للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التَّرْجَمَة قبل بَابَيْنِ، فَلَعَلَّ تَأْخِيرهَا من تصرف النقلَة. قلت: ذكر هَذِه التَّرْجَمَة فِي ذَلِك الْموضع لَيْسَ بِأَمْر مُهِمّ فَلَا يحْتَاج نسبه ذَلِك إِلَى تصرف النقلَة، ثمَّ قَالَ قَائِل هَذَا القَوْل: وَيُؤَيّد ذَلِك أَنَّهُمَا أَي: أَن الْبَابَيْنِ الْمَذْكُورين قبل هَذَا الْبَاب سقطا جَمِيعًا للنسفي، وَثبتت عِنْده تَرْجَمَة: إِذا أحرق الْمُشرك، تلو تَرْجَمَة: لَا يعذب بِعَذَاب الله. قلت: لَا يلْزم من سُقُوط هذَيْن الْبَابَيْنِ عِنْده تأييد مَا ذكره، لِأَن السَّاقِط مَعْدُوم والمعدوم لَا يُؤَيّد وَلَا يُؤَكد.

٨١٠٣ - حدَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ قَالَ حدَّثنا وُهَيْبٌ عنْ أيُّوبَ عنْ أبِي قِلابَةَ عنْ أنَس بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رهْطاً مِنْ عُكْلٍ ثَمانِيَةً قَدِمُوا علَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاجْتَوَوُا المَدِينَةَ فَقَالُوا يَا رسولَ الله ابْغِنا رِسْلاً قَالَ مَا أجِدُ لَكُمْ إلَاّ أنْ تَلْحَقُوا بالذَّوْدِ فانْطَلَقُوا فشَرِبُوا مِنْ أبْوَالِهَا وألْبَانِها حتَّى صَحُّوا وسَمِنُوا وقتَلُوا الرَّاعِيَ واسْتَاقُوا الذَّوْدَ وكَفَرُوا بَعْدَ إسْلَامِهِمْ فأتَى الصَّرِيخُ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبَعَثَ الطَّلَبَ فَما تَرَجَّلَ النَّهَارُ حتَّى أُتِيَ بِهِمْ فَقَطَّعَ أيْدِيَهُمْ وأرْجُلَهُمْ ثُمَّ أمَرَ بِمَسامِيرَ فأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِها وطَرَحَهُمْ بالحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَما يُسْقَوْنَ حتَّى ماتُوا. قَالَ أَبُو قِلابَة قَتَلُوا وسَرَقُو وحارَبُوا الله ورَسُولَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وسَعَوْا فِي الأرْضِ فَسادَاً..

قيل: لَيْسَ فِيهِ مُطَابقَة للتَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَن هَذَا الرَّهْط من عكل فعلوا ذَلِك براعي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأجَاب الْكرْمَانِي: بِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فعل بهم مثل مَا فعلوا بالراعي من سمل الْعين وَنَحْوه، ويؤول: لَا تعذبوا بِعَذَاب الله، بِمَا إِذا لم يكن فِي مُقَابلَة فعل الْجَانِي، فالحديثان لموْضِع النَّهْي وَالْجَزَاء. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : وَقد يخرج معنى التَّرْجَمَة من هَذَا الحَدِيث بِالدَّلِيلِ، وَلَو لم يَصح سمل العرنيين للرعاء، وَذَلِكَ أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما سمل أَعينهم، والسمل التحريق بالنَّار، وَاسْتدلَّ مِنْهُ البُخَارِيّ أَنه لما جَازَ تحريق أَعينهم بالنَّار، وَلَو كَانُوا لم يحرقوا أعين الرعاء، أَنه أولى بِالْجَوَازِ فِي تحريق الْمُشرك إِذا أحرق الْمُسلم. قلت: الْأَوْجه مَا قَالَه الْكرْمَانِي: بِأَنَّهُ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فعل بهم مثل مَا فعلوا بالراعي من سمل الْعين، وَقد ثَبت ذَلِك فِيمَا رَوَاهُ مُسلم من وَجه آخر عَن أنس، قَالَ: إِنَّمَا سمل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أعين العرنيين لأَنهم سملوا أعين الرعاء، وَلَو اطلع صَاحب (التَّوْضِيح) : على هَذَا لما قَالَ: لم يَصح سمل العرنيين للرعاء.

قَوْله: (مُعلى) ، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد اللَّام الْمَفْتُوحَة: ابْن أَسد، كَذَا ثَبت مَنْسُوبا فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَغَيره، ووهيب بِضَم الْوَاو وَفتح الْهَاء: هُوَ ابْن خَالِد، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة، بِكَسْر الْقَاف: عبد الله بن زيد الْجرْمِي.

والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْوضُوء فِي: بَاب أَبْوَال الْإِبِل وَالدَّوَاب، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (عكل) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْكَاف: قَبيلَة مَعْرُوفَة. قَوْله: (ثَمَانِيَة) ، بِالنّصب، بدل من رهطاً، أَو بَيَان لَهُ. قَوْله: (فاجتووا) من الاجتواء، وَهُوَ كَرَاهَة الْإِقَامَة. قَوْله: (ابغنا) أَي: أعنا، مُشْتَقّ من الإبغاء يُقَال: أبغيتك الشَّيْء إِذا أعنتك على طلبه. قَوْله: (رسلًا) ، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة: وَهُوَ الدّرّ من اللَّبن. قَوْله: (بالذود) ، بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة: وَهُوَ من الْإِبِل مَا بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْرَة، قَوْله: (الصَّرِيخ) هُوَ صَوت المستغيث أَو الصَّارِخ. قَوْله: (فَبعث الطّلب) بِفَتْح اللَّام جمع طَالب. . قَوْله: (فَمَا ترجل النَّهَار) ، أَي: مَا ارْتَفع النَّهَار. (حَتَّى أُتِي بهم) ، أَي: بالثمانية الْمَذْكُورين. قَوْله: (فأحميت) ، كَذَا وَقع من الإحماء مزِيد الثلاثي وَهُوَ الصَّوَاب فِي اللُّغَة، فَلَا يُقَال: فحميت من الثلاثي. قَوْله: (بِالْحرَّةِ) ، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء مَوضِع بِالْمَدِينَةِ، وَقد مر غير مرّة. قَوْله: (قَالَ أَبُو قلَابَة) ، هُوَ الرَّاوِي الْمَذْكُور. قَوْله: (سرقوا) ، لم يكن هَذَا سَرقَة إِنَّمَا كَانَ حرابة، وَهَذَا ظَاهر لَا يخفى.

٣٥١ - (بَاب)

كَذَا وَقع بِغَيْر تَرْجَمَة، وَهُوَ كالفصل من الْبَاب الَّذِي قبله، وَقد مر نَحْو هَذَا كثيرا، وَهُوَ غير مُعرب لِأَن الْإِعْرَاب لَا يكون إلَاّ بالتركيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>