للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحيض فَإِذا أَصَابَهُ شَيْء من دم بلته بريقها فمصعته بريقها.

ذكر مَا فِيهِ من الْمَعْنى وَالْحكم قَوْلهَا: (لإحدانا) أَي: من زَوْجَات النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ الْكرْمَانِي: (فَإِن قلت:) هَذَا النَّفْي لَا يلْزم أَن يكون عَاما لكلهن لصدقه بِانْتِفَاء الثَّوْب الْوَاحِد مِنْهُنَّ. قلت: هُوَ عَام، إِذْ صدقه بِانْتِفَاء الثَّوْب لكلهن وإلَاّ لَكَانَ لإحداهن الثَّوْب فَيلْزم الْخلف، ثمَّ لفظ الْمُفْرد الْمُضَاف من صِيغ الْعُمُوم على الْأَصَح. قَوْله: (تحيض فِيهِ) جمَاعَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا صفة لثوب. قَوْلهَا: (قَالَت بريقها) يَعْنِي: صبَّتْ عَلَيْهِ من رِيقهَا، وَقد ذكرتا أَن القَوْل يسْتَعْمل فِي غير مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ بِحَسب مَا يَقْتَضِيهِ الْمقَام أَو الْمَعْنى: بلته بريقها كَمَا صرح بِهِ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد. قَوْلهَا: (فمصعته بظفرها) يَعْنِي فركته، ومادته مِيم وصاد وَعين مهملتان وَفِي رِوَايَة: (فقصعته) بِالْقَافِ وَالصَّاد وَالْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد، وَمعنى: قصعته دلكته بِهِ وَمعنى قصع القملة، إِذا شدخها بَين حأظفاره وَأما قصع الرّطبَة فَهُوَ بِالْفَاءِ، وَهُوَ أَن يَأْخُذهَا بإصبعه فيغمزها أدنى غمز فَتخرج الرّطبَة خَالِصَة قشرها وَقَالَ ابْن الْأَثِير قصعته أَي: دلكته بظفرها، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا فِي الدَّم الْيَسِير الَّذِي يكون معفواً عَنهُ وَأما فِي الْكثير مِنْهُ، فصح عَنْهَا أَنَّهَا كَانَت تغسله. قلت: هم لَا يرَوْنَ بِأَن الْيَسِير من النَّجَاسَات عَفْو، وَلَا يُعْفَى عِنْدهم مِنْهَا عَن شَيْء سَوَاء كَانَ قَلِيلا أَو كثيرا، وَهَذَا لَا يمشي إلَاّ على مَذْهَب أبي حنيفَة، فَإِن الْيَسِير عِنْده عَفْو، وَهُوَ مَا دون الدِّرْهَم، فَحِينَئِذٍ الحَدِيث حجَّة عَلَيْهِم حَيْثُ اختصوا فِي إِزَالَة النَّجَاسَة بِالْمَاءِ، لَا يُقَال: إِن هَذَا الحَدِيث معَارض بِحَدِيث أم سَلمَة لِأَن فِيهِ: (فَأخذت ثِيَاب حيضتي) ، وَهُوَ يدل على تعدد الثَّوْب لِإِمْكَان كَون عدم التَّعَدُّد فِيهِ فِي بَدْء الْإِسْلَام، فَإِنَّهُم كَانُوا حِينَئِذٍ فِي شدَّة وَقلة، وَلما فتح الله الْفتُوح واتسعت أَحْوَالهم اتَّخذت النِّسَاء ثيابًا للْحيض سوى ثِيَاب لبساهن، فَأخْبرت أم سَلمَة عَنهُ.

مِمَّا يستنبط مِنْهُ جَوَاز إِزَالَة النَّجَاسَة بِغَيْر المَاء فَإِن الدَّم نجس وَهُوَ إِجْمَاع الْمُسلمين وَإِن إِزَالَة النَّجَاسَة لَا يشْتَرط فِيهَا الْعدَد بل المُرَاد الاتقاء.

١٢ - (بابُ الَطِّيبِ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ غَسْلِهَا مِنَ الحَيْضِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان إِبَاحَة الطّيب للْمَرْأَة عِنْد غسلهَا من الْحيض، وَفِي بعض النّسخ من الْمَحِيض.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن فِي الْبَاب الأول إِزَالَة الدَّم من الثَّوْب، وَهِي التَّنْظِيف والانقاء، وَفِي هَذَا الْبَاب، التَّطَيُّب، وَهُوَ زِيَادَة التَّنْظِيف.

٣١٣ - حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبُدِ الوَهَّابِ قالَ حدّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أيُّوبَ عَنْ حَفْصَةَ قالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ أوْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمَ عَطِيَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ كُنَّا نُنْهَى أنْ نُحِدَّ علَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إلَاّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً وَلَا نَكْتَحِلَ وَلا نَتَطَيَّبَ وَلَا نَلْبَسَ ثَوْباً مَصْبُوغاً إلَاّ ثَوْبَ عَصْبٍ وَقَدْ رُخِّصَ لَنَا عِنْدَ الطَّهْرِ إذَا اغْتَسَلَتْ إحْدانَا مِنْ مَحِيضِها فِي نُبْذةٍ مِنْ كُسْتٍ أظْفَارِ وَكُنَّا نُنْهَى عَنُ اتِّباعِ الجَنَائِزِ. .

مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَقد رخص لناعند الطُّهْر) إِلَى آخِره. وَفِيه من التَّأْكِيد حَتَّى إِنَّه رخص للمحد الَّتِي حرم عَلَيْهَا اسْتِعْمَال الطّيب.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: عبد الله بن عبد الْوَهَّاب الحَجبي أَبُو مُحَمَّد الْبَصْرِيّ. الثَّانِي: حَمَّاد بن زيد، تقدم غير مرّة. الثَّالِث: أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ. الرَّابِع: حَفْصَة بنت سِيرِين الْأنْصَارِيّ أم الْهُذيْل. الْخَامِس: أم عَطِيَّة من فاضلات الصَّحَابَة، كَانَت تمرض المرضى وتداوي الْجَرْحى وتغسل الْمَوْتَى، وَاسْمهَا نسيبة بنت الْحَارِث. وَقيل: بنت كَعْب الغاسلة.

بَين لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته الْأَرْبَعَة بصريون. وَفِيه: فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وكريمة. قَالَ: حَدثنَا حما بن زيد عَن أَيُّوب، قَالَ: أَبُو عبد الله أَو هِشَام بن حسان عَن حَفْصَة وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، فَكَأَنَّهُ شكّ فِي شيخ حَمَّاد، وَهُوَ أَيُّوب أَو هِشَام، وَلَيْسَ ذَلِك عِنْد بَقِيَّة الروَاة، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>