فِي التبخرية لدفع رَائِحَة الدَّم عَنْهَا، لما تستقبله من الصَّلَاة. وَقَالَ ابْن بطال: أُبِيح للحائض، محداً أَو غير محد عِنْد غسلهَا من الْحيض أَن تدرأ رَائِحَة الدَّم عَن نَفسهَا بالبخور بالقسد مُسْتَقْبلَة للصَّلَاة ومجالسة الْمَلَائِكَة لِئَلَّا تؤذيهم رَائِحَة الدَّم. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح مُسلم) الْمَقْصُود بِاسْتِعْمَال الْمسك إِمَّا تطييب الْمحل وَدفع الرَّائِحَة الكريهة، وَإِمَّا كَونه أسْرع إِلَى علوق الْوَلَد، أَن قُلْنَا بِالْأولِ يقوم مقَامه الْقسْط والأظفار، وشبههما. قلت: كَلَامه يدل على أَن الْأَظْفَار، بِالْهَمْز، طيب لَا مَوضِع.
السَّادِس: فِيهِ تَحْرِيم إتباع النِّسَاء الْجَنَائِز، وسنذكره مفصلا فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قالَ رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمَّ عَطِيَّةَ عَنِ النَّبيِّ لله
هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره وَرَوَاهُ، أَي: روى هِشَام الحَدِيث الْمَذْكُور، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه مَوْصُول، وَرَوَاهُ فِي كتاب الطَّلَاق مَوْصُولا من حَدِيث هِشَام الْمَذْكُور على مَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ إِمَّا تَعْلِيق من البُخَارِيّ، وَإِمَّا مقول حَمَّاد، فَيكون مُسْندًا قلت: قَوْله إِمَّا تَعْلِيق فَظَاهر. وَأما قَوْله: وَإِمَّا مقول حَمَّاد فَلَا وَجه لَهُ وَفِي نُسْخَة ذكر البُخَارِيّ حَدِيث هِشَام أَولا وَفِي بَعْضهَا ذكره آخر أَو قَالَ مُسلم فِي (صَحِيحه) حَدثنَا حسن بن الرّبيع حَدثنَا ابْن إِدْرِيس: قَالَ: حَدثنَا هِشَام عَن حَفْصَة بِهِ، وَفَائِدَته بَيَان أَن أم عَطِيَّة أسندته إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَرِيحًا، وَكَذَا هُوَ فِي (سنَن أبي دَاوُد) وَالنَّسَائِيّ ابْن مَاجَه من حَدِيث هِشَام مُسْندًا. وَقَالَ البُخَارِيّ فِي مَوضِع آخر: (توفّي ابْن لأم عَطِيَّة، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّالِث دعت بصفرة فتمسحت بِهِ، وَقَالَت: نهينَا أَن نحد أَكثر من ثَلَاث إلَاّ لزوج) وَعند الطَّبَرَانِيّ: (وأمرنا أَن لَا نلبس فِي الْإِحْدَاد الثِّيَاب المصبغة إلَاّ العصب، وأمرنا أَن لَا نمس طيبا إلَاّ أدناه للطهرة، الكست والأظفار) وَفِي لفظ: (وَلَا نختضب) وَفِي لفظ: (إلَاّ ثوبا مغسولاً) .
١٣ - (بابُ دَلْكِ المَرْأَةِ نَفْسَها أذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ المَحِيضِ وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان اسْتِحْبَاب ذَلِك الْمَرْأَة نَفسهَا إِذا تطهرت من الْمَحِيض، أَي: الْحيض. قَوْله: (وَكَيف تَغْتَسِل) عطف على قَوْله: (دلك الْمَرْأَة نَفسهَا) أَي: وَفِي بَيَان كَيفَ تَغْتَسِل الْمَرْأَة. قَوْله: (وَتَأْخُذ) عطف على قَوْله: (تَغْتَسِل) أَي: وَكَيف تَأْخُذ فرْصَة، بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَهِي الْقطعَة، يُقَال فرصت الشَّيْء فرصاً أَي: قطعته، وَقَالَ الْجَوْهَرِي هِيَ قِطْعَة قطن أَو خرقَة تمسح بهَا الْمَرْأَة من الْحيض. قَوْله: (ممسكة) بتَشْديد السِّين وَفتح الْكَاف، وَلها مَعْنيانِ: أَحدهمَا: قِطْعَة فِيهَا مسك. وَالْآخر: خرقَة مستعملة بالإمساك عَلَيْهَا، على مَا سنوضح ذَلِك عَن قريب. قَوْله: (فتتبع بهَا) أَي: بِتِلْكَ الفرصة وَفِي بعض النّسخ: (تتبعبدون الْفَاء، وَهُوَ بِلَفْظ الغائبة مضارع الْفِعْل، وَأَصله بالتاآت الثَّلَاث، فحذفت إِحْدَاهَا فَافْهَم.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة فِي كل مِنْهُمَا اسْتِعْمَال الطّيب.
٣١٤ - حدّثنا يَحْيَىَ قالَ حدّثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَةَ عَنْ أُمَّهُ عَنْ عائِشَةَ أنَّ امرَأَةَ سَأَلَتْ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ فَأَمَرها كَيْفَ تَغْتَسِلُ قالَ خُذِي فُرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتٍّ طَهَّرِي بِا قالَتْ كَيْفَ تَطَهَّرُ قالَ تَطَهَّرِي بِها قالَتْ كَيْفَ قالَ سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي فاجْتبَذْتُها إلَيَّ فقُلْتُ تَنَبَّعِي بِها أَثَرَ الدَّمَ.
ي: ٣١٥، ٧٣٥٧) [/ ح.
مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة إلَاّ فِي الدَّلْك وَكَيْفِيَّة الْغسْل صَرِيحًا، لِأَن التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على الدَّلْك أَولا، وَكَيْفِيَّة الْغسْل وَأخذ الفرصة الممسكة، والتتبع بهَا أثر الدَّم، والْحَدِيث أَيْضا مُشْتَمل على هَذِه الْأَشْيَاء مَا خلا الدَّلْك، وَكَيْفِيَّة الْغسْل، فَإِنَّهُ لَا يدل عَلَيْهَا صَرِيحًا، وَيدل على الدَّلْك بطرِيق الاستلزام، لِأَن تتبع الدَّم يسْتَلْزم الدك، وَهُوَ طَاهِر، وَأما كَيْفيَّة الْغسْل فَالْمُرَاد بهَا الصّفة المختصة لغسل الْمَحِيض، وهوالتطيب لانفس الِاغْتِسَال، وَلَئِن سلمنَا أَن المُرَاد بالكيفية نفس الْغسْل فَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute