للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَابًّا قَوِيا فبادرت النَّاس فبدرتهم) . وَفِي رِوَايَة جوَيْرِية: (كنت أول النَّاس ولج على إثره) . وَفِي رِوَايَة ابْن عون: (فرقيت الدرجَة فَدخلت الْبَيْت) ، وَفِي رِوَايَة مُجَاهِد الَّتِي مَضَت فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى} (الْبَقَرَة: ٥٢١) . فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة عَن ابْن عمر وَأَجد بِلَالًا قَائِما بَين النَّاس، وَذكر الْأَزْرَقِيّ فِي كتاب مَكَّة أَن خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ على الْبَاب يذب عَنهُ النَّاس، وَكَأَنَّهُ جَاءَ بَعْدَمَا دخل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأغلق. قَوْله: (فَلَقِيت بِلَالًا فَسَأَلته) . وَفِي رِوَايَة مَالك عَن نَافِع الَّتِي مَضَت فِي: بَاب الصَّلَاة بَين السَّوَارِي، فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة، فَسَأَلت بِلَالًا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حِين خرج مَا صنع النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة جوَيْرِية وَيُونُس وَجُمْهُور أَصْحَاب نَافِع فَسَأَلت بِلَالًا أَيْن صلى؟ اختصروا أول السُّؤَال، وَثَبت فِي رِوَايَة سَالم الْمَذْكُور فِي حَدِيث الْبَاب حَيْثُ قَالَ: هَل صلى فِيهِ؟ قَالَ: نعم. وَكَذَا فِي رِوَايَة مُجَاهِد وَابْن أبي مليكَة عَن ابْن عمر، فَقلت: أصلى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْكَعْبَة؟ قَالَ: نعم، فَظهر أَنه استثبت أَولا: هَل صلى أم لَا؟ ثمَّ سَأَلَ عَن مَوضِع صلَاته من الْبَيْت، وَوَقع فِي رِوَايَة يُونُس عَن ابْن شهَاب عِنْد مُسلم: فَأَخْبرنِي بِلَال أَو عُثْمَان بن طَلْحَة، على الشَّك، وَالْمَحْفُوظ أَنه سَأَلَ بِلَالًا، كَمَا فِي رِوَايَة الْجُمْهُور، وَوَقع عِنْد أبي عوَانَة من طَرِيق الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن ابْن عمر: أَنه سَأَلَ بِلَالًا وَأُسَامَة بن زيد حِين خرجا: أَيْن صلى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ؟ فَقَالَا: على جِهَته، وَكَذَا أخرجه الْبَزَّار نَحوه، وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من طَرِيق أبي الشعْثَاء عَن ابْن عمر، فَقَالَ: أَخْبرنِي أُسَامَة أَنه صلى فِيهِ هَهُنَا. وَفِي رِوَايَة مُسلم وَالطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر (فَقلت: أَيْن صلى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟) فَقَالَ: فَإِن كَانَ مَحْفُوظًا حمل على أَنه ابْتَدَأَ بِلَالًا بالسؤال، كَمَا تقدم تَفْصِيله، ثمَّ أَرَادَ زِيَادَة الاستثباب فِي مَكَان الصَّلَاة، فَسَأَلَ عُثْمَان أَيْضا وَأُسَامَة. فَإِن قلت: كَيفَ هَذَا وَقد أخرج مُسلم من حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أَن أُسَامَة بن زيد أخبرهُ أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يصل فِيهِ، وَلكنه كبَّر فِي نواحيه؟ قلت: وَجه الْجمع بَينهمَا أَن أُسَامَة حَيْثُ أثبتها اعْتمد فِي ذَلِك على غَيره، وَحَيْثُ نفاها أَرَادَ مَا فِي علمه لكَونه لم يرَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين صلى، وَجَوَاب آخر أَنه يحْتَمل أَن يكون أُسَامَة غَابَ عَنهُ بعد دُخُوله لحَاجَة، فَلم يشْهد صلَاته، وَبِه أجَاب الْمُحب الطَّبَرِيّ، وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر من حَدِيث أُسَامَة أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، رأى صورا فِي الْكَعْبَة، فَكنت آتيه بِمَاء فِي الدَّلْو يضْرب بِهِ الصُّور، فقد أخبر أُسَامَة أَنه كَانَ يخرج لنقل المَاء، وَكَانَ ذَلِك كُله يَوْم الْفَتْح، وَقَالَ ابْن حبَان الْأَشْبَه عِنْدِي أَن يحمل الخبران على دخولين متغايرين: أَحدهمَا يَوْم الْفَتْح وَصلى فِيهِ، وَالْآخر: فِي حجَّة الْوَدَاع وَلم يصلِّ فِيهِ) من غير أَن يكون بَينهمَا تضَاد، وَمِمَّا يرجح بِهِ إِثْبَات صلَاته، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الْبَيْت على من نفاها كَثْرَة الروَاة لَهَا، فَالَّذِينَ أثبتوها بِلَال وَعمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن طَلْحَة وَشَيْبَة بن عُثْمَان، وَالَّذين نفوها أُسَامَة وَالْفضل بن عَبَّاس وَعبد الله بن الْعَبَّاس، وَأما الْفضل فَلَيْسَ فِي الصَّحِيح أَنه دخل مَعَهم، وَأما ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ أخبر عَن أَخِيه الْفضل وَلم يدْخل مَعَ النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْبَيْت. وَمن الْأَجْوِبَة أَن الْقَاعِدَة تَقْدِيم الْمُثبت على النَّافِي. قَوْله: (بَين العمودين اليمانيين) ، وَفِي رِوَايَة جوَيْرِية: (بَين العمودين المقدمين) ، وَفِي رِوَايَة مَالك عَن نَافِع: (جعل عمودا عَن يَمِينه وعمودا عَن يسَاره) . وَوَقع فِي رِوَايَة فليح الْآتِيَة فِي الْمَغَازِي: (بَين ذَيْنك العمودين المقدمين) ، وَكَانَ الْبَيْت على سِتَّة أعمدة، شطرين صلى بَين العمودين من الشّطْر الْمُقدم وَجعل بَاب الْبَيْت خلف ظَهره، وَقَالَ فِي آخر رِوَايَته: (وَعند الْمَكَان الَّذِي صلى فِيهِ مرمرة حَمْرَاء) ، وكل هَذَا إِخْبَار عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْبَيْت قبل أَن يهدم، ويبنى فِي زمن ابْن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، قَوْله: (اليمانيين) ، بتَخْفِيف الْيَاء لأَنهم جعلُوا الْألف بدل إِحْدَى ياءي النِّسْبَة، وَجوز سِيبَوَيْهٍ التَّشْدِيد.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: مَشْرُوعِيَّة الدُّخُول الْبَيْت بِدَلِيل دُخُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن مَعَه، ومشروعية الصَّلَاة فِيهِ، وَفِي (شرح الْمُهَذّب) : يسْتَحبّ دُخُول الْكَعْبَة وَالصَّلَاة فِيهَا، وَأَقل مَا يصلى رَكْعَتَيْنِ، زَاد فِي الْمَنَاسِك: جَافيا، وروى الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من دخل الْبَيْت دخل فِي حَسَنَة وَخرج من سَيِّئَة مغفورا لَهُ) . وَفِي سَنَده عبد الله بن المؤمل وَفِيه مقَال، وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي (مُصَنفه) وَجعله من قَول مُجَاهِد، وَحكى الْقُرْطُبِيّ عَن بعض الْعلمَاء أَن دُخُول الْبَيْت من مَنَاسِك الْحَج، ورده بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا دخله عَام الْفَتْح وَلم يكن حِينَئِذٍ محرما، يسْتَحبّ للداخل أَن لَا يرفع بَصَره إِلَى السّقف

<<  <  ج: ص:  >  >>