للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: عجبا للمرء إِذا دخل الْكَعْبَة كَيفَ يرفع بَصَره قبل السّقف، يدع ذَلِك إجلالاً لله تَعَالَى، وإعظاما لما دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْكَعْبَة خلف بَصَره مَوضِع سُجُوده، حَتَّى خرج مِنْهَا. قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح على شَرطهمَا. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه: هَذَا حَدِيث مُنكر. وَفِي (التلويج) وَقد أَسف النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على دُخُولهَا. قَالَت عَائِشَة: (دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ حَزِين، فَقلت: يَا رَسُول الله! خرجت من عِنْدِي وَأَنت قرير الْعين طيب النَّفس، فَمَا بالك؟ فَقَالَ: إِنِّي دخلت الْكَعْبَة، وودت أَنِّي لم أكن فعلته إِنِّي أَخَاف أَن أكون قد أَتعبت أمتِي من بعدِي) قلت: الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ، وَالْحَاكِم وَصَححهُ، وَابْن خُزَيْمَة فِي (صَحِيحه) وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا الدُّخُول فِي حجَّته، وَلَا يُخَالف حَدِيث ابْن أبي أوفى أَنه لم يدْخل، لِأَن حَدِيثه فِي الْعمرَة على مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيثه أَنه سُئِلَ: أَدخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي عمرته الْبَيْت؟ فَقَالَ: لَا، وَإِنَّمَا لم يدْخل فِي عمرته لما كَانَ فِي الْبَيْت من الْأَصْنَام والصور، وَكَانَ إِذْ ذَاك لَا يتَمَكَّن من إِزَالَتهَا بِخِلَاف عَام الْفَتْح، وَالله أعلم.

٢٥ - (بابُ الصَّلاةِ فِي الكَعْبَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة الصَّلَاة فِي الْكَعْبَة.

٩٩٥١ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ أخبرَنَا عَبْدُ الله قَالَ أخبرنَا مُوسى بنُ عُقْبَةَ عنْ نَافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أنَّهُ كانَ إذَا دَخَلَ الْكَعْبَةِ مَشَى قِبَلَ الوَجْهِ حِينَ يَدْخُلُ ويجْعَلُ البابَ قِبَلَ الظُّهْرِ يَمْشي حَتَّى يكُونَ بَيْنَهُ وبَيْنَ الجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبا مِنْ ثَلاثِ أذْرُعٍ فيُصَلِّي يَتَوَخَّى المَكَانَ الَّذِي أخْبَرَهُ بِلالٌ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى فِيهِ ولَيْسَ عَلى أحَدٍ بأسٌ فِي أنْ يُصَلِّيَ فِي أيِّ نَوَاحِيَ البَيْتِ شاءَ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، والْحَدِيث قد مر فِي: بَاب الصَّلَاة بَين السَّوَارِي فِي كتاب الصَّلَاة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِبْرَاهِيم ابْن الْمُنْذر عَن أبي ضَمرَة عَن مُوسَى بن عقبَة، وَهنا أخرجه عَن أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُوسَى أبي الْعَبَّاس السمسار الْمروزِي، وَقد مر فِي كتاب الْوضُوء عَن عبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي. قَوْله: (قبل الْوَجْه) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، بِمَعْنى الْمُقَابل، قَوْله: (قَرِيبا) نصب على أَنه خبر، قَوْله: يكون، واسْمه مَحْذُوف تَقْدِيره: حَتَّى يكون الْمِقْدَار أَو الْمسَافَة قَرِيبا من ثَلَاثَة أَذْرع. قَوْله: (يتوخى) ، جملَة وَقعت حَالا من الضَّمِير الَّذِي فِي: فَيصَلي، وَهُوَ بتَشْديد الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي: يقْصد، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

٣٥ - (بابُ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الكَعْبَةَ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر من لم يدْخل الْكَعْبَة حِين حج، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ بِهَذَا إِلَى الرَّد على من زعم أَن دُخُول الْكَعْبَة من مَنَاسِك الْحَج، وَذكر فِي الِاحْتِجَاج فِي ذَلِك فعل ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، لِأَنَّهُ أشهر من روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دُخُول الْكَعْبَة، فَلَو كَانَ دُخُولهَا عِنْده من الْمَنَاسِك، لما أخل بِهِ مَعَ كَثْرَة أَتْبَاعه.

وكانَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يحُجُّ كَثِيرا ولَا يَدْخُلُ

وصل هَذَا الْمُعَلق سُفْيَان الثَّوْريّ فِي (جَامعه) رِوَايَة عبد الله بن الْوَلِيد الْعَدنِي عَنهُ عَن حَنْظَلَة عَن طَاوُوس، قَالَ: كَانَ ابْن عمر يحجّ كثيرا وَلَا يدْخل الْبَيْت. وَفِي (التَّلْوِيح) : هَذَا معَارض لما ذكره البُخَارِيّ قبل: (كَانَ ابْن عمر إِذا دخل الْكَعْبَة مَشى) الحَدِيث. قلت: لَا مُعَارضَة لِأَنَّهُ يحمل على وَقت دون وَقت، وروى مُسلم عَن ابْن عَبَّاس: إِنَّمَا أمرْتُم بِالطّوافِ وَلم تؤمروا بِدُخُولِهِ: أَخْبرنِي أُسَامَة أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما دخل الْبَيْت دَعَا فِي نواحيه كلهَا، وَلم يصلِّ فِيهِ حَتَّى خرج، فَلَمَّا خرج ركع فِي قبل الْبَيْت

<<  <  ج: ص:  >  >>