للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْأَشْرَف وَهِي: {اذْكروا نعْمَة الله عَلَيْكُم} (الْمَائِدَة: ٧) وَذكر أَبُو عُبَيْدَة عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ. قَالَ: نزلت سُورَة الْمَائِدَة على سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع فِيمَا بَين مَكَّة وَالْمَدينَة وَهُوَ على نَاقَته، فابتدر ركبتها فَنزل عَنْهَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ السخاوي: ذهب جمَاعَة إِلَى أَن الْمَائِدَة لَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَة النُّزُول، وَقَالَ آخَرُونَ: فِيهَا من الْمَنْسُوخ عشرَة مَوَاضِع. وَقَالَ النّحاس: قَالَ بَعضهم: فِيهَا آيَة وَاحِدَة مَنْسُوخَة ذكرهَا الشّعبِيّ، ثمَّ ذكر سِتَّة أُخْرَى لتكملة سبع آيَات، وَهِي: أحد عشر ألفا وَسَبْعمائة وَثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ حرفا وَأَلْفَانِ وَثَمَانمِائَة كلمة، وَأَرْبع كَلِمَات، وَمِائَة وَعِشْرُونَ آيَة. كُوفِي وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ مدنِي وشامي ومكي، وَعِشْرُونَ وَثَلَاث بَصرِي.

١ - (بابٌ: {حُرُمٌ وَاحِدُها حَرَامٌ} )

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله فِي أول السُّورَة: {غير محلى الصَّيْد وَأَنْتُم حرم} (الْمَائِدَة: ١) ثمَّ ذكر أَن وَاحِد حرم حرَام، وَمعنى: وَأَنْتُم حرم. وَأَنْتُم محرمون، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يَعْنِي: حرَام محرم، وَقَرَأَ الْجُمْهُور بصنم أَيْضا الرَّاء، وَقَرَأَ يحيى بن وثاب: حرم، بِإِسْكَان الرَّاء وَهِي لُغَة: كرسل ورسل.

(بابُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} (الْمَائِدَة: ١٣)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {فبمَا نقضهم} وَفِي بعض النّسخ: بَاب فِيمَا نقضهم، وَلَيْسَ لفظ بَاب فِي كثير من النّسخ، وَهُوَ الظَّاهِر لِأَنَّهُ لم يرو عَن أحد هُنَا لفظ: بَاب.

فَبِنَقْضِهِمْ

هَذَا تَفْسِير قَوْله: {فبمَا نقضهم} وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن كلمة مَا زَائِدَة، رُوِيَ كَذَا عَن قَتَادَة رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن أَحْمد، حَدثنَا يزِيد عَن سعيد عَن قَتَادَة، وَقَالَ الزّجاج: مَا لغووا الْمَعْنى: فبنقضهم ميثاقهم، وَمعنى: مَا الملغاة فِي الْعَمَل توكيد الْقِصَّة، وَعَن الْكسَائي: مَا صلَة كَقَوْلِه {عَمَّا قَلِيل} (الْمُؤْمِنُونَ: ٤٠) وَكَقَوْلِه: {فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم} (النِّسَاء: ١٢) وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: إِنَّمَا دخلت فِيهِ مَا للمصدر وَكَذَلِكَ كل ماأشبهه. قلت: أول هَذِه الْكَلِمَة الْآيَة الطَّوِيلَة الَّتِي هِيَ: {وَلَقَد أَخذ الله مِيثَاق بني إِسْرَائِيل} الْآيَة وَبعدهَا {فبمَا نقضهم ميثاقهم لعناهم وَجَعَلنَا قُلُوبهم قاسية} إِلَى قَوْله: {إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ} وَلَقَد أخبر الله تَعَالَى عَمَّا أحل بالذين نقضوا الْمِيثَاق بعد عقده وتوكيده وشده من الْعقُوبَة. بقوله: {فبمَا نقضهم} أَي: بِسَبَب نقضهم ميثاقهم لعناهم أَي: بعدناهم عَن الْحق وطردناهم عَن الْهدى وَجَعَلنَا قُلُوبهم قاسية، أَي: لَا تنْتَفع بموعظة لغلظها وقساوتها.

الَّتِي كَتَبَ الله جَعَلَ الله

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ادخُلُوا الأَرْض المقدسة الَّتِي كتب الله لكم} (الْمَائِدَة: ٢١) وَفَسرهُ بقوله: جعل الله وَعَن ابْن إِسْحَاق. كتب لكم، أَي: وهب لكم أخرجه الطَّبَرِيّ وَأخرج غَيره من طَرِيق السّديّ أَن مَعْنَاهُ أَمر، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: معنى كتب الله: قسمهَا وسماها، أَو خطّ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَنَّهَا لكم، وَالْأَرْض المقدسة بَيت الْمُقَدّس أَو أرِيحَا أَو فلسطين أَو دمشق أَو الشَّام، وَكَانَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، صعد جبل لبنان فَقيل لَهُ انْظُر فَمَا أدْركهُ بَصرك فَهُوَ مقدس وميراث لذريتك من بعْدك.

تَبُوءُ تَحْمِلُ

أَشَارَ بِهِ فِي قصَّة قابيل بن آدم إِلَى قَول هابيل يَقُول، لقابيل: {إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي وأثمك} (الْمَائِدَة: ٢٩) تحمل. ثمَّ فسر: تبوء، بقوله: تحمل، هَكَذَا فسره مُجَاهِد رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن مُوسَى: حَدثنَا أَبُو بكر حَدثنَا شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ وَعَن ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَمُجاهد. أَي: قَتْلَى وإثمك الَّذِي عملته قبل ذَلِك، وَقَالَ ابْن جرير: قَالَ آخَرُونَ: معنى ذَلِك، إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي، أَي: بخطيئتي فَتحمل أَوزَارهَا وإثمك فِي قَتلك إيَّايَ، وَقَالَ هَذَا قَول وجدته عَن مُجَاهِد وأخشى أَن يكون غَلطا لِأَن الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَنهُ خلاف هَذَا يَعْنِي: مَا رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد إِنِّي أُرِيد أَن تبوء بإثمي. قَالَ: بقتلك إيَّايَ وإثمك. قَالَ: بِمَا كَانَ قبل ذَلِك؟ قلت: هَذَا هُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَنهُ مَعَ ابْن عَبَّاس الَّذِي نَص عَلَيْهَا بِالصِّحَّةِ فَإِن قلت: قد روى مَا ترك الْقَاتِل

<<  <  ج: ص:  >  >>