الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد مَعَ وجود غَيره وَعَدَمه فِي الْإِجْزَاء وَقَالَ الْخطابِيّ لَفظه استخبار وَمَعْنَاهُ الْإِخْبَار عَن الْحَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا من ضيق الثِّيَاب والتقتير لما عِنْدهم وَقد وَقعت فِي ضمنه الْفَتْوَى من طَرِيق الفحوى كَأَنَّهُ استزادهم فِي هَذَا علما وفقها يَقُول إِذا كَانَ ستر الْعَوْرَة وَاجِبا على كل وَاحِد مِنْكُم وَكَانَت الصَّلَاة لَازِمَة لَهُ وَلَيْسَ لكل وَاحِد مِنْكُم ثَوْبَان فَكيف لم تعلمُوا أَن الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد جَائِزَة وَقَالَ الطَّحَاوِيّ لَو كَانَت الصَّلَاة مَكْرُوهَة فِي الثَّوْب الْوَاحِد لكرهت لمن لَا يكون لَهُ إِلَّا ثوب وَاحِد لِأَن حكم الصَّلَاة فِي الثَّوْب الْوَاحِد لمن يجد ثَوْبَيْنِ كَهُوَ فِي الصَّلَاة لمن لَا يجد غَيره. وَقَالَ بَعضهم وَهَذِه الْمُلَازمَة فِي مقَام الْمَنْع للْفرق بَين الْقَادِر وَغَيره وَالسُّؤَال إِنَّمَا كَانَ عَن الْجَوَاز وَعَدَمه لَا عَن الْكَرَاهَة (قلت) أَخذ هَذَا الْقَائِل صدر الْكَلَام من كَلَام الطَّحَاوِيّ ثمَّ غمز فِيهِ وَلَو أَخذ جَمِيع كَلَامه لما كَانَ يجد إِلَى مَا قَالَه سَبِيلا
٥ - (بابٌ إذَا صَلَّى فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ فَلْيَجْعَلْ عَلَى عاتِقَيْهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ إِذا صلى الرجل إِلَى آخِره أَي: فليجعل بعضه على عَاتِقيهِ، وَفِي بعض النّسخ على عَاتِقه بِالْإِفْرَادِ، وَفِي بَعْضهَا فليجعل على عَاتِقه شَيْئا. وَفِي (الْمُخَصّص) : وَمن الْمَنْكِبَيْنِ إِلَى أصل الْعُنُق عاتقان. وَقَالَ أَبُو عبيد: هُوَ مُذَكّر وَقد أنث، وَقد قَالَ أَبُو حَاتِم: وَلَيْسَ يثبت، وَزَعَمُوا أَن هَذَا الْبَيْت مَصْنُوع، وَهُوَ:
(لَا صلح بيني فاعلموه وَلَا ... بَيْنكُم مَا حملت عَاتِقي)
وَالْجمع: عتق وعواتق، وَزَاد فِي (الْمُحكم) : وَعتق، وَعَن اللحياني: هُوَ مُذَكّر لَا غَيره، وَفِي (الموعب) : صفح الْعُنُق من مَوضِع الرِّدَاء من الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا يُقَال لَهُ: العاتق. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: روى من لَا أَثِق بِهِ التَّأْنِيث، وَسَأَلت بعض الفصحاء فَأنْكر التَّأْنِيث، وَقد أَنْشدني من لَا أَثِق بِهِ بَيْتا لَيْسَ بِمَعْرُوف وَلَا عَن ثِقَة. (لَا صلح بيني)
إِلَى آخِره. وَقَالَ ابْن التياني: قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر: العاتق يذكر وَيُؤَنث، وأنشدنا. (لَا صلح بيني) . الخ. وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْفراء مثله، وَفِي (الْجَامِع) : هُوَ مُذَكّر وَبَعض الْعَرَب يؤنث، وَأنْكرهُ بَعضهم، وَقَالَ: هَذَا لَا يعرف، وَأما يَعْقُوب بن السّكيت فَذكره مذكراً ومؤنثاً من غير تردد، وَتَبعهُ على ذَلِك جمَاعَة مِنْهُم: أَبُو نصر الْجَوْهَرِي، وَقد أنْشد ابْن عُصْفُور فِي ذكر الْأَعْضَاء الَّتِي تذكر وتؤنث:
(وهاك من الْأَعْضَاء مَا قد عددته ... يؤنث أَحْيَانًا وحينا يذكر)
(لِسَان الْفَتى والعنق والإبط والقفا ... وعاتقه والمتن والضرس يذكر)
(وَعِنْدِي ذِرَاع والكراع مَعَ المعا ... وَعجز الْفَتى ثمَّ القريض المحبر)
(كَذَا كل نحوي حكى فِي كِتَابه ... سوى سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ فيهم مكبر)
(يرى أَن تَأْنِيث الذِّرَاع هُوَ الَّذِي ... أَتَى وَهُوَ للتذكير فِي ذَاك مُنكر)
وَقَالَ صَاحب (دستور اللُّغَة) : بديع الزَّمَان: بَاب الْأَسْمَاء الخالية من عَلَامَات التَّأْنِيث، والأسماء الَّتِي اشْترك فِيهَا التَّذْكِير والتأنيث، وَهِي حُدُود مِائَتي اسْم ونيف، وعلامة الْمُشْتَرك يجمعها قَوْله نظماً:
(عين يَمِين عضد كف شكا ... ل أذن سنّ مَعًا رِجْل يَد)
(قتب ذِرَاع أصْبع نَاب عجو ... زعجز سَاق كرَاع كبد)
(وَحش جَراد رجلهَا أروى سعي ... ر زندها ذكاء طاغوت يَد)
(ذود طباع خنصر روح شبا ... خيل اتان وصف أُنْثَى الْمُفْرد)
وَذكر بعد هَذَا أحد عشر بَيْتا على قافية الْبَاء الْمُوَحدَة، وَسَبْعَة أَبْيَات أُخْرَى على قافية اللَّام.
٩٥٣٥٢ - ح دّثنا أبُو عاصِمٍ عَنْ مالِكٍ عَنْ أبي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحمْنِ الأَعْرَجِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَال قَالَ النبيُّ لَا يُصَلِّي أحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عاتِقَيْهِ شَيْءٌ. (الحَدِيث ٩٥٣ طرفه فِي: ٠٦٣) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله: قد تقدمُوا غير مرّة، وَأَبُو عَاصِم هُوَ: الضَّحَّاك بن مخلد، بِفَتْح الْمِيم: الْبَصْرِيّ الْمَشْهُور بالنبيل، وَأَبُو الزِّنَاد، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون: وَهُوَ عبد ابْن ذكْوَان. قَوْله: (لَا يُصَلِّي) بِإِثْبَات الْيَاء لِأَنَّهُ نفي، لِأَن لَا نَافِيَة، وَلَا النافية لَا تسْقط