مولى مَيْمُونَة بنت الْحَارِث زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. السَّادِس: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف أسناده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بغدادي وكوفي ومدني. وَفِيه: أَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله من أَفْرَاد البُخَارِيّ. وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

وَهَذَا الحَدِيث انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ. وَأخرجه ابْن حبَان عَن أبي هُرَيْرَة من وَجه آخر، وَقد ذَكرْنَاهُ. وَأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة: (سيليكم بعدِي وُلَاة فَاسْمَعُوا وَأَطيعُوا فِيمَا وَافق الْحق، وصلوا وَرَاءَهُمْ فَإِن أَحْسنُوا فَلهم، وَإِن أساؤا فَعَلَيْهِم) . وَفِي (سنَن أبي دَاوُد) بِإِسْنَاد حسن، من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (يكون عَلَيْكُم أُمَرَاء من بعدِي يؤخرون الصَّلَاة، فَهِيَ لكم وَهِي عَلَيْهِم، فصلوا مَعَهم مَا صلوا الْقبْلَة) . وَرَوَاهُ أَبُو ذَر وثوبان أَيْضا مَرْفُوعا، وروى الْحَاكِم مصححا عَن سهل بن سعد: (الإِمَام ضَامِن فَإِن أحسن فَلهُ وَلَهُم، وَإِن أَسَاءَ فَعَلَيهِ لَا عَلَيْهِم) . وَأخرجه على شَرط مُسلم. وَأخرج أَيْضا على شَرط البُخَارِيّ عَن عقبَة بن عَامر: (من أم النَّاس فَأَتمَّ) ، وَفِي نُسْخَة: (فَأصَاب فَالصَّلَاة لَهُ وَلَهُم، وَمن انْتقصَ من ذَلِك شَيْئا فَعَلَيهِ وَلَا عَلَيْهِم) . وَأعله الطَّحَاوِيّ بِانْقِطَاع مَا بَين عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلَة وَأبي عَليّ الْهَمدَانِي الرَّاوِي عَن عقبَة، وَفِي مُسْند عبد الله ابْن وهب: عَن أبي شُرَيْح الْعَدوي: (الإِمَام جنَّة فَإِن أتم فلكم وَله، وَإِن نقص فَعَلَيهِ النُّقْصَان وَلكم التَّمام) .

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (يصلونَ) أَي: الْأَئِمَّة. قَوْله: (لكم) أَي: لأجلكم، فَاللَّام فِيهِ للتَّعْلِيل. قَوْله: (فَإِن أَصَابُوا) يَعْنِي: فَإِن أَتموا، يدل عَلَيْهِ حَدِيث عقبَة بن عَامر الْمَذْكُور، آنِفا. وَقَالَ ابْن بطال: (إِن أَصَابُوا) يَعْنِي: الْوَقْت، فَإِن بني أُميَّة كَانُوا يؤخرون الصَّلَاة تَأْخِيرا شَدِيدا. قلت: يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَد جيد: عَن قبيصَة بن وَقاص، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يكون عَلَيْكُم أُمَرَاء من بعدِي يؤخرون الصَّلَاة، فَهِيَ لكم وَهِي عَلَيْهِم، فصلوا مَعَهم مَا صلوا الْقبْلَة) ، وَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (ستدركون أَقْوَامًا يصلونَ الصَّلَاة لغير وَقتهَا، فَإِن أدركتموهم فصلوا فِي بُيُوتكُمْ للْوَقْت الَّذِي تعرفُون، ثمَّ صلوا مَعَهم واجعلوها سبْحَة) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن أَصَابُوا فِي الْأَركان والشرائط وَالسّنَن فلكم. قَوْله: (وان أخطأوا) أَي: وَإِن لم يُصِيبُوا. قَوْله: (فلكم) أَي: ثَوَابهَا، (وَعَلَيْهِم) أَي: عقابها، لِأَن: على تسْتَعْمل فِي الشَّرّ، و: اللَّام، فِي الْخَيْر. وَقَالَ أَبُو عبد الْملك قَوْله: (فلكم) يُرِيد ثَوَاب الطَّاعَة والسمع، (وَعَلَيْهِم) إِثْم مَا صَنَعُوا واخطأوا، وَقيل: إِن صليتم أفذاذا فِي الْوَقْت فصلاتكم تَامَّة إِن أخطأوا فِي صلَاتهم وائتممتم بهم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْخَطَأ عِقَابه مَرْفُوع عَن الْمُكَلّفين، فَكيف يكون عَلَيْهِم؟ وَأجَاب بِأَن الأخطاء هَهُنَا فِي مُقَابلَة الْإِصَابَة لَا فِي مُقَابلَة الْعمد، وَهَذَا الَّذِي فِي مُقَابلَة الْعمد هُوَ الْمَرْفُوع لَا ذَاك، وَسَأَلَ أَيْضا مَا معنى كَون غير الصَّوَاب لَهُم إِذْ لَا خير فِيهِ حَتَّى يكون لَهُم؟ وَأجَاب بقوله: مَعْنَاهُ صَلَاتكُمْ لكم وَكَذَا ثَوَاب الْجَمَاعَة لكم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: قَالَ الْمُهلب: وَفِيه: جَوَاز الصَّلَاة خلف الْبر والفاجر إِذا خيف مِنْهُ، يعنيوفيه: إِذا كَانَ صَاحب شَوْكَة. وَفِي (شرح السّنة) فِيهِ: دَلِيل على أَنه إِذا صلى بِقوم مُحدثا أَنه تصح صَلَاة الْمَأْمُومين خَلفه وَعَلِيهِ الْإِعَادَة قلت: هَذَا على مَذْهَب الشَّافِعِي كَمَا ذكرنَا أَن الْمُؤْتَم عِنْده تبع للْإِمَام فِي مُجَرّد الْمُوَافقَة لَا فِي الصِّحَّة وَالْفساد، وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد، وَعِنْدنَا يتبع لَهُ مُطلقًا، يَعْنِي: فِي الصِّحَّة وَالْفساد، وَثَمَرَة الْخلاف تظهر فِي مسَائِل: مِنْهَا: أَن الإِمَام إِذا ظهر مُحدثا أَو جنبا لَا يُعِيد الْمُؤْتَم صلَاته عِنْدهم. وَمِنْهَا: أَنه يجوز اقْتِدَاء الْقَائِم بالمومى. وَمِنْهَا: قِرَاءَة الإِمَام لَا تنوب عَن قِرَاءَة الْمُقْتَدِي. وَمِنْهَا: أَنه يجوز اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل، وبمن يُصَلِّي فرضا آخر. وَمِنْهَا: أَن الْمُقْتَدِي يَقُول: سمع الله لمن حَمده. وَعِنْدنَا: الحكم بِالْعَكْسِ فِي كلهَا، وَدَلِيلنَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِم مصححا عَن سهل بن سعد: (الإِمَام ضَامِن) ، يَعْنِي: صلَاتهم فِي ضمن صلَاته صِحَة وَفَسَادًا. وَقد اسْتدلَّ بِهِ قوم: أَن الائتمام بِمن يحل بِشَيْء من الصَّلَاة ركنا كَانَ أَو غَيره صَحِيح إِذا أتم الْمَأْمُوم، قيل: هَذَا وَجه عِنْد الشَّافِعِيَّة بِشَرْط

<<  <  ج: ص:  >  >>