لَا يَنْبَغِي أَن يتَشَهَّد إِلَّا بخاص من التَّشَهُّد يَعْنِي كلهم اتَّفقُوا على أَن التَّشَهُّد لَا يكون إِلَّا بِأَلْفَاظ مَخْصُوصَة وَلَا يكون بِأَيّ لفظ كَانَ فَإِذا كَانَ كَذَلِك فالمتفق عَلَيْهِ أولى من الْمُخْتَلف فِيهِ فَصَارَ كَونه مُتَّفقا عَلَيْهِ دون غَيره من مرجحاته لِأَن الروَاة عَنهُ من الثِّقَات لم يَخْتَلِفُوا فِي أَلْفَاظه بِخِلَاف غَيره وَأَن ابْن مَسْعُود تَلقاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تلقيا فروى الطَّحَاوِيّ من طَرِيق الْأسود بن يزِيد عَنهُ قَالَ " أخذت التَّشَهُّد من فِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولقننيه كلمة كلمة " وَفِي رِوَايَة أبي معمر عَنهُ " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - التَّشَهُّد وكفي بَين كفيه " وَمن المرجحات ثُبُوت الْوَاو فِي الصَّلَوَات والطيبات وَهِي تَقْتَضِي الْمُغَايرَة بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ فَتكون كل جملَة ثَنَاء مُسْتقِلّا بِخِلَاف مَا إِذا حذفت فَإِنَّهَا تكون صفة لما قبلهَا وتعدد الثَّنَاء فِي الأول صَرِيح فَيكون أولى وَلَو قيل أَن الْوَاو مقدرَة فِي الثَّانِي. وَمِنْهَا أَنه ورد بِصِيغَة الْأَمر بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ مُجَرّد حِكَايَة وَمِنْهَا أَن فِي رِوَايَة أَحْمد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمه التَّشَهُّد وَأمره أَن يُعلمهُ النَّاس وَلم ينْقل ذَلِك لغيره فَفِيهِ دَلِيل على مزيته وَقَالَ الْكرْمَانِي ذهب الشَّافِعِي إِلَى أَن تشهد ابْن عَبَّاس أفضل لزِيَادَة لَفْظَة المباركات فِيهِ وَهِي مُوَافقَة لقَوْل الله تَعَالَى {تَحِيَّة من عِنْد الله مباركة طيبَة} . وَقَالَ مَالك تشهد عمر بن الْخطاب أفضل لِأَنَّهُ علمه النَّاس على الْمِنْبَر وَلم ينازعه أحد فَدلَّ على تفضيله (قلت) وَذهب بَعضهم إِلَى عدم التَّرْجِيح مِنْهُم ابْن خُزَيْمَة وَالْجَوَاب عَن تَرْجِيح الشَّافِعِي حَدِيث ابْن عَبَّاس بِالزِّيَادَةِ أَنَّهَا مُخْتَلف فِيهَا وَحَدِيث ابْن مَسْعُود مُتَّفق عَلَيْهِ كَمَا ذكرنَا وَحَدِيث ابْن عَبَّاس مَذْكُور مَعْدُود فِي أَفْرَاد مُسلم وَأَعْلَى دَرَجَة الصَّحِيح عِنْد الْحفاظ مَا اتّفق عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَلَو فِي أَصله فَكيف إِذا اتفقَا على لَفظه فَلم يكن مَا ذكره سَببا للترجيح على أَن ابْن مَسْعُود قد أنكر على من زَاد على مَا رَوَاهُ من لفظ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَونه مُوَافقا لما فِي الْقُرْآن وَجه من التَّرْجِيح فَلَا يفضل بذلك على الَّذِي لَهُ وُجُوه من التَّرْجِيح وَالْجَوَاب عَن تَرْجِيح مَالك تشهد عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه مَوْقُوف عَلَيْهِ فَلَا يلْحق الْمَرْفُوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ برهَان الدّين صَاحب الْهِدَايَة الْأَخْذ بتشهد ابْن مَسْعُود أولى لِأَن فِيهِ الْأَمر وَأقله الِاسْتِحْبَاب وَالْألف وَاللَّام وهما للاستغراق وَزِيَادَة الْوَاو لتجديد الْكَلَام كَمَا فِي الْقسم وتأكيد التَّعْلِيم وَمِمَّا رُوِيَ فِي إِنْكَار الزِّيَادَة مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْأَوْسَط من حَدِيث الْعَلَاء بن الْمسيب عَن أَبِيه قَالَ كَانَ ابْن مَسْعُود يعلم رجلا التَّشَهُّد فَقَالَ عبد الله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله فَقَالَ الرجل وَحده لَا شريك لَهُ فَقَالَ عبد الله هُوَ كَذَلِك وَلَكِن يَنْتَهِي إِلَى مَا علمنَا وَفِي رِوَايَة الْبَزَّار فَقَالَ عبد الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَقَالَ الرجل وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ عبد الله مرَارًا كل ذَلِك يَقُول وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَالرجل يَقُول وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله فَقَالَ عبد الله كَذَا علمنَا وَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه حَدثنَا وَكِيع عَن إِسْحَاق بن يحيى عَن الْمسيب بن رَافع سمع ابْن مَسْعُود رجلا يَقُول فِي التَّشَهُّد بِسم الله فَقَالَ إِنَّمَا يُقَال هَذَا على الطَّعَام (الْوَجْه الثَّالِث) فِي التَّشَهُّد هَل هُوَ وَاجِب أم سنة فَقَالَ الشَّافِعِي وَطَائِفَة التَّشَهُّد الأول سنة وَالْآخر وَاجِب وَقَالَ جُمْهُور الْمُحدثين هما واجبان وَقَالَ أَحْمد الأول وَاجِب وَالثَّانِي فرض وَقد اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَام فِيهِ فِي بَاب من لم ير التَّشَهُّد الأول وَاجِبا. (الْوَجْه الرَّابِع) فِي أَن السّنة فِي التَّشَهُّد الْإخْفَاء لما روى التِّرْمِذِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبد الله بن مَسْعُود من السّنة أَن يخفي التَّشَهُّد وَقَالَ حسن غَرِيب وَعند الْحَاكِم عَن عبد الله من السّنة أَن يخفي التَّشَهُّد وَقَالَ صَحِيح على شَرط مُسلم وَأخرج ابْن خُزَيْمَة فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة قَالَت نزلت هَذِه الْآيَة فِي التَّشَهُّد {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا} وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم -
١٤٩ - (بابُ الدُّعَاءِ قَبْلَ السَّلَامِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الدُّعَاء قبل أَن يسلم الْمُصَلِّي، يَعْنِي: التَّشَهُّد قبل السَّلَام.
٨٣٢ - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرنَا عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ زوْجِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخْبَرْتُهُ أنَّ رسولَ الله كانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute