سعد الْأنْصَارِيّ والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَغَيره قَوْله فِي تراحمهم من بَاب التفاعل الَّذِي يَسْتَدْعِي اشْتِرَاك الْجَمَاعَة فِي أصل الْفِعْل قَوْله وتوادهم أَصله تواددهم فأدغمت الدَّال فِي الدَّال من الْمَوَدَّة وَهِي الْمحبَّة قَوْله وتعاطفهم كَذَلِك من بَاب التفاعل أَيْضا قيل هَذِه الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة مُتَقَارِبَة فِي الْمَعْنى لَكِن بَينهَا فرق لطيف أما التراحم فَالْمُرَاد بِهِ أَن يرحم بَعضهم بَعْضًا بأخوة الْإِيمَان لَا بِسَبَب شَيْء آخر وَأما التوادد فَالْمُرَاد بِهِ التواصل الجالب للمحبة كالتزاور والتهادي وَأما التعاطف فَالْمُرَاد بِهِ إِعَانَة بَعضهم بَعْضًا كَمَا يعْطف طرف الثَّوْب عَلَيْهِ ليقويه قَوْله كَمثل الْجَسَد أَي بِالنِّسْبَةِ إِلَى جَمِيع أَعْضَائِهِ وَوجه التَّشْبِيه التوافق فِي التَّعَب والراحة قَوْله " تداعى " أَي دَعَا بعضه بَعْضًا إِلَى الْمُشَاركَة فِي الْأَلَم وَمِنْه قَوْلهم تداعت الْحِيطَان أَي تساقطت أَو كَادَت أَن تتساقط قَوْله بالسهر والحمى أما السهر فَلِأَن الْأَلَم يمْنَع النّوم وَأما الْحمى فَلِأَن فقد النّوم يثيرها وَقَالَ الْكرْمَانِي الْحمى حرارة غَرِيبَة تشتعل فِي الْقلب وتنبث مِنْهُ فِي جَمِيع الْبدن فيشتعل اشتعالا مضرا بالأفعال الطبيعية وَفِيه تَعْظِيم حُقُوق الْمُسلمين والحض على معاونتهم وملاطفة بَعضهم بَعْضًا -
٦٠١٢ - حدَّثنا أبُو الوليدِ حَدثنَا أبُو عَوانَةَ عَنْ قَتاده عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ غَرَسَ غَرْساً فأكَلَ مِنْهُ إنْسانٌ أوْ دَابَّةٌ إلَاّ كانَ لَهُ صَدَفَةً. (انْظُر الحَدِيث ٢٣٢٠) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِي غرس الْمُسلم الَّذِي يَأْكُل مِنْهُ الْإِنْسَان وَالْحَيَوَان فِيهِ معنى التَّرْجَمَة والتعطف عَلَيْهِم لِأَن حَال الْمُسلم يدل على أَنه يقْصد ذَلِك وَقت غرسه.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وبالنون بعد الْألف اسْمه الوضاح الْيَشْكُرِي.
والْحَدِيث مضى فِي الْمُزَارعَة عَن قُتَيْبَة وَعبد الرَّحْمَن بن الْمُبَارك.
قَوْله: (أَو دَابَّة) إِن كَانَ المُرَاد بِهِ من يدب على الأَرْض فَهُوَ من عطف الْعَام على الْخَاص، وَإِن كَانَ المُرَاد الدَّابَّة الْعُرْفِيَّة فَهُوَ من بَاب عطف الْجِنْس على الْجِنْس، وَقَالَ بَعضهم: وَهُوَ الظَّاهِر هُنَا. قلت: الظَّاهِر هُوَ الأول للْعُمُوم الدَّال على سَائِر الْأَجْنَاس فَتدخل جَمِيع الْبَهَائِم وَغَيرهَا فِي هَذَا الْمَعْنى، وَفِي معنى ذَلِك التَّخْفِيف عَن الدَّوَابّ فِي أحمالها وتكليفها مَا تطِيق حمله، فَذَلِك من رحمتها وَالْإِحْسَان إِلَيْهَا، وَمن ذَلِك ترك التَّعَدِّي فِي ضربهَا وأذاها وتسخيرها فِي اللَّيْل، وَقد نهينَا فِي العبيد أَن نكلفهم الْخدمَة لَيْلًا فَإِن لَهُم اللَّيْل ولمواليهم النَّهَار.
٦٠١٣ - حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا أبي حَدثنَا الأعْمَشُ قَالَ: حدّثني زَيْدُ بنُ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بنَ عبدِ الله عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمُ. (انْظُر الحَدِيث ٦٠١٣ طرفه فِي: ٧٣٧٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (من لَا يرحم لَا يرحم) وَعمر بن حَفْص يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان وَزيد بن وهب أَبُو سُلَيْمَان الهدماني وَهَؤُلَاء كلهم كوفيون.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن مُحَمَّد ابْن سَلام. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.
قَوْله: (من لَا يرحم) بِفَتْح الْيَاء وَقَوله: (لَا يرحم) بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَجْهُول وَلَفظ مُسلم: من لَا يرحم النَّاس لَا يرحمه الله، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ: من لَا يرحم مَنْ فِي الأَرْض لَا يرحمه مَن فِي السَّمَاء، وَفِي لفظ للطبراني فِي (الْأَوْسَط) : من لم يرحم الْمُسلمين لم يرحمه الله، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الله بن عمر وبلفظ: الراحمون يرحمهم الرَّحْمَن، ارحموا من فِي الأَرْض يَرْحَمكُمْ من فِي السَّمَاء، وَيجوز فِي: (من لَا يرحم لَا يرحم) الرّفْع وبالجزم، قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: أما الرّفْع فعلى كَون: من، مَوْصُولَة على معنى: الَّذِي لَا يرحم لَا يرحم، وَأما الْجَزْم فعلى كَون: من، متضمنة معنى الشَّرْط فتجزم الَّذِي دخلت عَلَيْهِ وَجَوَابه، وَفِي إِطْلَاق رَحْمَة الْعباد فِي مُقَابلَة رَحْمَة الله نوع مشاكلة.
٢٨ - (بَاب الوصاءَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الوصاءة، بِفَتْح الْوَاو وَتَخْفِيف الصَّاد الْمُهْملَة وَالْمدّ والهمزة أَي: الْوَصِيَّة، ويروي: الْوِصَايَة بِالْيَاءِ