للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ وأعُوذُ بِكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيَا وَفِتْنَةِ المَمَاتِ اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ المَأْثَمِ والمَغْرَمِ فقالَ لَهُ قائِلٌ مَا أكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ المَغْرَمِ فَقَالَ إنَّ الرَّجُلَ إذَا غَرَمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ ووعَدَ فأخْلَفَ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُف سَمِعْتُ خَلَفَ بنَ عَامِرٍ يَقُولُ فِي المَسِيحِ وَالمَسِيحِ مُشَدَّدٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُمَا واحِدٌ أحَدُهُمَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ والآخَرُ الدَّجَّالُ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: بِالْقَرِينَةِ، وَهِي الَّتِي ذكرهَا الْكرْمَانِي من حَيْثُ إِن لكل مقَام ذكرا مَخْصُوصًا، فَتعين أَن يكون مقَامه بعد الْفَرَاغ من الْكل، وَهُوَ آخر الصَّلَاة. قلت: بَيَان ذَلِك أَن للصَّلَاة قيَاما وركوعا وسجودا وقعودا، فالقيام مَحل قِرَاءَة الْقُرْآن وَالرُّكُوع، وَالسُّجُود لَهما دعاءان مخصوصان، وَالْقعُود مَحل التَّشَهُّد، فَلم يبْق للدُّعَاء مَحل إلاّ بعد التَّشَهُّد قبل السَّلَام، وَبِهَذَا التَّقْرِير ينْدَفع قَول بَعضهم عقيب نَقله كَلَام الْكرْمَانِي: وَفِيه نظر، لِأَن هَذَا هُوَ مَحل التَّرْتِيب للْبُخَارِيّ، لكنه مطَالب بِدَلِيل اخْتِصَاص هَذَا الْمحل بِهَذَا الذّكر، وَلَو أمعن هَذَا الْقَائِل فِي تَأمل مَا ذكرنَا لما طلب الْكرْمَانِي بِمَا ذكره. وَالْوَجْه الآخر: أَن الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة يُفَسر بَعْضهَا بَعْضًا. وَقد رُوِيَ فِي بعض الطّرق تعْيين مَحل الدُّعَاء، فَأخْرج ابْن خُزَيْمَة من طَرِيق ابْن جريج: أَخْبرنِي عبد الله بن طَاوُوس عَن أَبِيه أَنه: كَانَ يَقُول بعد التَّشَهُّد كَلِمَات يعظمهن جدا، قلت: فِي الْمثنى كليهمَا؟ قَالَا: بل فِي التَّشَهُّد الْأَخير: قلت: مَا هِيَ؟ قَالَ: أعوذ بِاللَّه من عَذَاب الْقَبْر. .) الحَدِيث. قَالَ ابْن جريج: أخبرنيه عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا. وَرُوِيَ من طَرِيق مُحَمَّد ابْن أبي عَائِشَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مَرْفُوعا: (إِذا تشهد أحدكُم فَلْيقل. .) فَذكر نَحوه، هَذِه رِوَايَة وَكِيع عَن الْأَوْزَاعِيّ عَنهُ، وَأخرجه أَيْضا من رِوَايَة الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ بِلَفْظ: (إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير. .) فَذكره، وَفِي رواي ابْن مَاجَه: (إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد الْأَخير فليتعوذ من أَربع. .) الحَدِيث.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَالزهْرِيّ مُحَمَّد بن مُسلم.

ذكر لطائف إِسْنَاده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي موضِعين، وبالإفراد من الْمَاضِي فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين، وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية. وَفِيه: التَّصْرِيح بِأَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، زوج النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: أَن الْإِثْنَيْنِ الْأَوَّلين من الروَاة حمصيان والآخران مدنيان.

وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي الْيَمَان فِي الاستقراض. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن أبي بكر عَن إِسْحَاق الصَّاغَانِي عَن أبي الْيَمَان بِهِ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن بَقِيَّة عَن شُعَيْب بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاة) أَي: فِي آخر الصَّلَاة بعد التَّشَهُّد قبل السَّلَام، بالقرائن الَّتِي ذَكرنَاهَا. قَوْله: (من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال) الْفِتْنَة عبارَة عَن الِابْتِلَاء والامتحان، يُقَال: فتنته أفتنته فتنا وفتونا: إِذا امتحنته. وَيُقَال فِيهَا: افتنه أَيْضا، وَهُوَ قَلِيل. وَقد كثر اسْتِعْمَالهَا فِيمَا أخرجه الاختبار للمكروه، ثمَّ كثر حَتَّى اسْتعْمل بِمَعْنى الْإِثْم وَالْكفْر والقتال والإحراق والإزالة وَالصرْف عَن الشَّيْء والمسيح، بِفَتْح الْمِيم وَكسر السِّين الْمُهْملَة المخففة وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: يُطلق على عِيسَى ابْن مَرْيَم، وعَلى الدَّجَّال أَيْضا، وَلكنه يفرق بالتقييد، وَسمي الدَّجَّال بالمسيح لِأَن الْخَيْر مسح مِنْهُ، فَهُوَ مسيح الضَّلَالَة. وَقيل: سمي بِهِ لِأَن عينه الْمُوَحدَة ممسوحة، وَيُقَال: رجل مَمْسُوح الْوَجْه ومسيح، وَهُوَ أَن لَا يبْقى على أحد شقي وَجهه عين وَلَا حَاجِب إِلَّا اسْتَوَى. وَقيل: لِأَنَّهُ يمسح الأَرْض، أَي: يقطعهَا إِذا خرج. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: إِنَّه مسيح على وزن: سكيت، وَهُوَ الَّذِي مسح خلقه أَي شوه، فَكَأَنَّهُ هرب من الالتباس بالمسيح بن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَلَا التباس، لِأَن عِيسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا سمي مسيحا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يمسح بِيَدِهِ الْمُبَارَكَة ذَا عاهة إلاّ برىء. وَقيل: لِأَنَّهُ كَانَ أَمسَح

<<  <  ج: ص:  >  >>