للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التقاضي، وَعَن أبي نعيم عَن سُفْيَان عَن سَلمَة ... إِلَى آخِره فِي: بَاب حسن الْقَضَاء.

٤١ - (بابٌ إذَا وجَدَ مالَهُ عِنْدَ مُفْلِسٍ فِي البَيْعِ والقَرْضِ والوَدِيعَةِ فَهْوَ أحَقُّ بِهِ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: إِذا وجد شخص مَالا عِنْد مُفلس، وَهُوَ الَّذِي حكم الْحَاكِم بإفلاسه. قَوْله: (فِي البيع) ، يتَعَلَّق بقوله: وجد صورته: أَن يَبِيع رجل مَتَاعا لرجل ثمَّ أفلس الرجل الَّذِي اشْتَرَاهُ، وَوجد البَائِع مَتَاعه الَّذِي بَاعه عِنْده، فَهُوَ أَحَق بِهِ من غَيره من الْغُرَمَاء، وَفِيه خلاف نذكرهُ عَن قريب. قَوْله: (وَالْقَرْض) ، صورته أَن يقْرض لرجل مِمَّا يَصح فِيهِ الْقَرْض، ثمَّ أفلس الْمُسْتَقْرض، فَوجدَ الْمقْرض مَا أقْرضهُ عِنْده فَهُوَ أَحَق بِهِ من غَيره، وَفِيه الْخلاف أَيْضا. قَوْله: (والوديعة) ، صورته أَن يودع رجل عِنْد رجل وَدِيعَة ثمَّ أفلس المودَع فالمودِع بِكَسْر الدَّال أَحَق بِهِ من غَيره بِلَا خلاف. وَقيل: إِدْخَال البُخَارِيّ الْقَرْض والوديعة مَعَ الدّين إِمَّا لِأَن الحَدِيث مُطلق، وَإِمَّا أَنه وَارِد فِي البيع، وَالْحكم فِي الْقَرْض والوديعة أولى. أما الْوَدِيعَة فَملك رَبهَا لم ينْتَقل، وَأما الْقَرْض فانتقال ملكه عَنهُ مَعْرُوف، وَهُوَ أَضْعَف من تمْلِيك الْمُعَاوضَة، فَإِذا أبطل التَّفْلِيس ملك الْمُعَاوضَة الْقوي بِشَرْطِهِ فالضعيف أولى. قلت: قَوْله: وَالْحكم فِي الْقَرْض والوديعة أولى، غير مسلَّم فِي الْقَرْض، لِأَنَّهُ انْتقل من ملك المقرِض وَدخل فِي ملك الْمُسْتَقْرض، فَكيف يكون الْمقْرض أولى من غَيره، وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ ملك؟ واعترف هَذَا الْقَائِل أَيْضا أَن الْقَرْض انْتقل من ملك الْمقْرض. قَوْله: (فَهُوَ أَحَق بِهِ) ، جَوَاب: إِذا، الَّتِي تَضَمَّنت معنى الشَّرْط، فَلذَلِك دخلت الْفَاء فِي جوابها، وَالضَّمِير فِي: بِهِ، يرجع إِلَى قَوْله: مَاله، يَعْنِي: أَحَق بِهِ من غَيره، من غُرَمَاء الْمُفلس.

وَقَالَ الحسَنُ إذَا أفْلعسَ وتبَيَّنَ لَمْ يَجُزّ عِتْقُهُ ولَا بَيْعُهُ ولَا شِرَاؤهُ

الْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ. قَوْله: (إِذا أفلس) ، أَي: رجل أَو شخص، فالقرينة تدل عَلَيْهِ. قَوْله: (وَتبين) ، أَي: ظهر إفلاسه عِنْد الْحَاكِم، فَلَا يجوز عتقه إِلَى آخِره، وَقيد بِهِ لِأَنَّهُ مَا لم يتَبَيَّن إفلاسه عِنْد الْحَاكِم يجوز تصرفه فِي الْأَشْيَاء كلهَا، وَأما عِنْد التبين فَفِيهِ خلاف، فَعِنْدَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: بيع الْمَحْجُور وابتياعه جَائِز، وَعند أَكثر الْعلمَاء: لَا يجوز إلَاّ إِذا وَقع مِنْهُ البيع لوفاء الدّين، وَعند الْبَعْض يُوقف، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي فِي قَول: وَاخْتلفُوا فِي إِقْرَاره، فالجمهور على قبُوله.

وَقَالَ سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ قَضاى عُثْمَانُ مَنِ اقْتَضَى مِنْ حَقِّهِ قَبْلَ أنْ يُفْلِسَ فَهْوَ لَهُ ومَنْ عَرَفَ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهْوَ أحَقُّ بِهِ

عُثْمَان هُوَ ابْن عَفَّان. قَوْله: (من اقْتضى من حَقه) ، مَعْنَاهُ: أَن من كَانَ لَهُ حق عِنْد أحد فَأَخذه قبل أَن يفلسه الْحَاكِم فَهُوَ لَهُ لَا يتَعَرَّض إِلَيْهِ أحد من غُرَمَائه خَاصَّة، بل كل من أثبت عَلَيْهِ حَقًا يُطَالِبهُ بِخِلَاف مَا إِذا عرف أحد مَتَاعه بِعَيْنِه أَنه عِنْده فَإِنَّهُ أَحَق بِهِ من غَيره من سَائِر الْغُرَمَاء، وَبِه أَخذ الشَّافِعِي وَمَالك وَأحمد على مَا يَجِيء بَيَانه، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو عبيد فِي كتاب الْأَمْوَال عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن سعيد بن الْمسيب، قَالَ: أفلس مولى لأم حَبِيبَة فاختصم فِيهِ إِلَى عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقضى أَن من كَانَ اقْتضى من حَقه شَيْئا قبل أَن يتَبَيَّن إفلاسه فَهُوَ لَهُ، وَمن عرف مَتَاعه بِعَيْنِه فَهُوَ لَهُ.

٢٠٤٢ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يونُسَ قَالَ حدَّثنا زُهَيْرٌ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى ابنُ سَعِيدٍ قَالَ أخبرَني أَبُو بَكْرِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حزْمٍ أنَّ عُمر بنَ عَبْدِ العَزِيزِ أخْبَرَهُ أنَّ أبَا بَكْرِ بنَ عَبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ الحَرث بنِ هِشامٍ قَالَ أخبرهُ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يقولُ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوْ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقولُ مَنْ أدْرَكَ مالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ أوْ إنْسَانٍ قَدْ أفْلَسَ فَهْوَ أحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة لَا تطابق إلَاّ بقوله فِي البيع، لِأَن أَحَادِيث هَذَا الْبَاب تدل على أَن حَدِيث الْبَاب وَارِد فِي البيع. مِنْهُم:

<<  <  ج: ص:  >  >>