الْمزي فِي (الْأَطْرَاف) ، وروح، بِفَتْح الرَّاء ابْن عبَادَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف الخزرجي، وَأَبُو سعيد اسْمه حَارِث أَو رَافع أَو أَوْس بن الْمُعَلَّى بِلَفْظ إسم الْمَفْعُول من التعلية بِالْمُهْمَلَةِ الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْفَاتِحَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (أعظم سُورَة) أَي فِي الثَّوَاب على قرَاءَتهَا وَذَلِكَ لما يجمع هَذِه السُّورَة من الثَّنَاء وَالدُّعَاء وَالسُّؤَال. قَوْله: (قبل أَن أخرج) ، أَي: من الْمَسْجِد، وَبِه صرح فِي الحَدِيث الَّذِي مضى فِي تَفْسِير الْفَاتِحَة. قَوْله: (فَذكرت لَهُ) ، أَي: لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ قَوْله: لأعلمنك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن، وَفِي الَّذِي مضى فِي تَفْسِير الْفَاتِحَة قلت لَهُ: ألم تقل لأعلمنك سُورَة هِيَ أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن؟ قَالَ: (الْحَمد لله رب الْعَالمين هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيتهُ) .
وَقَالَ مُعاذٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ خُبَيْبٍ سَمِعَ حفْصاً سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَجُلاً منْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهاذَا وَقَالَ هِيَ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ السَّبْعُ المَثانِي.
هَذَا تَعْلِيق رَوَاهُ معَاذ بن معَاذ الْعَنْبَري بِسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن خبيب بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الْمَاضِي عَن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب أبي سعيد بن الْمُعَلَّى، وَوَصله الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَفَائِدَة إِيرَاد هَذَا التَّعْلِيق مَا وَقع فِيهِ من تَصْرِيح سَماع حَفْص بن عَاصِم عَن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى. قَوْله: (رجلا) ، بدل من أبي سعيد. قَوْله: (بِهَذَا) ، أَي: بِهَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور. قَوْله: (وَقَالَ) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هِيَ أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن الْحَمد لله رب الْعَالمين السَّبع المثاني بدل قَوْله: (رب الْعَالمين) ، أَو عطف بَيَان وَهِي سبع آيَات وَسميت بالمثاني لِأَنَّهَا تئني فِي الصَّلَاة، والمثاني من التَّثْنِيَة وَهِي التكرير لِأَن الْفَاتِحَة تَتَكَرَّر فِي الصَّلَاة، أَو من الثَّنَاء لاشتمالها على الثَّنَاء على الله تَعَالَى.
٣ - (بابٌ: {وإذْ قالُوا اللَّهُمَّ إنْ كانَ هاذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذَابٍ ألِيمٍ} (الْأَنْفَال: ٣٢)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ} الْآيَة، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ ذكر لفظ: بَاب، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: {وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر} الْآيَة. قَوْله: (وَإِذ قَالُوا) أَي: ذكر حِين قَالُوا مَا قَالُوا، والقائلون هم كفار قُرَيْش مثل النَّضر بن الْحَارِث وَأبي جهل وإضرابهما من الْكَفَرَة الجهلة وَذَلِكَ من كَثْرَة جهلهم وعتوهم وعنادهم وَشدَّة تكذيبهم. قَوْله: (هَذَا هُوَ الْحق) أَرَادوا بِهِ الْقُرْآن، وَقيل: أَرَادو بِهِ نبوة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء) ، إِنَّمَا قَالُوا هَذَا القَوْل لشُبْهَة تمكنت فِي قُلُوبهم وَلَو عرفُوا بُطْلَانهَا مَا قَالُوا مثل هَذَا القَوْل مَعَ علمهمْ بِأَن الله قَادر على ذَلِك، فطلبوا إمطار الْحِجَارَة إعلاماً بِأَنَّهُم على غَايَة الثِّقَة فِي أَن أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ بِحَق، وَإِذا لم يكن حَقًا لم يصبهم هَذَا الْبلَاء الَّذِي طلبوه.
قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ مَا سَمَّى الله تَعَالَى مَطَراً فِي القُرْآنِ إلَاّ عذَاباً وتُسَمِّيهِ العَرَبُ الغَيْثَ وهْوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُنْزِلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قنطُوا} (الشورى: ٢٨)
أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة إِلَى آخِره، وَهَكَذَا هُوَ فِي تَفْسِيره رَوَاهُ سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي عَنهُ. قَوْله: (إِلَّا عذَابا) ، فِيهِ نظر لِأَن الْمَطَر جَاءَ فِي الْقُرْآن بِمَعْنى الْغَيْث فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر} (النِّسَاء: ١٠٢) فَالْمُرَاد بِهِ هُنَا الْمَطَر قطعا وَمعنى التأذي بِهِ البلل الْحَاصِل مِنْهُ والوحل وَغير ذَلِك. قَوْله: (وتسميه الْعَرَب) إِلَى آخِره، من كَلَام ابْن عُيَيْنَة، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْمَطَر وَاحِد الأمطار، ومطرت السَّمَاء تمطر مَطَرا، وأمطرها الله وَقد مُطِرْنَا، وناس يَقُولُونَ: مطرَت السَّمَاء وأمطرت بِمَعْنى، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا كَانَ من الْعَذَاب فَهُوَ أمْطرت، وَإِن كَانَ من الرَّحْمَة فَهُوَ ومطرت.