مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث، فَإِن فِيهِ تمني الشَّهَادَة، وَهَذَا السَّنَد بِعَيْنِه قد مضى غير مرّة، وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع. وَهَذَا الحَدِيث رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة من وَجه وَمضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب الْجِهَاد من الْإِيمَان.
قَوْله:(وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَن رجَالًا من الْمُؤمنِينَ لَا تطيب أنفسهم) ، وَفِي رِوَايَة أبي زرْعَة وَأبي صَالح:(لَوْلَا أَن أشق على أمتِي) ، وَرِوَايَة الْبَاب تفسر المُرَاد بالمشقة الْمَذْكُورَة، وَهِي أَن نُفُوسهم لَا تطيب بالتخلف، وَلَا يقدرُونَ على التأهب لعجزهم عَن آلَة السّفر من مركوب وَغَيره، وَتعذر وجوده عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصرح بذلك فِي رِوَايَة هما، وَلَفظه:(وَلَكِن لَا أجد سَعَة فأحملهم، وَلَا يَجدونَ سَعَة فيتبعوني، وَلَا تطيب أنفسهم أَن يقعدوا بعدِي) . قَوْله:(عَن سَرِيَّة) ، أَي: قِطْعَة من الْجَيْش يبلغ أقصاها أَرْبَعمِائَة تبْعَث إِلَى الْعَدو، وَجمعه: السَّرَايَا، سموا بذلك لأَنهم يكونُونَ خُلَاصَة الْعَسْكَر وخيارهم، من الشَّيْء السّري: النفيس. قَوْله:(وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْت) وَوَقع فِي رِوَايَة أبي زرْعَة بِلَفْظ: (ولددت أَنِّي أقتل) ، بِحَذْف الْقسم. قَوْله:(أَنِّي أقتل فِي سَبِيل الله) ، اسْتشْكل بَعضهم صُدُور هَذَا الْيَمين من النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَعَ علمه بِأَنَّهُ لَا يقتل، وَأجَاب ابْن التِّين بِأَن ذَلِك لَعَلَّه كَانَ قبل نزُول قَوْله تَعَالَى:{وَالله يَعْصِمك من النَّاس}(الْمَائِدَة: ٧٦) . وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَن نزُول هَذِه الْآيَة كَانَ فِي أَوَائِل مَا قدم الْمَدِينَة، وَقد صرح أَبُو هُرَيْرَة بِسَمَاعِهِ من النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ قدومه فِي أَوَائِل سنة سبع من