مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن عَن حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الرجل الَّذِي يعْدم إِذا وجد عِنْده الْمَتَاع لم يعرفهُ أَنه لصَاحبه الَّذِي بَاعه. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان من رِوَايَة يحيى بن سعيد بِإِسْنَاد حَدِيث الْبَاب بِلَفْظ: (إِذا ابْتَاعَ الرجل سلْعَة ثمَّ أفلس وَهِي عِنْده بِعَينهَا فَهُوَ أَحَق بهَا من الْغُرَمَاء) . وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن حبَان من طَرِيق هِشَام بن يحيى المَخْزُومِي عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (إِذا أفلس الرجل فَوجدَ البَائِع سلْعَته) وَالْبَاقِي مثله. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ مَالك عَن ابْن شهَاب عَن أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث مُرْسلا: (أَيّمَا رجل بَاعَ سلْعَة فأفلس الَّذِي ابتاعه وَلم يقبض البَائِع من ثمنه شَيْئا، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِه فَهُوَ أَحَق بِهِ) . قيل: يلْتَحق بِهِ الْقَرْض والوديعة. قلت: قد ردينا هَذَا عَن قريب بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة.
ذكر رِجَاله وهم سَبْعَة: الأول: أَحْمد بن يُونُس، هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي. الثَّانِي: زُهَيْر مصغر الزهر بن مُعَاوِيَة الْجعْفِيّ، مر فِي الْوضُوء. الثَّالِث: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. الرَّابِع: أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الزَّاي، مر فِي الْوَحْي. الْخَامِس: عمر بن عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان الْخَلِيفَة الْعَادِل الْقرشِي الْأمَوِي. السَّادِس: أَبُو بكر ابْن عبد الرَّحْمَن الَّذِي يُقَال لَهُ: رَاهِب قُرَيْش لِكَثْرَة صلَاته. السَّابِع: أَبُو هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: السماع فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي موضِعين. وَفِيه: أَن شَيْخه مَذْكُور بنسبته إِلَى جده وَأَنه وزهيراً كوفيان والبقية مدنيون. وَفِيه: أَرْبَعَة من التَّابِعين يحيى وَثَلَاثَة بعده. وَفِيه: أَن يحيى وَمن بعده كلهم ولوا الْقَضَاء على الْمَدِينَة. وَفِيه: أَن يحيى وَأَبا بكر بن مُحَمَّد وَعمر بن عبد الْعَزِيز من طبقَة وَاحِدَة. وَفِيه: شكّ أحد الروَاة بَين قَوْله: قَالَ رَسُول الله، وَقَوله: سَمِعت رَسُول الله، قَالَ بَعضهم: أَظُنهُ من زُهَيْر. قلت: الظَّن لَا يجدي شَيْئا، لِأَن الِاحْتِمَال فِي غَيره قَائِم.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الْبيُوع عَن أَحْمد بن يُونُس بِهِ وَعَن يحيى بن يحيى وَعَن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن رمح وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي وَيحيى بن حبيب وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَعَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن ابْن أبي عمر وَعَن ابْن أبي حُسَيْن. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن النُّفَيْلِي وَعَن مُحَمَّد بن عَوْف وَعَن القعْنبِي عَن مَالك وَعَن سُلَيْمَان بن دَاوُد. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن قُتَيْبَة بِهِ وَعَن عبد الرَّحْمَن بن خَالِد وَإِبْرَاهِيم بن الْحسن، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْأَحْكَام عَن أبي بكر بن أبي شيبَة بِهِ وَعَن مُحَمَّد بن رمح بِهِ وَعَن هِشَام بن عمار.
ذكر حكم هَذَا الحَدِيث فِي الِاحْتِجَاج بِهِ: احْتج بِهِ عَطاء بن أبي رَبَاح وَعُرْوَة بن الزبير وطاووس وَالشعْبِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ وَعبيد الله بن الْحسن وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَدَاوُد، فَإِنَّهُم ذَهَبُوا إِلَى ظَاهر هَذَا الحَدِيث وَقَالُوا: إِذا أفلس الرجل وَعِنْده مَتَاع قد اشْتَرَاهُ وَهُوَ قَائِم بِعَيْنِه فَإِن صَاحبه أَحَق بِهِ من غَيره من الْغُرَمَاء. وَقَالَ أَبُو عمر: أجمع فُقَهَاء الْحجاز وَأهل الْأَثر على القَوْل بجملته، أَي بجملة الحَدِيث الْمَذْكُور، وَإِن اخْتلفُوا فِي أَشْيَاء من فروعه. ثمَّ قَالَ: وَاخْتلف مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْمُفلس يَأْبَى غرماؤه دفع السّلْعَة إِلَى صَاحبهَا، وَقد وجدهَا بِعَينهَا، ويريدون دفع الثّمن إِلَيْهِ من قبل أنفسهم كَمَا لَهُم فِي قبض السّلْعَة من الْفضل، فَقَالَ مَالك: لَهُم ذَلِك وَلَيْسَ لصَاحِبهَا أَخذهَا إِذا دفع إِلَيْهِ الْغُرَمَاء الثّمن. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَيْسَ للْغُرَمَاء فِي هَذَا مقَال. قَالَ: وَإِذا لم يكن للْمُفلس وَلَا لوَرثَته أَخذ السّلْعَة فالغرماء أبعد من ذَلِك، وَإِنَّمَا الْخِيَار لصَاحب السّلْعَة إِن شَاءَ أَخذهَا وَإِن شَاءَ تَركهَا، وَضرب مَعَ الْغُرَمَاء لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جعل صَاحبهَا أَحَق بهَا مِنْهَا، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر وَأحمد وَجَمَاعَة، وَاخْتلف مَالك وَالشَّافِعِيّ أَيْضا إِذا اقْتضى صَاحب السّلْعَة من ثمنهَا شَيْئا. فَقَالَ ابْن وهب وَغَيره عَن مَالك: إِن أحب صَاحب السّلْعَة أَن يرد مَا قبض من لثمن وَيقبض سلْعَته كَانَ ذَلِك لَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَو كَانَت السّلْعَة عبدا فَأخذ نصف ثمنه ثمَّ أفلس الْغَرِيم كَانَ لَهُ نصف العَبْد لِأَنَّهُ بِعَيْنِه، وَيبِيع النّصْف الثَّانِي الَّذِي بَقِي للْغُرَمَاء وَلَا يرد شَيْئا مِمَّا أَخذ، لِأَنَّهُ مستوفٍ لما أَخذ، وَبِه قَالَ أَحْمد. وَاخْتلف مَالك وَالشَّافِعِيّ فِي الْمُفلس يَمُوت قبل الحكم عَلَيْهِ وَقبل توقيفه، فَقَالَ مَالك: لَيْسَ حكم الْمُفلس كَحكم الْمَيِّت، وبائع السّلْعَة إِذا وجدهَا