حَتَّى سترت جَمِيع بدنه وَزِيَادَة، وَمثل الْبَخِيل كَرجل يَده مغلولة إِلَى عُنُقه مُلَازمَة لتر قوته، وَصَارَت الدرْع ثقلاً ووبالاً عَلَيْهِ لَا يَتَّسِع بل تنزوي عَلَيْهِ من غير وقاية لَهُ. قَوْله: (عَلَيْهِمَا جبتان) بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة تَثْنِيَة جُبَّة. قَوْله: (إِلَى ثديهما) بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَكسر الدَّال الْمُهْملَة جمع ثدي، والثدي يذكر وَيُؤَنث، وَهُوَ للْمَرْأَة وَالرجل وَالْجمع أثد وثدي على فعول وثدي أَيْضا بِكَسْر الثَّاء لما بعْدهَا من الْكسر. قَوْله: (وتراقيهما) تَثْنِيَة ترقوة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الرَّاء وَضم الْقَاف، وَهِي الْعظم الَّذِي بَين ثغرة النَّحْر والعاتق. قَوْله: (حَتَّى تغشى) أَي: حَتَّى تغطي أنامله، وَهِي رُؤُوس الْأَصَابِع وَاحِدهَا أُنملة، وفيهَا تسع لُغَات بِتَثْلِيث الْهمزَة مَعَ تثليث الْمِيم. قَوْله: (وَتَعْفُو أَثَره) أَي: تمحو آثَار مشْيَة لسبوغها وطولها وإسبال ذيلها. قَوْله: (قلصت) بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْملَة، أَي: تَأَخَّرت وانضمت وانزوت. قَوْله: (كل حَلقَة) بِسُكُون اللَّام وَكَذَا حَلقَة الْبَاب وَالْقَوْم وَجَمعهَا حلق على غير قِيَاس، يَعْنِي: بِفَتْح اللَّام وَحكى عَن أبي عَمْرو: أَن الْوَاحِد حَلقَة بِالتَّحْرِيكِ وَالْجمع حلق بِالْفَتْح، وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ: لَيْسَ فِي الْكَلَام حَلقَة بِالتَّحْرِيكِ إلَاّ جمع حالق. قَوْله: (يَقُول بإصبعه هَكَذَا فِي جيبه) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده: جبته، بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا تَاء مثناة من فَوق ثمَّ ضمير، وَالْأول أولى لموافقته للتَّرْجَمَة وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم، وَعَلِيهِ اقْتصر الْحميدِي. وَفِيه: دلَالَة على أَن جيبه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِي صَدره لِأَنَّهُ لَو كَانَ فِي يَده لم تضطر يَدَاهُ إِلَى ثدييه وتراقيه. قَوْله: (فَلَو رَأَيْته) جَوَابه مَحْذُوف نَحْو: لتعجبت مِنْهُ، أَو: هُوَ لِلتَّمَنِّي فَلَا يحْتَاج إِلَى جَوَاب. قَوْله: (يوسعها) أَي: يُوسع الْبَخِيل الْجُبَّة الَّتِي عَلَيْهِ يَعْنِي: كلما يعالج أَن يوسعها فَلَا تتوسع بل تزداد ضيقا ولزاماً.
تابَعَهُ ابنُ طاوُوس عنْ أبِيهِ وأبُو الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ فِي الجُبَّتَيْنِ. وَقَالَ حَنْظَلَة: سَمِعْتُ طاوُوساً سمِعتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: جُبَّتانِ، وَقَالَ جَعْفَرٌ عنِ الأعْرَجِ: جُنَّتانِ.
أَي: تَابع الْحسن بن مُسلم ابْن طَاوُوس يَعْنِي عبد الله عَن أَبِيه طَاوُوس عَن أبي هُرَيْرَة فِي رِوَايَته: جبتان، بِالْجِيم وَالْبَاء الْمُوَحدَة. وَأخرج البُخَارِيّ هَذِه الْمُتَابَعَة مُسندَة فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب مثل الْمُتَصَدّق والبخيل، رَوَاهُ عَن مُوسَى عَن وهيب عَن ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة ... الحَدِيث، وَفِيه: جبتان، بِالْبَاء الْمُوَحدَة الْمُشَدّدَة. قَوْله: (وَأَبُو الزِّنَاد) أَي: وَتَابعه أَيْضا أَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج، وَأخرج هَذِه الْمُتَابَعَة أَيْضا فِي الْبَاب الْمَذْكُور عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن أبي الزِّنَاد عَن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة. وَفِيه أَيْضا: جبتان، بِالْبَاء الْمُوَحدَة. قَوْله: (وَقَالَ حَنْظَلَة) هُوَ ابْن أبي سُفْيَان إِلَى آخِره ... وَفِيه أَيْضا: جبتان، بِالْبَاء الْمُوَحدَة، وَقد مر فِي الزَّكَاة أَيْضا قَوْله: (وَقَالَ جَعْفَر عَن الْأَعْرَج: جنتان) أَي: قَالَ جَعْفَر بن ربيعَة عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج: جنتان، بالنُّون تَثْنِيَة جنَّة، وَهِي الْوِقَايَة هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: جَعْفَر بن ربيعَة، وَهُوَ الصَّوَاب، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر: جَعْفَر بن حَيَّان، وَكَذَا وَقع عِنْد ابْن بطال، وَهُوَ خطأ وَقد ذكرهَا فِي الزَّكَاة، وَقَالَ اللَّيْث: حَدثنِي جَعْفَر عَن ابْن هُرْمُز سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: جنتان.
١٠ - (بابُ مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ من لببس جُبَّة، وَقد ترْجم فِي كتاب الصَّلَاة بقوله: الصَّلَاة فِي الْجُبَّة الشامية، وَفِي الْجِهَاد: الْجُبَّة فِي السّفر وَالْحَرب.
٥٧٩٨ - حدّثنا قَيْسُ بنُ حَفْصٍ حدَّثنا عبْدُ الوَاحِدِ حدَّثنا الأعْمَشُ، قَالَ: حدّثني أبُو الضُّحَى قَالَ حدّثني مَسْرُوقٌ قَالَ: حدّثني المُغِيرَةُ بنُ شُعْبَةَ قَالَ: انْطلَقَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِحاجَتِهِ ثُمَّ أقْبَلَ فَتَلقَّيْتُهُ بِماءٍ فَتَوَضَّأ وعليْهِ جُبَّةٌ شأْمِيَّةٌ، فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ وغَسَلَ وجْهَهُ، فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ فَكانا ضَيِّقَيْنِ، فأخرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الجُبَّةِ فَغَسَلَهُما ومَسَحَ برَأسِهِ وعَلى خُفَّيْهِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَقيس بن حَفْص الدَّارمِيّ الْبَصْرِيّ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، مَاتَ سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute