َ عنْ أبِي بَكْرِ بنِ أبي مُوسَى وَأبي بُردَةَ أحْسِبُهُ عنْ أبي مُوسى الأشْعَريِّ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنَّه كَانَ يَدْعو: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئتي وجَهْلِي وإسْرافي فِي أمْرِي وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ منِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وجِدِّي وخَطَئِي وعَمْدي وكلُّ ذالِكَ عِنْدِي. (انْظُر الحَدِيث ٨٩٣٦) [/ ح.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور عَن مُحَمَّد بن الْمثنى ضد الْمُفْرد عَن عبيد الله بن عبد الْمجِيد الْحَنَفِيّ الْبَصْرِيّ، قَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: عَن عبد الحميد، وَالْأول هُوَ الصَّحِيح عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو عَن أبي بكر، وَأبي بردة ابْني أبي مُوسَى عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَلم يشك فِيهِ.
قَوْله: (وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني) أَي: من الذُّنُوب. قَوْله: (وخطئي) هَكَذَا بِالْإِفْرَادِ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: خطاياي، بِالْجمعِ. قَوْله: (وكل ذَلِك عِنْدِي) أَي: أَنا متصف بِهَذِهِ الْأَشْيَاء فاغفرها. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ الْقَرَافِيّ فِي (كتاب الْقَوَاعِد) : قَول الْقَائِل فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين، دُعَاء بالمحال لِأَن صَاحب الْكَبِيرَة يدْخل النَّار وَدخُول النَّار يُنَافِي الغفران. أَقُول: فِيهِ منع ومعارضة، أما الْمَنْع فَلَا نسلم الْمُنَافَاة إِذا الْمنَافِي هُوَ الدُّخُول المخلد كَمَا للْكفَّار إِذْ الْإِخْرَاج من النَّار بالشفاعة وَنَحْوهَا أَيْضا غفران، وَأما الْمُعَارضَة فَهِيَ بقوله تَعَالَى حِكَايَة عَن نوح عَلَيْهِ السَّلَام: { (٧١) رب اغْفِر لي ولوالدي وَلمن دخل بَيْتِي. . مُؤمنا وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} (نوح: ٨٢) وَقَالَ بَعضهم: نقل الْكرْمَانِي تبعا لمغلطاي عَن الْقَرَافِيّ ... إِلَى آخِره.
قلت: قطّ لم يتبع الْكرْمَانِي أحدا فِي نَقله هَذَا عَن الْقَرَافِيّ. وَفِيه: ترك الْأَدَب أَيْضا حَيْثُ يُصَرح بقوله مغلطاي، وَلَو كَانَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين مغلطاي تِلْمِيذه أَو رَفِيقه فِي الِاشْتِغَال لم يكن من الْأَدَب أَن يذكرهُ باسمه بِدُونِ التَّعْظِيم، وَقَالَ فِي آخر كَلَامه: لم يظْهر لي مُنَاسبَة ذكر هَذِه الْمَسْأَلَة فِي هَذَا الْبَاب.
قلت: وَجه الْمُنَاسبَة فِي ذَلِك أظهر من كل شَيْء وَقد ظهر لغيره من أَصْحَاب التَّحْقِيق مَا لم يظْهر لَهُ لقُصُور تَأمله، وَالله أعلم.
٣٦ - (بابُ الدُّعاءِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان السَّاعَة الَّتِي يُرْجَى فِيهَا إِجَابَة الدُّعَاء يَوْم الْجُمُعَة، وَقد ذكر فِي كتاب الْجُمُعَة: بَاب السَّاعَة الَّتِي فِي يَوْم الْجُمُعَة، وَلم يعين أَيَّة سَاعَة هِيَ، لَا هُنَا وَلَا هُنَاكَ، وَفِي تَعْيِينهَا أَقْوَال كَثِيرَة ذَكرنَاهَا فِي كتاب الْجُمُعَة.
٠٠٤٦ - حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ إبْراهيمَ أخبرنَا أيُّوبُ عنْ مُحَمَّدٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ أبُو القاسِمِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فِي الجُمُعَةِ ساعَةٌ لَا يُوافِقُها مُسْلِمٌ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي يَسْألُ خَيْراً إلَاّ أعْطاهُ، وَقَالَ بِيَدِهِ. قُلْنا: يقَلِّلها يُزَهِّدُها.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم هُوَ إِسْمَاعِيل بن علية، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن زُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن زُرَارَة.
قَوْله: (حَدثنَا) ويروى: أخبرنَا قَوْله: (فِي الْجُمُعَة سَاعَة) ويروى: فِي يَوْم الْجُمُعَة، وَلَفظ مُسلم: إِن فِي الْجُمُعَة لساعة لَا يُوَافِقهَا مُسلم. . إِلَى آخِره نَحوه. قَوْله: (وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي يسْأَل) ثَلَاثَة أَحْوَال متداخلة أَو مترادفة. قَوْله: (يسْأَل خيرا) ويروى: يسْأَل الله خيرا، وَقيد بِالْخَيرِ ليخرج مثل الدُّعَاء بالإثم وَقَطِيعَة الرَّحِم وَنَحْو ذَلِك. قَوْله: (قَالَ بِيَدِهِ) أَي: أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنَّهَا سَاعَة لَطِيفَة خَفِيفَة قَليلَة، وَفِي رِوَايَة مُسلم بعد ذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور قَالَ: وَهِي سَاعَة خَفِيفَة. قَوْله: (قُلْنَا: يقللها) أَي: يقلل تِلْكَ السَّاعَة. قَوْله: (يزهدها) يحْتَمل أَن يكون تَأْكِيدًا لقَوْله: قَوْله: (يقللها) لِأَن التزهيد أَيْضا التقليل، وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ الْخطابِيّ، وَوَقع فِي رِوَايَة الأسماعيلي من رِوَايَة زُهَيْر بن حَرْب: يقللها ويزهدها، بواو الْعَطف وَهُوَ أَيْضا للتَّأْكِيد، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي عوَانَة عَن الزَّعْفَرَان عَن إِسْمَاعِيل بِلَفْظ: وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا، فَقُلْنَا: بزهدها أَو يقللها.
٤٦ - (بابُ قَوْل النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَسْتَجابُ لَنا فِي اليَهُودِ وَلَا يُسْتَجابُ لَهُمْ فِينا)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يُسْتَجَاب الدُّعَاء الَّذِي لنا فِي حق الْيَهُود لأَنا لَا ندعوا إلَاّ بِالْحَقِّ، وَلَا يُسْتَجَاب للْيَهُود